شفق نيوز/ في أروقة سوق "الهرج" وسط العاصمة بغداد، تتوزع جامخانات المحال القديمة، متباهية بمجموعات متنوعة من المسابح التي تأتي بأصناف وألوان متعددة، وتختلف أسعارها بناءً على نوعية الأحجار المستخدمة فيها.

فهناك "الكهرب" الذي يعرف عربيا وخليجيا بأنه "ذهب الرجال" واليُسر والعاج والمرجان وغيرها، ويوجد الرخيص والغالي وجميع المرتادين يجدون ما يرغبون حسب ثقل جيوبهم، فمنهم من يشتريها حسب الموضة ومنهم من يقتنيها للتسبيح.

اغلى الانواع .. "الألماني المغلف"

ويقول صاحب محل بيع السبح والأحجار الكريمة، المعروف بـ "علوش ملك الفيروز"، لوكالة شفق نيوز، "نبيع أنواعًا مختلفة من السبح، منها السندلس، الكهرب، اليسر، الكهرمان، النارجين، عظم العاج، وتراب الكهرب، بالإضافة إلى أنواع أخرى." 

ويوضح أن "أغلى أنواع السبح هي الكهرب الألماني المغلف، والتي تتميز بقدمها، حيث يتجاوز عمرها 100 عام، ويتحول لونها تدريجيًا إلى لون بني غامق".

و"الكهرب" مادة صمغية من الأشجار موطنها بحر البلطيق.

ويبين أن "أسعار هذه الأنواع من السبح تبدأ من 40 دولارًا للغرام الواحد وقد تزيد حسب وزن السبحة وقدمها، يليها الكهرب البولوني الذي يتراوح سعره بين خمسة إلى عشرة دولارات، ثم الكهرب الروسي الذي يتراوح سعر الغرام الواحد منه بين دولارين إلى خمسة دولارات." مضيفاً أن "هذه السبح تستورد من الصين وبولندا وروسيا."

ويؤكد أن "أصحاب محال بيع السبح والأحجار الكريمة لا يزالون يمارسون عمليات البيع والشراء في السوق الشعبي المعروف بـ (سوق هرج) في منطقة الميدان ببغداد"، مشيرا في ذات الوقت إلى أن "بعض المزادات تقوم بعمليات غش، حيث يجهل الناس أحيانًا نوعيات السبح المتاحة."

ويلجأ معظم أصحاب المحال إلى عرض بضاعتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، من خلال مزادات يومية تدر عليهم أرباحًا كبيرة، حيث يتم عرض السبح والمحابس بشكل واضح على شاشة المستهلك مع توضيح نوعية الأحجار ومميزاتها أينما كان الشخص.

ورغم هذه الفوائد، فإن هذه المزادات لا تخلو من الغش، حيث يجهل الكثير من المواطنين نوعيات السبح المعروضة.

رقابة وسيطرة نوعية

ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي، لوكالة شفق نيوز، إن "السلع الثمينة مثل السبح الأصلية، التي قد تصل أسعار بعضها إلى مبالغ ضخمة، تحتاج إلى رقابة نوعية وإجراءات مثل التحقق من الجودة واستخدام الأختام، تمامًا كما هو الحال مع الذهب والفضة، لمنع عمليات الغش واستغفال الأشخاص قليلي الخبرة في مجال البيع والشراء".

ويضيف أن "عدم خضوع المنتج النهائي للرقابة النوعية أغرى الكثير من ضعاف النفوس لبيع ما يُسمى بتراب الكهرب على أنه كهرب أو سندلوس أو أنواع أخرى من المسابح القيمة، لذا، فإن إخضاع هذه السلع للرقابة النوعية وتحديد الأصلي منها بختم من المراكز المختصة هو أمر ضروري."

وأشار علي، إلى أنه "من الضروري أيضًا أن تخضع جميع المحال إلى إشراف نقابة أو اتحاد يُنظم عملهم ويمنحهم تراخيص لممارسة المهنة، وذلك لتقليل فرص الغش وحماية حقوق المستهلكين."

رمزاً للتفاخر في المجتمع

يقول الخبير الاقتصادي محمد الحسني، لوكالة شفق نيوز، "أصبحت السبح في السنوات الأخيرة رمزًا للتباهي والتفاخر، لا سيما بين من يهوى اقتناء الأحجار النفيسة التي تُصنع منها السبح، بالإضافة إلى استخدامها كهدية ثمينة ونادرة في المناسبات الاجتماعية المختلفة."

وتابع قائلاً: "الكثير من الأشخاص يفضلون التواجد في المزادات التي يُنظمها فيسبوك، حيث توفر هذه المنصات سهولة التعامل المباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتسمح بتوصيل السلع إلى الزبائن في غضون أقل من 24 ساعة."

بينما يقول المواطن خيري عبدالله، الذي اعتاد على اقتناء السبح النفيسة، إنه "يشتري السبح من التجار المعروفين في منطقة (سوق الهرج)"، مشيرًا إلى أن "لديه معرفة بنوعيات السبح الأصلية بفضل خبرته الطويلة في هذا المجال."

ويضيف عبد الله، أن "السبحة في أغلب الأحيان تكمل شخصية حاملها، وتُعتبر أحد عناصر الأناقة والوجاهة لكثير من الشباب." مبينًا أن "الكثير من الرجال أيضًا يحملون السبح لأغراض التسبيح والعبادة".

ورغم التحديات التي تشمل قضايا الغش وضعف الرقابة، يبقى سوق "الهرج" البغدادي القديم وسط العاصمة العراقية، مساحة غنية بالتراث والفرص، مما يستدعي الحاجة إلى تنظيم أفضل لحماية حقوق جميع الأطراف وضمان جودة المنتجات.