شفق نيوز- بغداد

تتجه أنظار العراقيين إلى الدورة البرلمانية السادسة المنتظرة التي ستكون أمام مهام ضخمة تتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة وحسم الملفات الدستورية العالقة وسط انقسامات سياسية وضغوط اقتصادية غير مسبوقة.

في وقت تشهد فيه الساحة السياسية العراقية لحظة مفصلية غير مسبوقة بعد قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء أعمال مجلس النواب وتحويل الحكومة إلى تصريف أعمال بصلاحيات محدودة، ما أدخل البلاد في فراغ تشريعي وتنفيذي متزامن.

الأولويات

في هذا السياق، أكد المرشح الفائز في الانتخابات والنائب السابق عامر الفايز، أن أولى مهام البرلمان المنتخب ستكون حسن اختيار رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ونائبيه، باعتبارها المدخل الأساس لتشكيل السلطة التنفيذية المقبلة.

ونبه الفايز، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن البرلمان القادم سيكون مطالباً بحسم تشريعات مؤجلة منذ سنوات، في مقدمتها قانون مجلس الاتحاد الذي نص عليه الدستور كغرفة تشريعية ثانية "للسيطرة على المسار التشريعي وأداء مجلس النواب"، لكنه لم يرَ النور رغم أهميته الدستورية.

وبين أن قانون النفط والغاز يشكل التشريع الأكثر تأثيراً على استقرار البلاد، لأنه ينظم العلاقة بين المحافظات المنتجة والحكومة الاتحادية، ولا سيما في ما يتعلق بملف إقليم كوردستان ومستحقاته النفطية، وهو ملف متجدد الأزمات ويحتاج إلى حسم بقرار تشريعي واضح.

وأوضح الفايز، أن الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، وفق القانون، يُفترض أن تعقد بعد 9 كانون الثاني/يناير 2026، مشيراً إلى أن الفراغ الحالي نتج عن قرار المحكمة الاتحادية الأخير الذي أوقف عمل البرلمان وحوّل الحكومة إلى تصريف أعمال، على خلاف ما كان يجري في الدورات السابقة حيث يبقى البرلمان والحكومة يمارسان عملهما حتى انعقاد الجلسة الأولى وأداء اليمين.

لذلك اليوم "البلد بلا مجلس نواب فعّال ولا حكومة كاملة الصلاحية، وهو وضع معقد يفرض تحديات كبيرة على البرلمان الجديد"، يقول الفايز.

تحديات مضاعفة

من جانبه، رأى المحلل السياسي علي حبيب، أن قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء دور البرلمان والحكومة معاً خلق هشاشة مؤسسية غير مسبوقة، ووضع النظام السياسي أمام مهمة إعادة بناء الثقة مع الجمهور.

وشرح حبيب، في حديث لوكالة شفق نيوز، أن المشهد السياسي مرشح لمزيد من الانقسام، نتيجة مقاطعة التيار الصدري وسيطرة الإطار على مسار نتائج الانتخابات، إلى جانب تشظي الكتل السنية وانقسام المكونات الداخلية، ما قد يعرقل تشكيل حكومة أغلبية وطنية كما حدث عام 2021، ويعيد إنتاج صراعات قد تطيل الفراغ التشريعي.

وحذر من أن هذا الفراغ قد ينعكس على ملفات حساسة، مثل العلاقة بين بغداد وأربيل وملف تنظيم الفصائل خارج إطار الدولة في ظل صراع النفوذ بين إيران والولايات المتحدة، وهو ما "يرفع احتمالات التصعيد الأمني"، على حد قوله.

وفي الجانب الاقتصادي، أشار حبيب، إلى تحديات متراكمة، أبرزها اعتماد العراق على النفط بنسبة 90% من الإيرادات، وتراجع الأسعار العالمية والتقلبات الجيوسياسية، والعجز المالي الناجم عن فاتورة الرواتب التي تلتهم 40% من الموازنة، وبطالة شبابية تتجاوز 60%، وتجميد عقود حكومية بسبب تصريف الأعمال، وتأثيره على الاستقرار المالي.

وخلص إلى أن البرلمان السادس سيكون أمام "كم هائل" من القوانين غير المنجزة، خاصة وأن البرلمان السابق "لم يحقق سوى 15% من مهامه"، واصفاً الدورة الخامسة بأنها "الأفشل منذ عام 2003".

تهديد اقتصادي

أما الباحث في الشأن السياسي مهند الراوي فأكد أن الوضع الاقتصادي العراقي "يمر بأسوأ حالاته" مع تضخم مرتفع وديون كبيرة، ويرى أن الحكومة المقبلة ستواجه أزمة مالية خطيرة قد تهدد مستقبل البلاد.

ولفت الراوي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن اعتماد العراق شبه الكامل على النفط ينذر بمخاطر واسعة في حال هبوط الأسعار، إذ قد تعجز الحكومة عن تسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين أو تمويل برامج الرعاية الاجتماعية، ما يؤدي إلى تحويل كامل الموازنة إلى تشغيلية دون استثمارية، وبالتالي توقف المشاريع التنموية.

وفي ختام حديثه، رجح الراوي، أن تشكيل الحكومة المقبلة قد يستغرق، في أفضل الظروف، 3 إلى 4 أشهر، وهو ما يزيد الضغط على المؤسسات المالية في ظل فراغ القرار التنفيذي.