شفق نيوز/ تساءل "معهد الشرق الاوسط" الامريكي عما قد يعنيه "زواج المصلحة" المتمثل بـ"التحالف العسكري" الناشئ بين دول عربية واسرائيل، بالنسبة الى ايران، معتبراً أنه يمثل "تهديداً وجودياً" بالنسبة إلى الايرانيين، إلا أن سياستهم الخارجية المتعبة حتى الآن من غير المرجح ان تتغير.
وذكّر التقرير بتصريحات أدلى بها مؤخراً رئيس اركان الجيش الاسرائيلي افيف كوخافي حول الاستعداد لعملية عسكرية محتملة، مما ينذر بالقيام بخطوة محتملة ضد ايران، وذلك في موقف جاء بعد ايام على اجتماع في النقب ضم اسرائيل ووزراء خارجية اربع دول عربية هي المغرب ومصر والامارات والبحرين، بالاضافة وزير الخارجية الامريكي انطوني بلينكين، من اجل وضع الاسس لتحالف عسكري استراتيجي هدفه ردع "ايران والميليشيات المرتبطة بها"، بحسب ما قاله وزير الخارجية الاسرائيلي يائير لبيد.
واشار التقرير الذي نشره المعهد الامريكي باللغة الانكليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن الصراع بين ايران والدول الاخرى في المنطقة، بما في ذلك اسرائيل، ممتد على مدى اربعة عقود، حيث بدات معركة الهيمنة في الشرق الاوسط العام 1979 مع الثورة الاسلامية في ايران، واعلان المرشد الاعلى السابق اية الله الخميني، بدء حملة تصدير الثورة وتعبئة الجماهير من اجل انتصار القيم الاسلامية مقابل الفساد والقمع والنفوذ الغربي.
وذكر التقرير بتصريح لاول رئيس للجمهورية الاسلامية ابو الحسن بني صدر، قال فيه إن "ثورتنا لن تنتصر ما لم يتم تصديرها"، واقامة نظام جديد لا وجود للمحرومين فيه، وهي رؤية كانت بمثابة غلاق خارجي لجهود ايران تعزيز طموحاتها الايديولوجية والجيوسياسية والاقتصادية.
وتابع التقرير، أنه ردا على التوسع الايراني، شكلت الدول الخليجية، المملكة السعودية ودولة الامارات والكويت وسلطنة عمان والبحرين وقطر، مجلس التعاون الخليجي في العام 1981، كما قدمت السعودية والكويت الى جانب دول الخليج الاخرى، الدعم لصدام حسين في العراق في غزوه لايران في اواخر العام 1980، مما ادى الى مزيد من الافتراق بين الدول العربية وايران.
واعتبر التقرير انه بالنسبة الى الصراع الاقليمي المتنامي، فان ايران نجحت في ابقائه خارج حدودها، من خلال انشاء وكلاء في دولة ضعيفة تقيع بينها وبين منافسيها، واتهمت ايران بالتدخل في شؤون لبنان وسوريا والعراق واليمن ودعم الاطراف المؤيدة لايران على الفوز بالسلطة او الاحتفاظ بالسلطة.
ولهذا، فأن النتيجة كانت "تقويض النظام الاقليمي والشرق الاوسط صار الان موطنا للعديد من الدول الفاشلة، والحروب الاهلية، والازمات الانسانية الكبرى".
إلا أنه بالاضافة الى ذلك، يقول التقرير ان "التوسع الايراني دفع الدول العربية واسرائيل الى التقارب بين بعضهما البعض، بداية بشكل بطيء وبسرعة اكبر في السنوات الاخيرة".
