شفق نيوز/ دعا "معهد المجلس الأطلسي" الأمريكي، واشنطن الى الاستفادة من دور تركيا "القيم والضوابط للاستقرار" في أنحاء المنطقة، وخصوصا في العراق الذي يمثل مسرحا لأنقرة وطهران، لأداء دور "الأصدقاء والخصوم"، ويساهم في ضبط تمدد النفوذ الإيراني في هذا البلد.
وبداية، ذكر التقرير الأمريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن الولايات المتحدة لضغوط للخروج من الشرق الأوسط نهائيا في ظل الهجمات في العراق وسوريا وتزايد الانتقادات المناهضة للولايات المتحدة، الا انه اضاف ان القوات الامريكية لا تزال بعيدة جدا عن احتمال العودة إلى وطنها، خصوصا في ظل المواجهة المتبادلة بين ايران واسرائيل، وعدم التوصل الى وقف لاطلاق النار في حرب غزة، بالاضافة الى التهديد المتواصل من جانب تنظيم داعش.
ولهذا، قال التقرير ان الرئيس الامريكي جو بايدن أمامه فرصة دبلوماسية لتعزيز الشراكة القديمة ووضع تركيا في موقع الحصن الإقليمي المشجع لإيران تكون أكثر توازنا، مردفا بالقول، إن مسؤولية تقوم بها تركيا بالفعل من خلال وساطتها بين طهران وواشنطن.
وبعدما لفت التقرير الى الموعد الجديد المفترض تحديده لزيارة اردوغان الى واشنطن، والتي ستكون الأولى للرئيس التركي منذ تولي بايدن الرئاسة، و ستساهم في تحسين العلاقات بين دولتي حلف الناتو و اللتين تمتلكان الجيشين الاكبر، قال انه يتحتم على واشنطن ألا تفوت فرصة دعم تركيا باعتبارها طرفا فاعلا يساهم في تحقيق التوازن في المنطقة، حيث برهنت أنقرة على قدرتها على الاحتفاظ بعلاقات دبلوماسية جيدة مع "الأعداء"، وخصوصا مع طهران.
وأشار التقرير الى أنه بينما توجد خلافات كبيرة بين تركيا وايران في العراق وسوريا، الا انه اعتبر ان الفرص للتعاون والتودد، بينهما موجودة، مما يجعل انقرة صوتا مهما للاستقرار وضبط النفس.
ورأى التقرير أن الطريق نحو تحقيق ذلك، يمر من خلال سوريا، الا ان الجدال يبدأ من العراق.
واوضح ان هناك مصالح في العراق لكل من تركيا وإيران والولايات المتحدة، وهي تمتد الى المنطقة كافة، وخصوصا في سوريا، مضيفا أن التضاريس الجبلية العراقية تمثل مركزا للعديد من الجماعات العسكرية، بما في ذلك كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، اللذين ينشطان في سوريا، بالإضافة إلى حزب العمال الكوردستاني المصنف "إرهابيا" من جانب واشنطن وانقرة، لكن الذراع السوري للحزب، أي وحدات حماية الشعب، تتلقى في الوقت نفسه دعما أمريكياً للمساعدة في محاربة داعش.
ولفت التقرير إلى أن القوات التركية قد تزيد من نشاطها العسكري في شمال العراق خلال الصيف الحالي، مشيرا الى ان ذلك يدق اجراس الانذار بالنسبة لإيران التي تكافح من أجل حماية نفوذها، مضيفا أن طهران تقدم دعما غير مباشر لحزب العمال الكوردستاني، بينما تتهم انقرة حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني، بإقامة علاقات مع حزب العمال الكوردستاني. إلا أن التقرير اعتبر أن حظر الحكومة العراقية رسميا لحزب العمال الكوردستاني، يشكل انتصارا كبيرا لتركيا وقد يجبر الاتحاد الوطني الكوردستاني على أن يحذو حذوها.
ورأى التقرير ان التمركز التركي في شمال العراق، يضع تركيا في مواجهة ايران، الا انه يساعد ايضا في الحد من مخاوف واشنطن بشأن تحقيق طهران نفوذها الكامل على قوات الأمن العراقية، وهو ما يمكن ملاحظته من نفوذها على قوات الحشد الشعبي التي وصفها التقرير بأنها بمثابة قناة لايران لممارسة نفوذها السياسي والعسكري في العراق من دون الانخراط بشكل مباشر في الشؤون الداخلية.
وذكر التقرير انه يجب ألا يخطئ أحد في الاعتقاد بأن اثارة غضب ايران، يشكل انتصارا للولايات المتحدة او للمنطقة، مضيفا أن "المهمة الدبلوماسية الصعبة" تتمثل في تشجيع تركيا على الشراكة مع الولايات المتحدة بينما تقوم انقرة بالحفاظ على علاقات مستقرة مع طهران.
وبعدما لفت التقرير الى "المسرح الذي بإمكان تركيا وإيران ان تؤديا فيه دور الاصدقاء والاعداء"، اوضح ان الحكومة العراقية تخطط فتح جزء من خط انابيب كركوك-جيهان، مشيرا الى ان شركة البترول التركية اكتشفت كميات من النفط الخام عالي الجودة في منطقة جبل جابار في جنوب شرق تركيا (الواقعة في نطاق نفطي ينطلق من العراق)، وهو ما يمكن أن يساعد في خفض واردات تركيا من النفط بنسبة 10%.
