شفق نيوز/ للسنة التاسعة على التوالي، يمر شهر رمضان على النازحين في المحافظات المحررة، وخاصة نازحي محافظة الانبار، وتحديداً مخيمات العامرية وبزيبز، وهم داخل خيام متهرئة، نتيجة عوامل عدة، عجزت الجهات المعنية عن حلها.
ومن ابرز تلك العوامل هي المشاكل العشائرية بين عوائل ضحايا داعش وبين المتورطين بالانضمام بصفوف التنظيم، فضلاً على عدم صرف تعويضات اصحاب الدور المتضررة نتيجة الحرب ضد التنظيم.
ويقول الباحث بالشأن الاجتماعي في الأنبار، نبيل عزامي، لوكالة شفق نيوز، "منذ هجمة داعش على المحافظة عام 2014، والتي تسببت بنزوح العوائل من الانبار، وباقي المدن التي تعرضت لهجمة التنظيم، اصبح ملف المخيمات عبارة عن "مسلبة" تواجه الحكومات المحلية، حتى بعد تحرير كافة المدن العراقية من قبضة داعش منتصف تشرين عام 2017".
وأضاف، "بعد تحرير المدن العراقية من داعش، اعلنت الحكومات المحلية والاتحادية وكذلك وزارة الهجرة، عن اطلاق عملية لغلق المخيمات، وبالفعل تم غلق ما يقارب 70% منها".
واردف عزامي، "خلال انتخابات عام 2018، كانت ابرز وعود المرشحين، هي تصفير المخيمات واغلاقها بالكامل، ولاسيما تلك المتواجدة في الانبار، لكن هنالك جملة معوقات تحول دون ذلك، منها ملف الثارات والمشاكل العشائرية الحاصلة بين من لا يزالوا نازحين وبين البعض من سكان مناطقهم الاصلية"، مبيناً، أن "مشكلة الثارات العشائرية في الانبار، سابقة وكانت قبل ظهور داعش حتى، لكن الاخير عزز هذه الثارات وشق الصفوف بين افراد العائلة الواحدة، مما تسبب بعدم عودة الكثير من العوائل النازحة".
ولفت، إلى أن "واحدا من اهم معوقات غلق ملف النزوح، هو سوء الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للكثير من العوائل النازحة، وكذلك انعدام فرص العمل، خاصة وان غالبية هؤلاء من الكسبة، الذين كانوا سابقاً يعيشون داخل منازل مستأجرة، حتى باتوا يروا ان وجودهم في المخيم افضل من العيش على ارصفة الشوارع، مالم تتوفر لهم فرص عمل تمكنهم من دفع مبالغ منازلهم المستأجرة".
وتابع عزامي، أن "عدم صرف مبالغ التعويضات، لأصحاب الدور المتضررة جراء الحرب ضد داعش، يعد سبباً رئيسياً يحول دون عودة الكثيرين لمناطقهم، كونهم لا يملكوا القدرة على إعادة تأهيل او بناء منازلهم المدمرة".
واختتم، قائلاً، إن "مشكلة استثنائية تضاف إلى المشاكل الثلاث آنف الذكر، والمتعلقة بنازحي مناطق جرف الصخر والعويسات، والمرتبطة بجوانب امنية وسياسية، ومن المؤمل العمل على اعادتهم في الفترة القادمة".
ويشكو نازحو مخيمات الانبار من انعدام الدعم الحكومي لهم، مطالبين بحل جذري ينهي مشاكلهم ويمكنهم من العودة لمناطق سكناهم.
وتقول السيدة الهام نوري ( 41 سنة )، وهي نازحة من قضاء الفلوجة وتسكن مخيم العامرية، إنها "ام لخمسة اولاد، وواحد منهم خرج عن الطريق والتحق بداعش، فما ذنبنا اني واولادي الاربعة الاخرين، لندفع ثمن خطيئة ابننا ؟".
واضافت نوري، في حديث لها مع وكالة شفق نيوز، أن "منذ ابلاغنا بأن علينا التبرئة من ابني، قمنا فوراً بتنفيذ كافة الاجراءات، وعند ذهابنا الى مسكننا في الفلوجة، ومنذ اللحظة الاولى، تم طردنا وتهديدنا بالثأر منا في حال عودتنا مجدداً، دون اتخاذ اي اجراء للدفاع عنا او حمايتنا من قبل الحكومة المحلية او السلطات الامنية".
واستطردت، قائلة "على شيخ العشيرة او غيره من الذين صاروا يهددونا، ان يضع نفسه مكاننا، كيف يمكنه ان يعلم بأن ابنه سيذهب لينظم بصفوف داعش ، او ماذا كان ليفعل بعد ان علم بأن ابنه انظم بصفوفهم ؟".
واختتمت، بالقول "لو كان من هددنا او منعنا من العودة برجل، لما سمح ببقاء امرأة مع اطفالها بخيمة لتسع سنوات، لكنهم منعونا ليستحوذوا على منازلنا، والحكومة ساعدتهم على ذلك، حسبنا الله ونعم الوكيل".
أما اركان صالح ( 46 سنة ) وهو نازح من قضاء الحبانية، فيقول لوكالة شفق نيوز، "يريدون منا العودة لمنازلنا المدمرة، كي يقولوا بأنهم تمكنوا من غلق ملف النزوح، اي حكومة واي مسخرة هذه ؟".
وأضاف، "لا يمكن لأنسان ان يحتمل العيش داخل خيمة لأسبوع واحد، لكننا مجبرين على التحمل منذ تسع سنوات، فلم يعد لنا منزل لنعود اليه، فقد دمرته الحرب ضد داعش، ولم يتم تعويضنا بشيء مما خسرناه، لنتمكن من بناء منزلنا والعودة اليه".
وأشار صالح، إلى أن "الحكومة لا تعير اي اهمية لأمرنا، فقط مع اقتراب الانتخابات، تظهر مشاعرهم الجياشة، خاصة اذا اقتربت عدسة الكاميرا ممن يوزعون علينا الاغطية بفصل الصيف، وبعد انتهاء الانتخابات، تصبح الميزانية عاجزة، وغالبية النازحين من عوائل داعش، ومأساتنا هذه ستبقى وصمة عار على جبين السياسيين، وسيخلدها التأريخ"، بحسب تعبيره.
بدوره، يقول نائب محافظ الانبار للشؤون الادارية، جاسم الحلبوسي، إن "95 % من النازحين عادوا لمنازلهم، ولم يتبقَ سوى القليل لم يعودوا لأسباب مختلفة، كأن يكون الخوف من الثارات العشائرية بعد انضمام فرد من العائلة لعصابات داعش، أو الوضع الاقتصادي، ولا زلنا نعمل على حل تلك المعوقات".
وأشار إلى أن "تأخر صرف التعويضات أثر سلباً على عودة النازحين، لكن هذا الأمر هو خارج السيطرة، وموضوع كبير حتى على الدولة، كون الأنبار ليست المحافظة الوحيدة المستحقة للتعويضات، بل هناك محافظات أخرى متضررة".