شفق نيوز/ مع الارتفاع الجنوني لأسعار الذهب في العراق، حيث بلغ 690 ألف دينار للمثقال الواحد عيار 21، يلاحظ انخفاض الإقبال على شراء هذا المعدن الأصفر من قبل المقبلين على الزواج وتأجيل هذه الخطوة على أمل انخفاضه مستقبلاً، ما انعكس على الأسواق فيما عمدت بعض المحلات الكبيرة إلى تقليص أعداد العاملين لديها نتيجة قلة الإقبال.

وفي ظل هذا الارتفاع والمتوقع استمراره وربما بلوغه 700 ألف دينار للمثقال الواحد، تصاعدت الدعوات إلى تسهيل متطلبات الزواج وتقليل المهور مراعاة للظروف الحالية، فضلاً عن إطلاق الحكومة قروض استهلاكية لشراء الذهب مشابهة لقروض الزواج، في سبيل إعانة الشباب للدخول في القفص الذهبي.

ويقول محمد مرزة، وهو صاحب محل مجوهرات في بغداد، إن "مثقال الذهب عيار 21 يباع حالياً بـ 690 ألف دينار، ومن المتوقع أن يصل إلى 700 ألف دينار، لذلك البعض يلجأ حالياً إلى شرائه على اعتباره ملاذاً آمناً للاستثمار فيه، أما مثقال الذهب عيار 18 فهو يباع بـ 590 ألف دينار".

ويشير مرزة خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "أسعار الذهب تتعلق بالاقتصاد العالمي، وبما أن أسعاره حالياً مرتفعة، فقد أدى هذا إلى تراجع الطلب عليه من قبل المقبلين على الزواج من الطبقة المتوسطة، فبعد أن كانت 5 ملايين دينار تكفي لشراء 10 مثاقيل، حالياً هذا المبلغ يكفي لشراء 7 مثاقيل فقط".

وهذا ما يؤكد عليه أيضاً صاحب محل مجوهرات، وهو ماهر محمد في بغداد، حيث يقول إن "الكثير من المقبلين على الزواج يلاحظ أنهم قرروا تأجيل هذه الخطوة حالياً بسبب صعود الذهب، ما تسبب بتراجع الإقبال على الأسواق، وهذا دفع بعض المحلات الكبيرة إلى تقليص كوادرها وتسريح بعض عمالها".

ويوضح محمد لوكالة شفق نيوز، أن "ما يلاحظ للراغبين بالزواج من الطبقة المتوسطة، هو اقتصار الشراء على قلادة خفيفة وقرط وحلقة فقط، وربما الاستغناء عن بعضها أيضاً، حيث من كان في حسابه شراء الذهب بقيمة 3 ملايين دينار، حالياً الكمية نفسها وصل سعرها إلى حدود الضعف".  

ونتيجة لهذا الارتفاع في أسعار الذهب، تصاعدت الدعوات لتسهيل متطلبات الزواج وتقليل المهور، فيما تذهب المواطنة، أم حسن، من محافظة كربلاء، إلى اقتراح "تحديد قيمة محددة للذهب لتيسير الأمور للشباب المقبلين على الزواج"، معللة ذلك إلى أن "طقم الذهب يكلف على أقل تقدير 4 ملايين دينار، وهذا المبلغ يفوق قدرة الموظفين قبل العاملين بأجور يومية وغيرهم".

وتشير السيدة خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، إلى أن "الزواج لا يقتصر على الذهب، بل هناك تجهيزات أخرى من الأثاث والملابس وغرفة النوم ومتطلبات كثيرة، لذلك يراد من الشاب بحدود 25 مليون دينار على أقل تقدير ليتمكن من الزواج".

وما يتطلب الاتفاق على جميع تلك التكاليف بين الطرفين المقبلين على الزواج، حيث أن العقد شريطة المتعاقدين، "لكن عادة عند الخطوبة لا يُشترط على وزن معين للذهب، وإنما على مبلغ مالي للحاضر وللغائب، ويتقسم هذا المبلغ ليكون جزءاً منه للذهب، والحاضر تملكه الزوجة من خلال الذهب والأثاث وما إلى ذلك وفق الشرع"، بحسب الباحث والمفكر الإسلامي، حيدر التميمي.

ويؤكد التميمي لوكالة شفق نيوز، أن "السائد في مهر الزوجة في العراق لا يقل عن 5 ملايين دينار حاضر ومثلها غائب، أو 10 ملايين حاضر ومثلها غائب، ومع ارتفاع قيمة الذهب، سيؤدي هذا إلى شراء قطع قليلة، ما قد يلجأ البعض إلى رفع المهور نتيجة لغلاء الذهب".  

ومع هذه التكاليف وارتفاع أسعار الذهب، يشدد الخبير الاقتصادي، كريم الحلو، على أهمية "إعانة الشباب من أجل الزواج، من خلال طرح الحكومة قروض استهلاكية بحدود 5 إلى 10 ملايين دينار لشراء الذهب كما في قرض الزواج البالغ 3 ملايين دينار، وتكون هذه القروض بلا أرباح وتُصرف بطريقة شفافة بإحضار عقد الزواج ويتم تقسيطها شهرياً حسب إمكانية المتزوج".

وعن أسباب صعود أسعار الذهب يعزو الحلو خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، ذلك إلى أن "مجموعة دول (بريكس) قررت بيع سندات الحكومة الأمريكية وشراء مقابلها الذهب، فضلاً عن دخول هذا المعدن الأصفر في الصناعات الإلكترونية، ما زاد الطلب عليه، وبالتالي ارتفعت أسعاره".

ويتابع، "كما أن فرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الرسوم الكمركية على الذهب زاد الضغط عليه، ومع تراجع الدولار ارتفع الذهب أيضاً، حيث هناك علاقة عكسية للذهب مع الدولار، فكلما ينخفض الدولار يرتفع الذهب، والعكس صحيح، لذلك هو حالياً في حالة صعود في ظل الصراع الأمريكي مع الدول الأوروبية وكندا وخاصة مع الصين".