كما لفت التقرير الى اتفاق تركيا والعراق على التعاون في مشروع "طريق التنمية".
ولهذا، قال التقرير ان هذه تمثل فرصا عظيمة يتحتم على الولايات المتحدة أن تدعمها من أجل كسر اعتماد العراق في مجال الطاقة على ايران، مضيفا ان قيام واشنطن بذلك، سيساعد العراق في التحول الى حليف إقليمي بالإمكان الاعتماد عليه، ويساهم أيضا في ضمان ان الاجراءات الاميركية ضد إيران، ستكون أكثر فعالية.
وأشار إلى أن بإمكان تركيا أن تعمل على إبعاد العراق عن الفلك الإيراني وجعله أقرب نحو المصالح الامريكية.
وبينما قال التقرير إن أنقرة وطهران اظهرتا الاهتمام بزيادة التعاون بينهما في مجال الطاقة، واتفقنا على الالتزام بزيادة حجم التجارة الى 30 مليار دولار سنويا، اشار التقرير الى ان الوضع الاقتصادي المتردي في تركيا يجعل أي علاقات تجارية تشكل أهمية بالنسبة إليها.
لكن التقرير قال انه فيما يتعلق بالتعاون في مجال الطاقة، فإن أنقرة لديها بدائل، متسائلا بالتالي عن سبب تودد تركيا لإيران.
وأوضح التقرير أن سوريا تمثل العمود الفقري لتحقيق التوازن الدبلوماسي بين تركيا وإيران والولايات المتحدة.
وأشار في هذا الصدد إلى أن الأولوية القصوى لتركيا تتمثل في إنشاء منطقة آمنة بطول 900 كيلومتر على طول الحدود مع سوريا لابعاد المقاتلين الكورد جنوبا واعادة ملايين اللاجئين السوريين، الا انه ذلك يتطلب موافقة الرئيس السوري بشار الأسد، الذي سبق له ان قال انه لن يجلس مع أردوغان من دون شرط مسبق يتمثل بإعلان تركيا أنها ستسحب قواتها من شمال سوريا، وهو بند ترفضه انقرة.
وتابع التقرير قائلا انه من اجل إيصال هذه الرسالة التركية، فإن ذلك يتطلب دورا من جانب إيران وروسيا، مضيفا أن موسكو المنشغلة بالحرب في أوكرانيا، أقل اهتماما بذلك مقارنة بإيران التي بدأت بتضييق الفجوات مع تركيا منذ بداية حرب غزة عبر ارسال وفود رفيعة المستوى الى أنقرة للبحث في السياسات الاقليمية.
وأضاف أنه بينما تعتبر إيران الولايات المتحدة وتركيا بمثابة قوات احتلال في سوريا، إلا أنها تعتقد أن القنوات الدبلوماسية بامكانها معالجة خلافاتها مع تركيا، حيث حاولت طهران القيام بوساطة بين دمشق وانقرة، الا ان ذلك لم يحقق نتائج.
وتابع ان القيادة التركية في المقابل، تحاول أيضا استكشاف خيارات الحصول على الدعم من طهران وموسكو، وهو ما تجلى في زيارة وزير الخارجية هاكان فيدان إلى طهران في سبتمبر/ايلول 2023 للبحث في الملف السوري، والتي استبقها بزيارة إلى موسكو.
ودعا التقرير الولايات المتحدة الى الادراك ان سوريا هي القوة الدافعة الحاسمة للعلاقات التركية الإيرانية.
وتابع قائلا انه برغم ان انقرة وطهران تدعمان القوى المتعارضة داخل سوريا، غير أن تركيا بحاجة إلى دعم طهران لتحقيق أحد أهم أهداف سياستها الخارجية، وهو ما يشكل دافعا تركيا من أجل استرضاء إيران من خلال وسائل أخرى، كالتعاون في مجال الطاقة.
ورأى التقرير أن تركيا من خلال حفاظها على علاقات ودية مع ايران، فان ذلك سيساعدها على حماية الديناميكية الأمنية في العراق، عبر الحؤول دون استخدام ايران الضوء الأحمر إزاء استمرار تركيا بوجودها العسكري في العراق.
واضاف ان انقرة تؤدي دورا متوازنا من خلال منع سيطرة الحشد الشعبي الكاملة على الأرض وإبقاء النفوذ العسكري الإيراني تحت التدقيق.
وختم التقرير بالقول إن لتركيا والولايات المتحدة خلافاتهما حول السياسات في الشرق الأوسط، مثل دعم واشنطن لاسرائيل والقوات الكوردية في سوريا، الا انه العلاقات بين انقرة وواشنطن تشهد تحسنا.
ووفقا للتقرير فان الأهداف المتعلقة بسوريا تدفع انقرة الى البحث عن علاقات مستقرة مع طهران وسط المنافسة الجيوسياسية، وهو ما يتيح للولايات المتحدة من خلال الشراكة مع تركيا، أن تهدئ الأزمات، كالمواجهة بين ايران واسرائيل والهجمات على القوات الأمريكية في الشرق الاوسط.
وخلص التقرير بالقول الى انه في حال زار اردوغان واشنطن في الشهور المقبلة، فانه يتحتم على بايدن ان يقدم للرئيس التركي الحوافز الكافية لتعزيز مهمة التوازن التي تقوم بها انقرة وتشجيع ضبط اكبر لإيران.
ترجمة: شفق نيوز