شفق نيوز/ ما تزال الأمطار في العراق دون المستوى رغم الدخول في شهر كانون الأول الذي من المفترض تساقط أمطار غزيرة فيه، وهو ما ينذر بتضرر الزراعة الديمية وتأثر المحاصيل أبرزها الحنطة، فضلاً عن انخفاض الخزين المائي، فيما يتوقع مراقبون ظهور تداعيات هذا الشتاء الجاف بشكل جلي خلال موسم الصيف المقبل.
وعادة ما تبدأ الحالة المطرية في العراق، بحسب مدير إعلام هيئة الأنواء الجوية العراقية، عامر الجابري، من شهر تشرين الثاني وتكون خفيفة إلى متوسطة الشدة، وتزداد شدتها في شهر كانون الأول، لكن في الموسم الماضي تأخرت الأمطار الغزيرة إلى شهر شباط.
أما فيما يتعلق بهذا الموسم، أوضح الجابري لوكالة شفق نيوز، أنه "كانت هناك أمطاراً في شهر تشرين الثاني الماضي، لكنها لا تزال دون المستوى، وهذا يعود إلى ضعف منظومات الضغط الجوية، وفي حال تعمقها قد تزداد غزارة الأمطار، ونأمل تحسن مستوى تساقط الأمطار خلال الفترة المقبلة".
وكانت المخاوف من احتمالية مرور شتاء جاف على العراق تقلق الكثير من المراقبين، حيث قال الخبير المائي، عادل المختار، إنه "لطالما تم التحذير من احتمالية مرور شتاء جاف على العراق، وبضرورة عدم اعتماد الزراعة على الأمطار، لكن لم تكن هناك استجابة بسبب سوء الإدارة وعدم وجود سياسة مائية صحيحة".
ونبه المختار، خلال حديثه للوكالة، إلى عدم وجد أمطار لحد الآن، وحتى المطرة الأولية كانت على 4 محافظات ولم تحقق الرية الأولى بالكامل، وفي حال تأخرت الأمطار إلى شهر كانون الثاني فأن الزراعة الديمية سوف تتضرر وكذلك محصول الحنطة، وستسبب قلة الأمطار بفشل الزراعة في عدد من المناطق.
وأشار إلى أن "الخزين المائي بعد أن كان 21 مليار متر مكعب، تراجع إلى ما دون 13 مليار متر مكعب، وهذا مستوى خطر ومرعب، كما أن إيرادات المياه التي تأتي من تركيا انخفضت أيضاً إلى 300 متر مكعب في الثانية، وهذا مستوى متدنٍ، وبالتالي يتم الاطلاق من الخزين للموازنة على الطلب، ما يخلق مشكلة للخزين المتدني في الأساس، وهو ما ينذر بوضع الصيف المقبل".
وتعد شحة المياه أزمة مستمرة منذ أكثر من 5 سنوات، وفق عضو لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب العراقي، ثائر مخيف، مبيناً أن "هذه الشحة مستمرة لهذه السنة أيضاً، لكنها ليست شحة قاسية، بل كانت هناك أمطار لا بأس بها، لكن لا يمكن الاعتماد عليها في الزراعة".
وخلص مخيف، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "السياسة المائية في العراق تخلو من حصاد للأمطار بشكل متطور كما معمول به في بقية البلدان، وهذا يرجع إلى سياسة وزارة الموارد المائية، كما أن الحكومة لم تدعم الوزارة بالأموال الكافية لتطوير الزراعة، خصوصاً من ناحية المرشات والتنقيط وتبطين الأنهر للمحافظة على نسبة المياه المهدورة أثناء السقي أو الري، فضلاً عن القطع القاسي للمياه من قبل تركيا وإيران".
ويعاني العراق من شح في المياه منذ تسعينيات القرن الماضي بسبب "حرب المياه" التي تشنها دول المنبع، إلى جانب قلة هطول الأمطار والثلوج ما أدى إلى تناقص الخزين المائي في السدود والبحيرات والخزانات المائية في البلاد.
وبلغت الأزمة ذروتها في السنوات الأربع الأخيرة حتى ضرب الجفاف نهريّ دجلة والفرات وأدى إلى ظهور قاع النهر في بعض المناطق وتراجع مساحات واسعة من الأهوار والمسطحات المائية، ونتج عنه نفوق أعداد كبيرة من المواشي وانحسار كبير في المساحات الزراعية.
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية، أعلنت في آب 2024، إبرام عقد مع ائتلاف شركتي هايدرونوفا الإيطالية والكونكورد الأردنية لغرض "تأمين مستقبل مائي مستدام وتطوير أنظمة الري ومعالجة تأثير التغير المناخي على الأنهار"، دون الكشف عن كلفته المالية.
وفي تموز 2024، أطلقت الأمم المتحدة في العراق، بالشراكة مع وزارة الموارد المائية العراقية حملة مهمة تحت شعار "الماء حياة" لمواجهة أزمة المياه الحادة التي تواجه العراق.
ووفق بيان للأمم المتحدة، ورد للوكالة حينها، تهدف حملة التوعية، التي تستمر لعام كامل وتحمل عنوان "الماء حياة - كل قطرة مهمة"، إلى رفع وعي المواطنين العراقيين بالوضع الحرج الذي تمر به مواردهم المائية، وتعزيز شعورهم بالمسؤولية للتخفيف من حدة هذه الأزمة.
وستنظم حملة "الماء حياة" من خلال أربع مراحل خلال العام المقبل؛ حيث ستركز المرحلة الأولى على رفع مستوى الوعي حول أزمة المياه وآثار تغير المناخ، أما المرحلة التالية فسيتم خلالها التعريف باللاعبين الرئيسيين المشاركين في إدارة موارد المياه في العراق، وتعزيز الشعور بالمسؤولية والتعاون.
وستعرض المرحلة الثالثة المشاريع والجهود الحالية التي تبذلها الحكومة العراقية ووكالات الأمم المتحدة، مع تسليط الضوء على النجاحات والمبادرات الجارية.
أما المرحلة النهائية فستنظر نحو المستقبل، وتحدّد الخطط والاستراتيجيات لمواصلة معالجة أزمة المياه وتسليط الضوء على مشاركة العراق في المحافل الدولية والجهود المبذولة لتأمين الدعم والتمويل لمشاريع المياه، بحسب البيان.
وأكد البيان أن حملة "الماء حياة" تمثل "جهداً موحداً تقوم به وكالات الأمم المتحدة والحكومة العراقية لمعالجة واحدة من أكثر القضايا التي تواجه البلاد إلحاحاً، ويمكن من خلال هذه الحملة تحقيق تقدم كبير في الحفاظ على المياه وإدارتها، بما يضمن تحقيق مستقبلٍ مستدام وأفضل لجميع العراقيين".