شفق نيوز/ أثارت رسالة نصية وصلت إلى هواتف مواطنين في العاصمة العراقية بغداد، "هلعاً" تنذرهم بإيقاف رواتبهم خلال 10 أيام ما لم يسددوا ما بذمتهم من مبالغ متلكئة لقروض مجمع بسماية السكني.
إلا أن هذا "الهلع" والخوف من إجراء قطع الراتب، لم يكن من قبل سكنة بسماية "المتلكئين" إذ أن الإجراء يعد قانونيا وواجبا على المواطن تنفيذه، بل أن القلق أصاب مواطنين يواظبون على التسديد، كما أثار خوفا لدى آخرين لا يعرفون أصلا أين يقع المجمع السكني.
وجاء في نص الرسالة التي وردت من QI CARD، "إنذار: يرجى مراجعة مصرف الرافدين لتسديد مابذمتكم من المبالغ المتلكئة لقرض بسماية وخلال فترة عشرة أيام وبخلاف ذلك سوف يتم غلق البطاقة واتخاذ الإجراءات القانونية".
وعن الرسالة أو "الانذار" يقول المواطن ياسر التميمي، لوكالة شفق نيوز، إنه "أصلاً.. ليس لديه أي قرض سواء في بسماية أم غيرها، ولم يقدم على المجمع أو غيره ولا أحد من أقاربه"، مبديا استغرابه من وصول هكذا انذار مثير للقلق على مستقبل راتبه".
وهو الموضوع ذاته، الذي أكدته سهاد حسن، بالقول "لم أقدم على قرض ولم اتسلم قرض وقد وردتني الرسالة".
أما حيدر الحيدري، وهو مواطن من سكنة مجمع بسماية، فيقول إنه "سدد أقساطا كاملة لمدة عام مقبل، مع الفوائد والتأمين، وأيضا قد وردت الرسالة الى هاتفه النقال".
فيما يرجح عمار الكوردي، أن تكون الرسالة "وهمية"، مقترحا مراجعة الجهات ذات الصلة.
وأثار هذا الموضوع، ملف فساد مضى عليه أشهر دون أي إعلان رسمي عن نتائج تحقيق ملف اختلاس المليارات في فرع المستنصر التابع لمصرف الرافدين الحكومي.
إذ يقول مصدر مسؤول، في مصرف الرافدين، لوكالة شفق نيوز، إن الإنذار يشمل من وصفهم "المتلكئين" في دفع الأقساط، وهم واقعا وبحسب المصدر، وقعوا ضحايا فساد كبير ضرب أطناب الفرع منذ عام 2020.
وفي يوم 20 آب 2022 أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية في بيان صدر عنها أن موظفين قد اختلسوا 14 مليار دينار في مصرف حكومي (الرافدين - فرع المستنصر )، من ضمنها قروض مجمع بسماية السكني، وبينت الهيئة حينها أن "القضية امام قاضي محكمة تحقيق الرصافة المُختصَّة بقضايا النزاهة وغسل الأموال والجريمة الاقتصاديَّة، الذي قرَّر توقيفهم وفق أحكام المادة (316) من قانون العقوبات".
وحينها صدم مواطنون "مقترضون" من سكنة بسماية، حين راجعوا فرع المستنصر لغرض التسديد الشهري، وبينوا أن موظف المصرف طالبهم بتسديد أقساط "مسددة اصلاً" إلا أنها "غير مسجلة في سيستم الفرع"
وعن الرسالة الانذار "المقلقة" يقول المصدر المسؤول ذاته، لوكالة شفق نيوز، إنها تشمل المواطنين "الضحايا لذلك الابتزاز الكبير"، حيث عليهم أن يسددوا أموالا هي مسددة أصلا.
وكان هؤلاء المواطنون "ضحايا الابتزاز" قد تحدثوا في وقت سابق لوكالة شفق نيوز، وبينوا أن إدارة المصرف قد طلبت منهم تقديم "تظلم" أو "شكوى" لحل الموضوع، مطمئنة إياهم بفتح تحقيق وإعلان نتائجه.
إلا أن الحال قد تغير الآن، وبحسب المصدر، فقد ذهب ملف التحقيق "ادارج الرياح"، وبات "التراب مصيره".
ويقول مصدر مسؤول في وزارة المالية، لوكالة شفق نيوز، إن تلك الأموال المختلسة (14 مليار دينار في فرع المستنصر) قد ذهبت نتيجة عملية تلاعب كبيرة بوصولات التسديد للاقساط سواء ضمن بسماية أم أقساط السلف والقروض، مشيرا الى اكتشاف الموضوع من قبل هيئة النزاهة في الثامن من آب 2022.
وكانت إدارة مجلس مصرف الرافدين قد أكدت أنها تعمل بعد تسلم شكاوى المواطنين، على استصدار قرار يكون لصالح المواطن المقترض في حال ثبت صحة الوصولات التي قدمها.
وبحسب مصدر حكومي مسؤول، فإن عدد المواطنين المتضررين من عملية الاختلاس هذه بلغ نحو 500 مواطن مقترض، بينهم نحو 228 مواطن فقدت معاملات دفعهم مقدمة 10% من أقساط بسماية والتي تبلغ ما بين 10 ملايين و30 مليون دينار للقسط الواحد، وفق نظام الدفع القديم للعام 2020.
وبحسب مسؤول في هيئة النزاهة، فإن على إدارة مجلس مصرف الرافدين تعويض المواطنين المتضررين من عملية الاختلاس، ولا سيما من يمتلك منهم وصولات تظهر تسديده لتلك الدفعات، إذ "لا ذنب له من تقصير المصرف".
وبدلاً منذ ذلك جاء إنذار المصرف، في رسالة الهاتف الجوال، ليقتحم فرع المستنصر الموضوع، ويطالب بالاقساط المسددة أصلا، من ضحايا الاختلاس الكبير.
ويؤكد مصدر مسؤول، امكانية رفع دعوى قضائية في المحاكم المدنية من قبل المواطنين المتضررين ضد المصرف في حال رفض الأخير إطفاء ماظهر من نقوصات في تسديد الأقساط.
أما عن الدور البرلماني "الرقابي"، فرفض أعضاء مجلس نواب، التقتهم شفق نيوز، التحدث في الموضوع لعدم امتلاكهم "أي معلومة تخص هذا الملف".