شفق نيوز/ حذر "المعهد الاسترالي للسياسة الاستراتيجية"، يوم الأربعاء، من أن الحرب الجارية حاليا، ستؤدي، مثلما فعلت هجمات 11 ايلول/سبتمبر على نيويورك وواشنطن، وردود الولايات المتحدة على هذا الهجوم، إلى تعزيز الانقسام بين العالم الإسلامي والغرب، وأيضا الى ظهور جيل جديد من "الجهاديين" الخطرين.
واعتبر المعهد الاسترالي ان الحرب الحالية بين اسرائيل وحركة حماس، هي بمثابة تذكير مرير بهجمات تنظيم القاعدة في 11 ايلول 2001، ورد فعل الولايات المتحدة عليها، مضيفا ان هذه الاحداث ادت الى توتر العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب، مشيرا إلى ان الحرب الحالية قد تعيد نموذج هذا الانقسام.
وبعدما ذكر التقرير بأن العلاقات تاريخيا بين العالم الإسلامي والعالم اليهودي -المسيحي، شهدت العديد من الصعود والهبوط منذ ظهور الإسلام قبل اكثر من 14 قرنا، تابع انه في المرحلة الاخيرة، وقع حدثان اكثر من أي حدث آخر شكلا بداية مرحلة جديدة في صعود الاسلام السياسي الراديكالي وفي تعامل الغرب معه باعتباره تهديدا: الثورة الإيرانية 1979 والغزو السوفييتي لأفغانستان في العام 1979، اذ ان التجربة الايرانية شهدت ظهور حكومة إسلامية متشددة مناهضة للولايات المتحدة واسرائيل، بينما شجع غزو أفغانستان ظاهرة الجهادية الاسلامية فيمن كانوا يعرفون باسم "المجاهدين" للتصدي للعدوان السوفييتي من خلال الالتزام بالإسلام كأيديولوجية للمقاومة.
وتابع التقرير انه بينما رفضت الولايات المتحدة والعديد من حلفائها التغيير الذي حصل في ايران باعتباره "اصوليا"، الا انها في الوقت نفسه، دعمت المقاومة الافغانية بما يتوافق مع مصالحها الجيوسياسية.
ولم تدرك ان دعمها للجهاد الافغاني يمكن ان يفضي في نهاية المطاف الى تعزيز قوة اسلامية تتنتمي الى القرون الوسطى، وهي حركة طالبان، وجماعات جهادية اخرى. وبحسب التقرير، فان هجمات تنظيم القاعدة في 11 ايلول، نقلت الاسلام الجهادي الى ما وصف بانه "ارهاب" على نطاق واسع، في حين ان الاجراءات الانتقامية التي قامت بها الولايات المتحدة شهدت التدخل العسكري في أفغانستان، وحدوث هجمات، وذلك كجزء من حرب اوسع ضد الارهاب.
واضاف التقرير انه برغم ان الرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير قالا انهما لا يستهدفان الدين الاسلامي في حد ذاته، وانما هؤلاء الذين اختطفوه لتحقيق أهدافهم الخاصة، إلا ان بعض القادة السياسيين واصحاب الرأي في الغرب، حملوا الدين الاسلامي نفسه المسؤولية عما جرى.
وبحسب التقرير، فان تنظيم القاعدة والجماعات المشاعبة لها، تمكنت من استغلال هذا الانقسام لحشد الدعم بين المسلمين وخلق اجيال جديدة من "الجهاديين" العنيفين.
ولفت الى ان هذا الوضع كان الاكثر وضوحا في العراق بعد الغزو الامريكي في العام 2003 وايضا في سوريا التي مزقتها الصراعات، حيث تمكن تنظيم "داعش" من اجتياح مناطق واسعة في العراق وسوريا، واعلان الخلافة في العام 2014، بينما عادت الولايات المتحدة الى العراق، الذي كانت غادرته في العام 2011 بعد ما يقرب من تسع سنوات من القتال.
واعتبر التقرير ان الولايات المتحدة وحلفاؤها لم ينجحوا في اقتلاع القوى الجهادية المعارضة للغرب لا في افغانستان ولا في العراق ولا في سوريا وتمكن تنظيم القاعدة في البقاء والتحالف مع حركة طالبان، التي نجحت في الحاق الهزيمة بالولايات المتحدة والعودة الى السلطة بعد عقدين من الحرب، وهو ما عزز قوة القوى المتطرفة المشابهة لها.
وبالاضافة الى ذلك، فان تنظيم داعش ورغم خسارته لخلافته، تمكن من خلال القدرة الايديولوجية وعملياتية من ضرب اهداف ليس فقط في بلاد الشام، وانما ايضا في كافة انحاء الشرق الاوسط واسيا وافريقيا وكذلك في اوروبا.
الا ان التقرير قال انه لم تتم خسارة كل شيء، موضحا ان الجهود بذلت من اجل اصلاح العلاقات المتضررة بين العالمين الاسلامي والغربي فيما بعد أحداث 11 ايلول، والأحداث التي سبقتها وبعدها، ونجحت القوى المعتدلة والاصلاحية في الاسلام ونظيراتها التصالحية في الغرب، من اقامة جسور الوئام والتعايش السلمي.
وبحسب التقرير، فان الحرب بين اسرائيل وحماس تستهدف الان مرة اخرى اضعاف العلاقات الاسلامية -اليهودية-المسيحية بالنسبة للكثيرين، مضيفا ان أفعال حماس ضد اسرائيل، كقتل وخطف مدنيين، لا يمكن الدفاع عنها بموجب القانون الدولي، وايضا مثلما هو الحال بالنسبة للحملة الانتقامية التي تشنها اسرائيل في غزة، لانها ترقى الى مستوى العقاب الجماعي لـ 2.3 مليون شخص يعيشون في قطاع غزة الصغير المساحة والمكتظ بالسكان والذي يفتقر الى المياه.
وخلص التقرير الى القول ان الهدف المعلن لاسرائيل هو تدمير حماس مرة الى الابد، وهو ما يشبه هدف الولايات المتحدة التي خططت لانجازه وفشلت، فيما يتعلق بتنظيمي القاعدة وداعش وحركة وطالبان، مضيفا انها لم تتمكن من القضاء عليها تماما، وانه في ظل تعزيز مكانة طالبان بعودتها الى السلطة، فانها الان تستمتع بالأرض الخصبة التي تم توفيرها للأجيال الجديدة من "الجهاديين".
واكد التقرير انه مهما كانت النتيجة النهائية للحرب بين إسرائيل وحماس، فان لا حماس كقوة مسلحة ولا الكفاح الفلسطيني من اجل الحرية والاستقلال، سيتلاشون، ومن المرجح ان يتسبب هذا الوضع "بظهور جيل اكثر تطرفا من المقاتلين الفلسطينيين والجهاديين الذين لديهم مشاعر عداء شديد تجاه إسرائيل وداعميها الدوليين".
وختم التقرير بالقول ان استخدام القوة الكاسحة قد ينجح إلى حد ما، ولكن الامر ابعد من ذلك ويتطلب وجود استراتيجية سياسية شاملة بدلا من الاكتفاء بالحلول العسكرية.