شفق نيوز/ انتقد موقع "كوليت" الأسترالي إفراط الولايات المتحدة والغرب عموماً في الحديث عن "الدرس العراقي" الذي يقود إلى "العبثية" في تطبيق السياسة الخارجية الغربية، خصوصاً فيما يتعلق بحرب إسرائيل وأوكرانيا، الحليفتان للغرب، وهو ما يحول دون انتصارهما في حروبهما هذه.

وأشار التقرير الأسترالي تحت عنوان "الإفراط في تعلم دروس العراق"، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى مواقف الإدارة الأمريكية التي حالت دون فوز أوكرانيا وإسرائيل بحربيهما حتى الآن، بما يوصف بـ"عبثية السياسة الخارجية الغربية في هذين الصراعين"، بما في ذلك رفض طلبات أوكرانيا الحصول على معدات وأسلحة خشية التصعيد، في إشارة إلى رفض طلبات الحصول على طائرات مقاتلة من بولندا، وحرمان كييف طوال شهور من نظام "الباتريوت" ومن صواريخ "أم أل آر أس"، بالإضافة إلى صواريخ "هيماريس" التي منحت لها بعد تعديلها سراً لمنعها من إطلاق صواريخ بعيدة المدى.

كورسك ونصرالله

ولفت التقرير إلى أن واشنطن "كانت بطيئة للغاية في تسليح حليفتها أوكرانيا، ومقيدة للغاية في وضع الشروط على استخدام الأسلحة، وكانت في عموم الأمر خائفة للغاية من تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، وكانت النتيجة هي أن أوكرانيا، سُمِح لها بخوض الحرب، ولكنها لم تنتصر فيها".

وفي السياق نفسه، نبّه التقرير إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن "يقوم بتسليح الدولة اليهودية ويعلن دعمه لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولكن هناك دائما كلمة (لكن)"، في إشارة إلى محاولة ضبط السلوك الإسرائيلي في نوعيه هجماتها وأهدافها وحدودها.

واعتبر التقرير أن هذا السلوك الأمريكي "دفع الأوكرانيين والإسرائيليين إلى إخفاء خططهم عن حلفائهم"، حيث لم تبلغ أوكرانيا شركائها الغربيين عن توغلها في آب/ أغسطس الماضي في منطقة كورسك الروسية في وقت مبكر، لأنهم كانوا سيحاولون منعها، كما أن إسرائيل كانت تسعى إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله في الأيام الأولى التي تلت هجوم حركة حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لكن تم إلغاء الهجوم بعد اعتراض من المسؤولين الأمريكيين.

وأضاف أن الإسرائيليين قرروا عدم ارتكاب هذا الخطأ مجدداً قبل أن يغتالوا نصرالله في أيلول/ سبتمبر الماضي، حيث يبدو أنهم لم يطلعوا الولايات المتحدة على أي شيء تقريباً بشأن خططهم في لبنان.

وتساءل التقرير قائلاً "لماذا يخشى زعماء الغرب منح حلفائهم الدعم الذي يحتاجون إليه للفوز في الحروب التي شنت ضدهم؟، وما سبب المحاولات الأمريكية اليائسة لمنع إسرائيل من الانتقام من إيران؟" التي وصفها بأنها بقيادة نظام قد يشعل حرباً نووية، نظراً لمعتقداته الدينية، على الرغم من أنهم لا يملكون القدرة النووية حتى الآن، لكنهم سيحصلون على هذه القدرة قريباً ما لم يتم منعهم من القيام بذلك.

ومع ذلك، لفت التقرير إلى أن الرئيس بايدن أوضح أن أمريكا لن تدعم الضربات الإسرائيلية ضد مواقع نووية إيرانية، مضيفاً أنه في حال قررت إسرائيل تحدي الرغبات الأمريكية ومهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، فإن ذلك قد يؤدي إلى زعزعة استقرار النظام وتشجيع غالبية الإيرانيين على الثورة ضده، وهو ما قد يقود أيضاً إلى انهيار النظام وتفكك "وكلائه الإقليميين" الذين تسببوا ببؤس لا يوصف بالعراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة.

حرب زوال إسرائيل

وبعدما قال التقرير إن تطورات كهذه "يمكن أن تحدث تحولاً في المنطقة"، أوضح أنه "ربما يكون هذا هو ما يخشاه صناع القرار السياسي الغربيين لا لأنهم لا يرغبون في رؤية السلام والازدهار ينتشران في أنحاء الشرق الأوسط، وإنما لأنه لم يعد بإمكانهم تصور مثل هذا المستقبل في ذلك الجزء من العالم".

وتابع قائلاً إن "الوضع الراهن، أو بالأحرى الوضع السابق للحرب، يبدو أنه الخيار المتاح الأكثر أماناً، ولهذا فأنهم يطالبون بوقف إطلاق النار لأنه سيكون من غير الملائم سياسياً القيام بخلاف ذلك، ولأنهم يأملون في العودة إلى السيناريو المألوف لهم في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بدلاً من المخاطرة بسيناريو مستقبلي، يتسم بعدم اليقين".

وأضاف التقرير أن ذلك يمثل "الإجماع الواقعي السائد حالياً بين زعماء الديمقراطيات الغربية"، مشيراً برغم ذلك إلى أنه لا يوجد شيء واقعي في هذا النهج في حال كانت الافتراضات التالية صحيحة، وهي أن "حرب تدمير الدولة اليهودية بدأت ولن تنتهي إلا بعد نجاحها أو سحق وكلاء إيران الذين شنوها وانهيار النظام في إيران".

