شفق نيوز/ أثار انتشار القوات الأمنية في بغداد والقيام بما يعرف بـ "المرابطات" التي استخدمت عام 2014، لضبط الأمن بعد محاولات استهداف مطاعم ومنشآت خلال الأيام القليلة الماضية - يبرر مستهدفوها تبعيتها للجانب الأمريكي - أو ممولة منه في ظل الحرب في غزة ودعم واشنطن لتل أبيب، أثار حفيظة مواطنين وتخوف آخرين من خلخلة الأوضاع بعد هدوء محسوس عاشوه على مدار نحو عامين.
كاميرا وكالة شفق نيوز، تجولت في عدد من مناطق بغداد منها مدينة الصدر وشارع فلسطين شرقي العاصمة، والباب الشرقي والمناطق القريبة منه، والجادرية والسيدية جنوباً، ووثقت حضوراً أمنياً مكثفاً على مدار اليوم، تبلغ ذروته في ساعات المساء، حيث تزداد نسب الاستهداف.
تخوف من القادم
محمد حسين (سائق تاكسي) تحدث للوكالة: "بغداد بدأت تختنق امنياً بسبب الانتشار المكثف للقوات الأمنية ومحاولتها تحديد مسارات الشارع ونشر عدد من الشواخص في الشوارع للسيطرة على حركة العجلات المارة".
وأضاف حسين، وهو يعبر قناة الجيش بين مدينة الصدر وشارع فلسطين وينظر إلى عجلات أمنية تراقب حركة السير أن "استهداف المطاعم قد يزيد الوضع الأمني سوءاً وهو ما لا نريده خصوصا مع دخولنا فصل الصيف وحركة الناس وحبها للسهر في المطاعم والكافيهات".
المناطق الراقية
في شارع الجادرية وسط بغداد تنتشر عدد من العجلات الامنية قرب جامعة بغداد، اكبر جامعة عراقية، وعدد من المطاعم والمحال المعروفة في قلب العاصمة بينها مطاعم تحمل اسماء الوجبات السريعة الأمريكية، وهو غاية مستهدفي (المصالح الأمريكية) في بغداد، وتحتاط القوات الامنية لمنع اي استهداف او تجمعات قرب هذه الاماكن مع حرصها على الامن والنظام.
وبهذا الصدد، ذكرت دعاء سعد، وهي موظفة حكومية وتسكن منطقة الكرادة، ومكان عملها في الجادرية، ان "التخوف يأتي من استهداف هذه الاماكن وربما يلجأ الارهاب المتمثل بعناصر داعش الى محاولة استغلال هذه الاوضاع وارباك المشهد الامني بعد فترة الهدوء التي شهدناها سابقا".
وأضافت في حديث لوكالة شفق نيوز أن "اسرتي باتت تتجنب الخروج مساءً خصوصا للمطاعم او الكافيهات القريبة والتي لا يحمل بعضها حتى اسماء اجنبية وذلك تخوفاَ من اي طارئ رغم ايماننا وثقتنا بالقوات الامنية التي تحرص على سلامة المواطنين من اي اذى".
من جهته يطالب مهند علي، مواطن، بما يسميه "ضرورة عدم استهداف أو ضرب اي مكان في العاصمة يحمل إسماً اجنبياً".
وبحسب علي، فإن "ليس كل مكان يحمل اسماً اجنبياَ فهو امريكي او ممول من واشنطن، بل انها استثمارات بعيدة عن مصادر القرار والسياسة وجدت في بغداد بيئة صالحة للاستثمار وحب العراقيين للطعام وتجربة المطاعم العالمية والوجبات السريعة فاستثمرت في هذا المجال".
أصحاب المصالح
وفي ظل الانتشار الامني، أبدى عامر ابراهيم (اسم مستعار)، صاحب إحدى مكاتب الصيرفة في بغداد تخوفه من "استهداف مكاتب الصيرفة أو شركات وأماكن بعيدة عن الاهداف المقصودة في ظل حملة الاستهدافات الحالية، طالما ان الذين يقومون بهذه الاستهدافات مجهولي الهوية، ولا يعلنون عن أنفسهم رسمياً".
وطالب الرجل بـ"ضرورة الحفاظ على المصالح العامة والخاصة لان هناك من يحاول استغلال اي ثغرة امنية للسرقة وتحقيق مآرب خاصة".
كشف "المخفي"
وكانت كتلة "امتداد" النيابية أكدت، امس الثلاثاء، إن الحكومة العراقية "تخشى" الكشف عن هوية الجهات المتورطة باستهداف بعض المطاعم والشركات في العاصمة بغداد تحت غطاء "مقاطعة المنتجات الأمريكية"، محذرة من أن هناك "انفلاتاً أمنياً خطيراً" ستنعكس تداعياته على مختلف القطاعات.
وقال النائب عن الكتلة كاظم الفياض، لوكالة شفق نيوز، إن "استمرار استهداف بعض المطاعم في العاصمة العراقية بغداد، يدل على الانفلات الأمني، وبالتأكيد هناك أطراف خارجية وداخلية تريد زعزعة الأمن والاستقرار في بغداد".
