شفق نيوز/ طرح "معهد السلام الأمريكي" رؤية حذرة لتطورات المشهد السياسي الحالي في العراق، برغم ترحيب اللاعبين الإقليميين والدوليين بتقدم عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، حيث لفت إلى فجوة الإحباط الشعبي العام المتزايدة بين الناس والنظام، والى التساؤلات حول ما يمكن أن يفعله زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الآن.
وذكر التقرير الأمريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "مناسبتين حلت ذكراهما في العراق هذا الشهر، الاولى هي ذكرى تظاهرات اكتوبر/تشرين الاول قبل 3 سنوات، والذكرى الثانية مرور سنة على الانتخابات البرلمانية".
وتابع: "تظاهرات تشرين كانت انتفاضة للاحتجاج على فشل الحكومة العراقية والطبقة السياسية في تقديم الخدمات الاساسية وتأمين الوظائف ومكافحة الفساد وغيرها، وهو ما كان من بين نتائجها الانتخابات المبكرة في اكتوبر/تشرين الاول 2021، والتي جاء بعدها جمود سياسي معرقل، ثم انسحاب الصدر في نهاية الأمر من العملية السياسية لفشله في تشكيل الحكومة".
وأوضح التقرير، أن "في ظل سنة من الاضطرابات السياسية وبعد ثلاث سنوات من اندلاع التظاهرات، فإن معاناة العراقيين ظلت بدرجة كبيرة بلا علاج".
تحدي الصدر
واستعاد التقرير محطات مرحلة ما بعد انتخابات تشرين/أكتوبر، وصولا إلى احتلال المنطقة الخضراء من جانب أنصار التيار الصدري والاشتباكات التي تلتها، ولفت إلى أن "السوداني يحاول الآن تشكيل الحكومة ويتفاوض مع القوى السياسية، ويضخ الثقة من خلال تصرفاته ورسائله، وترحيبه بمشاركة الصدريين في الحكومة، برغم أن ذلك ليس مرجحا".
وفي حين، أشار التقرير إلى أن "الاطراف الاقليمية والدولية بما في ذلك، الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين، رحبوا بتقدم عملية تشكيل الحكومة، الا انه اعتبر ان ما تزال المخاوف إزاء ما قد يفعله الصدر بعد هذا موجودة، متسائلا "هل سيتحدى تشكيل الحكومة؟ هل سينتظر الى ان تتشكل الحكومة ثم يتحداها؟ أم أنه سيمضي قدما ويركز على الانتخابات المقبلة؟
فرصة السوداني
وبالنسبة إلى السوداني، رأى التقرير أن "بعض الدبلوماسيين الأجانب اجتمعوا به بالفعل حتى قبل نيله التصويت على الثقة، وهي مؤشر على ان المجتمع الدولي متحمس إزاء فكرة تقدم جهود تشكل الحكومة".
ولفت التقرير الأمريكي، إلى أهمية أن يكون لرئيس الوزراء الكاريزما والإرادة وصفات شخصية اخرى، الا انه تابع ان "تاريخ العراق يظهر ان هناك خلطة من العوامل كإرادة الطبقة السياسية والبرلمان والبيروقراطية الحكومية والنفوذ الخارجي، هي ما يحدد نهاية الامر نجاح او فشل رئيس الوزراء وحكومته".
وبينما لم يستبعد التقرير، أن "تعرقل المصالح السياسية والمالية لاعضاء الائتلاف الداعم للسوداني ما هو مطلوب من اصلاحات اكثر مما قد يقوم به الصدريون او اللاعبون الاخرون في السياسة، إلا أنه أشار إلى أن "السوداني والاطار التنسيقي يتمتعون بفرصة ومسؤولية للوفاء بوعدهما بتشكيل حكومة خدمات وغيرها".
فجوة بين الشعب
وواصل التقرير تعداد التحديات التي تواجه الوضع العراقي حاليا، قائلا إن "منذ اكثر من عقد من الزمن، يتزايد اتساع الفجوة بين العراقيين وبين الطبقة السياسية والدولة، وهو ما يمثل مشكلة استراتيجية امام سلام العراق واستقراره، مضيفا أن "احباط الناس من الطبقة السياسية بسبب النقص في الخدمات والبطالة والفساد الممنهج والتدخل الاجنبيـ استمر في التزايد".
وأكد التقرير الأمريكي، أن "المتظاهرين حققوا بعض التغيير عام 2019 بدعم من آية المرجع الديني علي السيستاني"، مستدركاً بالقول: "العراقيون يواجهون ما يكفي من التحديات لجعلهم يشعرون بالاحباط العميق ازاء الطبقة السياسية والحكومة، واحتمال اندلاع احتجاجات شعبية".
25 أكتوبر
وفي حين أشار التقرير، إلى خروج تظاهرات مؤخرا لم تتعدَ اطار احياء ذكرى احتجاج تشرين، لفت إلى أن 25 اكتوبر/تشرين الاول الحالي يشكل موعد الذكرى السنوية المقبلة حيث من المرجح ان تستقطب بعض الناس نحو الشوارع، مستبعداً أن "تعرقل هذه التظاهرات مسار تشكيل الحكومة، الا في حال بذل الصدر وانصاره جهوداً لأجل ذلك".
هذا وحث التقرير، الحكومة المقبلة ومجلس النواب على "تمرير الميزانية من اجل تعزيز الاقتصاد وضمان ايصال المواد الغذائية وتأمين الخدمات وخلق فرص العمل وعمليات الانفاق المهمة الاخرى، كتعويض المتضررين من حرب ارهاب داعش".
وشدد التقرير الأمريكي، على ضرورة "إجراء انتخابات مجالس المحافظات لانها تساعد كعامل أساسي في المؤسسات الديمقراطية والحكم، وتشكل فرصة من اجل انخراط الجمهور بشكل اكبر، خاصة بعد شعور عامة العراقيين بالغربة فيما بعد انتخابات 2018 و 2021 وتشكيل الحكومة".
وختم التقرير بالقول إن "أمام السوداني والاطار التنسيقي الفرصة من اجل ان يطمئنوا العراقيين والمنطقة والمجتمع الدولي عبر تشكيل حكومة تشمل الجميع وتتضمن مناصب رئيسية للنساء والاقليات، والحكم بشكل تعاوني وتمرير ميزانية عادلة تحقق احتياجات الناس، ومن خلال كبح الجماعات المسلحة والتمسك بسيادة القانون ومكافحة الفساد والمضي في معالجة التداعيات الانسانية للصراع مع داعش، بما في ذلك عودة واعادة دمج العراقيين الموجودين في مخيم الهول في سوريا".