شفق نيوز/ أفادت صحيفة "تايمز أوف آسيا الوسطى"، يوم السبت، بأن تركمانستان وقعت ما وصف بأنه "اتفاقية ملزمة" لشحنات الغاز للعراق عبر إيران ، بعد الحصول على موافقة العراق على "خطة الدفع المسبق وامتيازات ضريبية".
وأشارت الصحيفة في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، الى الاهمية التي توليها تركمانستان للاتفاقية مع العراق، "الزبون الجديد والنادر" الذي سيستورد في إطارها كميات كبيرة من الغاز من هذه الدولة التي تمتلك رابع أكبر احتياطي من الغاز في العالم.
وأوضح تقرير الصحيفة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، ان تركمانستان تقوم باعادة صياغة خياراتها لتصدير الغاز الطبيعي، مشيرا الى انه برغم احتلالها المرتبة الـ4 عالميا حاليا، إلا أنها تصدر حاليا كمية أقل من الغاز مقارنة بما كانت تفعله قبل 16 عاما.
مشاريع ضخمة
واشار التقرير الى ان مشاريع خطوط أنابيب الغاز الضخمة التي جرى تصورها قبل نحو 30 سنة، بما في ذلك خط الأنابيب عبر أفغانستان لتزويد باكستان والهند بالغاز، و خط الانابيب عبر بحر قزوين لنقل الغاز الى أوروبا، تظل غير مجدية لأسباب سياسية.
وتابع التقرير ان روسيا كانت في السابق من العملاء الرئيسيين للغاز التركماني خلال معظم العقود الـ3 الماضية، الا ان موسكو تتنافس حاليا على بعض المشترين المحتملين أنفسهم مثلها مثل تركمانستان.
وقال التقرير انه بعدما ان تعثرت تركمانستان في سعيها للعثور على أسواق جديدة، فانها تعتزم الان بيع الغاز الى العراق، من خلال ترتيب صفقة تبادل مع ايران تتضمن الإتيان بشركات ايرانية الى تركمانستان من اجل اقامة خط أنابيب جديد.
ولفت التقرير الى ان بينما كانت تركمانستان تبحث عن عملاء جدد للغاز، فان العراق لم يكن مشتريا محتملا للغاز حتى وقت قريب، مشيرا الى انه مشروع خط أنابيب الغاز "نابوكو" المعطل منذ حوالي 15 عاما كان يتصور العراق كمصدر محتمل للغاز إلى أوروبا.
صفقة مثيرة للاهتمام
ووصف التقرير صفقة تركمانستان مع العراق بأنها "مثيرة للاهتمام، وهي الصفقة الوحيدة المتاحة للتحقق في الوقت الحالي.
واوضح التقرير انه بما أن الدولتين لا ترتبطان باي خطوط أنابيب، لهذا فان تركمانستان ستشحن ما يصل الى 10 مليارات متر مكعب من الغاز إلى ايران التي ستقوم بدورها بشحن 10 مليارات متر مكعب من الغاز الايراني الى العراق.
وتابع التقرير ان تركمانستان وقعت ما وصف بانه "اتفاقية ملزمة" لشحنات الغاز هذه، بعد الحصول على موافقة العراق على "خطة الدفع المسبق وامتيازات ضريبية".
وذكر التقرير أن نحو 40% من واردات العراق من الغاز خلال السنوات الاخيرة، جاءت من ايران، مشيرا الى ان صناعة الغاز في العراق لا تزال في مرحلة التعافي بعد سنوات الحرب، وهو يحتاج الى الغاز المستورد من اجل تشغيل محطات توليد الطاقة في البلد، لافتا الى ان العقوبات المفروضة على إيران جعلت من الصعب على العراق تسديد المدفوعات المالية مقابل هذا الغاز الايراني.
ولفت التقرير الى وجود خطين للانابيب يربطان حقول الغاز في تركمانستان بشمال ايران، أولهما خط الانابيب كوربيجي-كوردكوي بطول 200 كيلومتر الذي أطلق في العام 1997، والثاني هو خط أنابيب دولت اباد-ساراخس-خانجيران الذي أطلق في يناير/كانون الثاني 2010.
الا ان التقرير اوضح ان تركمانستان لم يكن بمقدورها شحن الكمية اللازمة في الخطين اللذين تبلغ قدرتهما مجتمعة 20 مليار متر مكعب، وكانت صادراتها هذه تتراوح بين 6-8 مليارات متر مكعب سنويا لسنوات، بينما كانت طهران تدفع ثمن الغاز التركماني بأسلوب المقايضة، حيث تصدر مجموعة من السلع، بينها المواد الغذائية وصولا الى الخدمات الهندسية الى تركمانستان.