وتابع أن "وقف إطلاق النار لا يوفر أي طريق للسلام، وإنما مجرد تعليق أو إطالة أمد للصراع"، لافتاً إلى أنه من غير المنطقي أن يدعم حلفاء إسرائيل هذه النتيجة ما لم يكن وقف إطلاق النار في مصلحة إسرائيل.

واعتبر التقرير أنه "بينما قد يكون هناك بعض الأمل في أن تتمكن الظروف من إقناع بوتين والقيادة الروسية بإنهاء حربهم في أوكرانيا، فإن أي مراقب نزيه لن يتمكن من الادعاء أن النظام الإيراني ووكلائه سوف يتخلون عن تصميمهم على تدمير إسرائيل"، مستشهداً بهذا السياق بتصريحات أخيرة لمرشد الجمهورية الإيرانية الأعلى علي خامنئي وقادة لحركة حماس وحزب الله اللبناني.

قتال الحرب الأخيرة

وتابع التقرير أن من بين الانتقادات الشائعة التي وجهت للمؤسسة العسكرية البريطانية خلال المرحلة الأولى من الحرب العالمية الثانية هو أن جنرالاتها المسنين "كانوا يقاتلون دائماً كما لو أنهم في الحرب الأخيرة" حيث كانوا يستخلصون الدروس من الحروب السابقة ويطبقونها بشكل خاطئ على هجوم هتلر على أوروبا، والذي كان بطبيعة مختلفة تماماً.

وأضاف أنه بالإمكان تطبيق هذه الفكرة على الزعماء السياسيين الغربيين حالياً حيث أنهم منزعجون نفسياً بسبب فشل حرب العراق في العام 2003، وهم الآن مقتنعون بأنه لا يوجد صراع يستحق القتال على الإطلاق باستثناء الحرب الدفاعية الكامل من أجل البقاء، على الأقل في الشرق الأوسط.

وتحدث التقرير عن وجود "سأم" من الحرب بين النخب السياسية الغربية، ووجود افتراض بأن العراق يجب أن يكون بمثابة نقطة تحول في نهجهم في التعامل مع السياسة الخارجية، وأنه يجب التعلم من دروس حرب العراق وعدم التورط في كوارث الشعوب الأخرى وعدم المبالغة في التهديدات التي يواجهها الغرب.

إخفاقات الغرب الخارجية

ورأى التقرير أن هناك أدلة على أن "خيبة الأمل أدت إلى التخندق والاسترضاء"، مشيراً في هذا السياق إلى قائمة من الإخفاقات السياسية الخارجية والأخطاء الفادحة التي ارتكبها الغرب بقيادة الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الفشل في التحرك بعد انتهاك "الخطوط الحمراء" الأمريكية ضد استخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا، والمحاولات التي بلا جدوى لإعادة ضبط العلاقات مع روسيا فيما بعد أحداث شبه جزيرة القرم، وفيما يتعلق بإيران والتسليم المخزي لأفغانستان لحركة طالبان.

وتابع التقرير قائلاً إن أخطاء كهذه كان من الممكن تجنبها وهي لم تؤدي سوى إلى تشجيع الأنظمة الاستبدادية والطغاة في العالم، منتقداً فكرة التعلم المبالغ به من دروس العراق.

وذكرّ التقرير بأنه منذ الهجوم الإيراني الثاني على إسرائيل، فإن زعماء العالم الحر سارعوا إلى إعادة التأكيد على شعارهم المفضل المتمثل في وقف التصعيد، وتحدثت الولايات المتحدة، مجدداً عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، حيث قال بايدن إنه تحدث مع قادة مجموعة السبع وأنهم متفقون جميعاً على أن إسرائيل "لها الحق في الرد، لكن يجب عليهم الرد بشكل متناسب".

وتابع التقرير أن "الهجوم الإيراني الثاني يعني فشل الردع الإسرائيلي"، مشيراً إلى أنه في المرة الأخيرة التي شنت فيها إيران هجوماً على إسرائيل، اقنعت الولايات المتحدة حليفتها بالاكتفاء برد روتيني.

وفي حين قال التقرير إن "ما يمكن قوله عن التعامل مع إيران يمكن أن يقال بالقدر نفسه عن التعامل مع روسيا"، ختم قائلاً إن "لا إسرائيل ولا أوكرانيا اختارت الحرب الخاصة بكل منهما، حيث فرضت عليهما الحرب من قبل جيرانهم الذين لا يؤمنون بحقهم في الوجود".

وخلص التقرير إلى القول إن "خيبة الأمل بين النخبة السياسية الغربية في مرحلة ما بعد العراق، تساهم في جعل هذه الصراعات أطول وأكثر تدميراً مما ينبغي، وأن الأسوأ من ذلك هو أن تجنب الغرب عن استخدام القوة أو دعم النصر، يعني أنه لم يعد قادراً على ردع العدوان"، مضيفاً أنه "نتيجة لهذا فإن غرائز الزعماء الغربيين المذعورين من مستنقع عراقي آخر، تحولت إلى عبء وخطر على حلفائهم الواقعين تحت التهديد".

ترجمة وكالة شفق نيوز