وأضاف "نعتقد هناك خشية حكومية في كشف الجهات المتورطة بعمليات استهداف المطاعم في بغداد، خاصة وأن هناك معتقلين لدى القوات الأمنية من قبل تلك الجهات، لكن لغاية الآن لم يتم كشف أي تفاصيل".
ومساء يوم أمس الأول الاثنين، أفاد مصدر أمني بحصول توتر أمني في شارع فلسطين شرقي العاصمة بغداد.
وقال المصدر لوكالة شفق نيوز، إن "توتراً أمنياً حصل ضمن منطقة شارع فلسطين، بعد خروج مجاميع تحاول إغلاق مطاعم أمريكية في المنطقة المذكورة"، مشيراً إلى أن "القوات الأمنية أطلقت النار في الفضاء في محاولة لإبعاد المجاميع التي هاجمت مطعمين اثنين وقامت بتكسير الأثاث".
وبالعودة إلى النائب الفياض، فقد شدد على أن "هذه الفوضى الأمنية لها تداعيات خطيرة، فالأمن يؤثر على كل مفاصل الحياة".
وطالب الأجهزة الأمنية بأن "تتخذ دورها في التصدي لهذه الأطراف والكشف عنها ومنع هكذا عمليات قد تكون لها تداعيات خطيرة على الوضع الأمني والاقتصادي والاستثماري وحتى الاجتماعي".
وفي وقت سابق اليوم، كشفت وزارة الداخلية العراقية عن إلقاء القبض على متهمين بمهاجمة المطاعم في العاصمة بغداد وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، مبينة أن بعض المتهمين ينتمون إلى جهاز أمني وشاركوا في الأعمال "التخريبية" بحجة استهداف المصالح الأمريكية.
وقالت الوزارة في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، إنه "خلال الأيام 26 و27 و30 من شهر آيار/ مايو الماضي حصلت حوادث تخريب ورمي عبوات محلية الصنع في بغداد طالت كلاً من: مطعم KFC، ومطعم جلي هاوس ليز، ومعهد كامبرج ضمن منطقة شارع فلسطين، ومطعم KFC، وشركة كتربلر في منطقة الجادرية بالكرادة، من قبل أشخاص يستقلون سبع عجلات ودراجة نارية".
ووفق الوزارة، فإن عملية نوعية نتج عنها القبض على عدد من المتهمين الذين اعترفوا خلال التحقيق بقيامهم بالاشتراك مع مجموعة من المتهمين الهاربين بأعمال التخريب أعلاه"، مشيرة إلى أنه "قد صدرت مذكرات قبض قضائية بحق متهمين آخرين، وستتم متابعة باقي المطلوبين من قبل أجهزة وزارة الداخلية وباقي الأجهزة الأمنية الأخرى".
واختتمت الداخلية بالقول إن "بعضهم للأسف ينتمي إلى أحد الأجهزة الأمنية، وأن قيامهم بالأعمال آنفاً بحجة الإضرار بالمصالح الأمريكية، حيث تم توقيفهم أصولياً بغية إحالتهم إلى المحاكم المختصة".
وبحسب مصدر أمني فقد كشف لوكالة شفق نيوز عن 8 هجمات ومحاولات تدمير طالت مطاعم ومنشآت أمريكية وبريطانية في العاصمة بغداد، حتى أن إحدى الأماكن المستهدفة كانت عراقية لكن المهاجمين كانوا يعتقدون انها أمريكية، وتم التعامل معهم، اذ تم اعتقال 7 أشخاص والبقية لاذوا بالفرار الى جهة مجهولة".
وأضاف المصدر أن "في محافظة البصرة، خرجت تظاهرة قرب أحد المطاعم للوجبات السريعة تطالب بإغلاق المطاعم الممولة أمريكيا بحسب المتظاهرين".
استهداف المطاعم "إرهاب"
وبحسب المصدر ذاته فإن "وزير الداخلية وجه بانتشار القوات الأمنية ونصب السيطرات المفاجئة الى اجل غير مسمى، وهو ضمن السياقات الأمنية حالة شبه انذار، عبر الدوريات الجوالة والانتشار الأمني وتفتيش العجلات، اذ يمنع تجوال أي عجلة او دراجة لا تحمل أرقاما".
وأوضح المصدر أن "رئيس الوزراء وجه بانتشار جهاز مكافحة الإرهاب في مناطق الكرادة ومقتربات شارع فلسطين، وهذا يدل على خطورة الوضع داخل بغداد بسبب هذه الاستهدافات، وهو ما يعني ان التعامل يكون مع مجاميع إرهابية"، مبينا أن "فوج طوارئ بغداد السادس التابع لقيادة شرطة بغداد تم سحبه من شارع فلسطين وتم إحلال فوج المهمات الخاصة في الشرطة الاتحادية ضمن المنطقة ذاتها".
وبين ان "التهديدات مستمرة باستهداف المطاعم والشركات وتصل الى القوات الأمنية، لكن التشديد الأمني وصل الى اعلى مستوياته وكل مطعم او وكالة أمريكية تجد امامها عجلتين من شرطة النجدة".