وذكر التقرير أنه نشأ خلاف بين البلدين في أواخر العام 2016، حيث زعمت تركمانستان ان ايران مدينة لها بنحو 2 مليار دولار مقابل الغاز الذي تلقته في شتاء 2007-2008، في حين ردت إيران بالقول إن: تركمانستان تعمل على تضخيم السعر.
واوضح التقرير ان شتاء ذلك العام كان شديد البرودة مما تسبب في نقص حاد في الغاز في 20 مقاطعة ايرانية، حيث تحدثت وسائل اعلام ايرانية في ديسمبر/كانون الاول 2016 عن ان "تركمانستان استغلت هذا الوضع من أجل المطالبة بزيادة السعر 9 أضعاف، مما ادى الى ارتفاع السعر الى 360 دولارا من 40 دولارا لكل 1000 متر مكعب من الغاز".
وتابع التقرير انه في الاول من كانون الثاني/يناير 2017، أوقفت تركمانستان امدادات الغاز الى ايران، ولجأ البلدان الى التحكيم الدولي، وهي قضية جرت تسويتها في نهاية الأمر لصالح تركمانستان في حزيران/يونيو 2020.
واشار التقرير الى ان المسؤولين الايرانيين والتركمان يجرون محادثات حول الغاز الا انه بعد مرور نحو 8 سنوات، لم يتم استئناف صادرات الغاز التركمانية الى ايران.
ولفت التقرير الى ان شحن 10 مليارات متر مكعب من الغاز من تركمانستان الى ايران، يستدعي القيام بعمليات صيانة واصلاح لخطي الانابيب المعطلين اللذين يربطان بين البلدين.
واضاف أن مسؤولين من البلدين عقدا اجتماعا في يوليو/تموز 2024 لتوقيع عقد نقل الغاز، وهو اتفاق ينص على قيام "الشركات الايرانية باقامة خط انابيب غاز جديد بطول 125 كيلومترا الى جانب ثلاث محطات لتعزيز ضغط الغاز في تركمانستان وذلك بهدف زيادة الشحنات السنوية من الغاز الى ايران الى 40 مليار متر مكعب".
وبحسب التقرير، فإنه لم يتم تحديد الشركات الايرانية المشاركة في المشروع، إلا أن ذلك يمثل خطوة استثنائية من جانب تركمانستان بالسماح لشركات اجنبية بتنفيذ مثل هذا المشروع.
وبعدما لفت التقرير إلى أن زيادة شحنات الغاز الى ايران لتصل الى 40 مليار متر مكعب، تستدعي إقامة خط انابيب جديد بسعة 20 مليار متر مكعب من الغاز، وهو ما سيضاعف القدرة الاجمالية الحالية لخطي الانابيب الحاليين، مشيرا الى ان المسألة غير الواضحة الاخرى هي ان 10 مليارات متر مكعب فقط من هذا الغاز، ستذهب الى العراق، بينما لم تتضح الوجهة النهائية لـ30 مليار متر مكعب المتبقية التي تخطط إيران لاستيرادها.
وخلص التقرير الى القول ان تركمانستان تحاول بيع الغاز لأي شخص مهتم، مشيرا الى انه من بين الدول التي ذكرها المسؤولون التركمان كزبائن محتملين، أذربيجان وتركيا وافغانستان وباكستان والهند وكازاخستان، بالاضافة الى الاتحاد الاوروبي وانما بشكل غير واضح، مضيفا ان الصين هي حاليا المشتري الرئيسي للغاز في تركمانستان التي تورد لها حوالي 35 مليار متر مكعب من الغاز.
ونبه الى ان روسيا قلصت بشكل كبير وارداتها من الغاز التركماني بدءا من العام 2009، وأصبحت روسيا ايضا المنافس الرئيسي لتركمانستان بالنسبة للعملاء الإقليميين، بما في ذلك كازاخستان واوزبكستان، وهما من الدول المجاورة لتركمانستان.
كما أن قيام افغانستان بتصدير الغاز لا يزال أمر غير مرجح حتى الان بسبب غياب المستثمرين الأجانب. كما تفتقر تركمانستان الى البنية التحتية اللازمة لتصدير غازها إلى أوروبا عبر تركيا واذربيجان.
وتابع التقرير القول ان 40 مليار متر مكعب المشار اليها حول الاتفاقية الايرانية التركمانية الاخيرة، يمكن ان تشير الى ان إيران ستشتري الغاز التركماني مجددا في المستقبل، وبكميات اكبر من السابق، مضيفا أن الصفقة الاضمن التي تستطيع تركمانستان التوصل إليها في الوقت الراهن لزيادة صادراتها من الغاز، هي الاتفاقية مع العراق.
واضاف "يبقى ان نرى ما اذا كان ترتيب المبادلة هذا الذي يشمل ايران، يمكن ان يحقق 10 مليارات متر مكعب الموعودة".