شفق نيوز/ قدمت صحيفة "هيرالد سكوتلاند" البريطانية، يوم السبت، سلسلة نصائح لرئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي الذي "يسير على حبل مشدود سياسياً"، لمعالجة المصاعب المعقدة التي يواجهها العراق "المحطم".
واستعرضت الصحيفة البريطانية، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، العديد من المشاهد التي تشير الى حالة العراق "المتردية"، قائلة إن هذا البلد "العائم على بحر من النفط كان يفترض ان تكون عملية اعادة اعمار بنيته التحتية التي دمرتها الحرب قد تمت، واستعاد اقتصاده عافيته".
و"ما زالت مواقع البناء معطلة، وتنتشر في افق بغداد مشاهد الرافعات الصدئة والطرقات والجسور ممتلئة بالحفر، وما يزال انقطاع التيار الكهربائي هو السائد، حيث لا وجود للتدفئة في الشتاء ولا مكيفات تبريد في درجات حرارة الصيف الحارقة"، وفق الصحيفة التي أشارت إلى "الاعتماد على مولدات كهرباء مملوكة للقطاع الخاص".
وتقول الصحيفة، أنه "في ظل تدهور البنية التحتية في بغداد، استمر سكانها في التضخم، وهي ظاهرة عززها تدفق اللاجئين الفارين من مناطق الصراع في الشرق الاوسط"، مبينة "في وقت الغزو الامريكي في العام 2003، كان عدد سكان بغداد 4.7 مليون نسمة، بينما هم اليوم اكثر من 8.2 مليون نسمة".
واشارت الصحيفة إلى أن "العراق بلد محطم، وقد تعرضت بنيته التحتية للدمار بسبب عقود من العقوبات والحرب ابان حكم الرئيس المخلوع صدام حسين والغزو الذي قادته الولايات المتحدة العام 2003 ، والتمرد العنيف الذي تبعه عندما استولى تنظيم داعش على اكثر من 40٪ من الاراضي العراقية في العام 2014"، منوهة إلى أن "الحملة سحق الجهاديين أدت الى تدمير شبه كامل للمدن العراقية في الفلوجة والموصل والرمادي".
وبين تقرير الصحيفة أن "الاقتصاديين يعتقدون أن العراق بحاجة الى نحو 100 مليار دولار لإعادة الإعمار، وقد تفاقمت محنته بسبب الوباء وانهيار اسعار النفط، الذي تفاقم بسبب الاغلاق العالمي"، مضيفاً أنه "بسبب عجز الميزانية، واجهت الحكومة تحديات في دفع رواتب موظفي الدولة وكذلك معاشات التقاعد لمواطنيها المسنين".
واعتبرت الصحيفة أنه "لا يمكن القاء اللوم في تفكك العراق على صدام حسين وغزو جورج بوش وتوني بلير، وحدهم"، مشيرة إلى أن "ولاية رئيس الحكومة نوري المالكي التي استمرت ثمانية اعوام ساهمت في زرع بذور الطائفية، ما ادى الى تفجر حرب اهلية محدودة ومهدت الطريق لداعش لغزو العراق من سوريا".
وذكّرت الصحيفة، "باعتقال احمد نجل المالكي في بيروت في العام 2014 بعد أن وجد افراد الامن اللبنانيون بحوزته اكثر من 1.5 مليار دولار نقداً، وهي اموال يبدو ان نقلها تم من العراق".
كما ذكّرت بأن "الرئيس العراقي برهم صالح أعلن عن مشروع قانون جديد لمكافحة الفساد، وكاشف أن السياسيين اختلسوا 150 مليار دولار منذ غزو العام 2003، ومشيراً إلى أن "القانون الجديد سيسعى الى تعاون الحكومات الاجنبية لاستعادة الكثير من هذه الثروة المنهوبة التي تم تهريبها الى خارج العراق".
كما تناولت الصحيفة الوضع في مدينة البصرة التي هي "عاصمة النفط في العراق ومينائها الرئيسي، إلا أن مواطنيها يعيشون في احياء فقيرة قذرة، وهم يحملون الفساد السياسي المسؤلوية عن اوضاعهم"، وأشارت إلى أن "محافظ البصرة السابق ماجد النصراوي فرّ الى الخارج بعد ان فتحت هيئة النزاهة العراقية تحقيقا ضده حول الفساد".
وأعربت الصحيفة عن الاسف لأن "مشروع قانون الرئيس صالح لمكافحة الفساد لديه احتمالات ضئيلة في ان يصبح قانوناً"، مشيرة إلى أنه "بموجب الدستور العراقي، فأن السلطة منوطة برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحكومته، التي تضم ائتلافاً غير مستقر من الفصائل الموالية للغرب والموالية لايران".
وتابعت أنه "ينظر الى الكاظمي على انه موالي لواشنطن اكثر منه موالياً لطهران، وهو ما قد يكون بمثابة كعب اخيل بالنسبة اليه"، مشيرة إلى انه "داهية وعلماني، وأن تعيينه كرئيس للوزراء يعكس استياء الرأي العام المتزايد لتدخل الملالي الايرانيين في العراق".
إلا أن الصحيفة اعتبرت أن "مهمة الكاظمي لم تصبح اسهل وأن سنوات من سوء الادارة والفساد جعلت العراق هدفاً سهلاً لطهران، التي سرعان ما سيطرت على عدد كبير من الميليشيات، حيث قامت بتدريب وتسليح وتشكيل اكثر من 150 الفاً منهم في اطار الحشد الشعبي، بعد دورها في المساعدة على الحاق الهزيمة بداعش"، مشيرة إلى أن "شبكات الحشد تطورت الى فصائل امنية وسياسية واقتصادية تتنافس على السلطة داخل الدولة".
وخلصت الصحيفة إلى القول أنه إلى أن "يتمكن العراقيون من تخفيف قبضة الملالي واستعادة السيطرة على شؤونهم الخاصة، سيضطر الكاظمي الى السير على حبل مشدود سياسياً"، مضيفة انه "اذا تمكن من تأمين دعم الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة للاصلاحات الرئيسية، فقد تكون لديه فرصة لتنفيذ بعض التغييرات، بما في ذلك تشريعات الرئيس برهم صالح لمكافحة الفساد".
ومهما يكن، فقد اقترحت الصحيفة مجموعة الاجراءات التي يتحتم على الكاظمي القيام بها كأولويات، من بينها اصلاح الخدمة المدنية، وطرد الفاسدين واستبدالهم بموظفين مهرة، وتخصيص نسبة ثابتة من عائدات النفط لمشاريع اعادة الاعمار، وان يضمن اخراج اعادة اعمار العراق من بين ايدي الوزارات الفاسدة، لتكون تحت اشراف هيئة قانونية مستقلة لاعادة الاعمار.
كما يتحتم على الكاظمي انشاء قوة شرطة مالية تتمتع بصلاحيات واسعة للتحقيق والاعتقال، وانشاء محاكم خاصة لمكافحة الفساد، واصلاح الجهاز القضائي وادخال معايير صارمة للكفاءة والنزاهة لا يستطيع السياسيون التدخل فيها.
وأشارت إلى أن تأثير هذه الاصلاحات قد يكون محدودا، لكنها "قد تعيد العراق وشعبه الى طريق الازدهار المستقبلي بعد عقود من الحرب والفساد".