وأشار التقرير الى ان ايران "تمثل ايران تهديدا عسكريا كبيرا، حيث تخطت قدرات طهران الصاروخية والطائرات المسيرة، قدرات جميع خصومها الاقليميين تقريبا، مما عزز تفوقها الجوي بشكل كبير"، مذكرا بان القائد السابق للقيادة المركزية الامريكية الجنرال كينيث ماكنزي سبق له ان حذر من ان الولايات المتحدة بسبب برنامج الطائرات المسيرة الايراني، فانها "تعمل بدون تفوق جوي كامل" للمرة الاولى منذ الحرب الكورية.
واعتبر التقرير ان اسرائيل خلال السنوات الماضية، وخاصة منذ توقيع اتفاقيات ابراهيم في اواخر العام 2020، برهنت على انها حليف للدول العربية التي تواجه تهديدا ايرانيا، مذكرا بان اسرائيل نفذت هجوما مدمرا في منتصف شهر شباط/فبراير العام 2022، على قاعدة جوية في ايران، ودمرت المئات من الطائرات المسيرة.
وبعدما ذكر التقرير بان صحيفة "تايمز اوف اسرائيل" تحدثت عن تعاون اسرائيلي مع حلفاء الشرق الاوسط لاقامة "نظام دفاع مشترك" لمواجهة الصواريخ والطائرات المسيرة الايرانية، اوضح التقرير ان ادارة دونالد ترامب اقترحت اقامة تحالف استراتيجي للشرق الاوسط على غرار "حلف الناتو".
وأشار التقرير إلى الهجمات من وكلاء ايران على السعودية بما في ذلك منشآت الطاقة والنفط، وان الزعيم الايراني علي خامنئي علق في العام 2018، على احتمال التحالف بين اسرائيل ودول عربية متهما القادة السعوديين بخيانة العالم الاسلامي لتعاونهم مع اسرائيل والولايات المتحدة، فيما اكد خامنئي ان اسرائيل لن تكون موجودة بعد 25 سنة.
ولفت الى ان اي باسرائيل سيضع الدولة العربية المعنية في مأزق امام قوات الحرس الثوري الايراني، مذكرا بتصريح للقائد العام للحرس حسين سلامي ان الحلف العربي الاسرائيلي الجديد يمثل تهديدا مباشرا لانه يهدف الى انشاء نظام اقليمي جديد، ولانه للمرة الاولى سيمنح اسرائيل موطئ قدم في الخليج، داعيا دول مجلس التعاون الخليجي الى مراجعة تحالفهم هذا ومحذرا من ان التعاون مع اسرائيل سيتسبب بعواقب وخيمة.
وختم التقرير بالقول انه برغم "ان التحالف العربي الاسرائيلي يشكل تهديدا وجوديا للنظام الايراني، الا انه من غير المرجح ان يتخلى النظام عن ايديولوجياته، لان اقدامه على ذلك من شانه نزع الشرعية عن قضيته".
ولفت التقرير الى ان الرئيس الاسبق حسن روحاني طرح في العام 2019 ، خطة لتحقيق الامن والسلام والاستقرار في الخليج العربي، مضيفا انه "لسوء الحظ، فان هذا التحالف لم يكتسب الزخم بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتعزز انعدام الثقة بين الطرفين، وانه منذ ذلك الحين لم تفعل ايران الكثير لاستعادة الثقة، بل وضاعفت من سياساتها العدائية".
وخلص التقرير الى القول بان لهجة خامنئي وسلامى تشير الى ان السياسة الخارجية المستقبلية لايران ستكون متشابهة، وانه في حال استمر خامنئي والحرس الثوري والميليشيات المرتبطة بها، في تقويض جهود وزارة الخارجية الايرانية لتحسين العلاقات مع دول الجوار، فان ايران ستبقى معزولة ومحاطة بالاعداء". وختم بالقول ان من المفارقات ان السياسة الخارجية لايران هي التي تقوم بتغذية التحالف بين الخصوم الاقليميين، مضيفا ان "خطاب ايران التحريضي وتدخلها العنيف، فرض قيام زواج مصلحة بين اسرائيل والدول العربية والذي ربما لولا ذلك، لم يكن ليحدث".