شفق نيوز/ قال مدنيون فروا من الجزء المحاصر في مدينة الموصل العراقية إن مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية يفتحون النار على الرجال والنساء والأطفال أثناء محاولتهم الهرب تحت جنح الظلام.
وخاض آلاف في الطين وقد استبد بهم الإرهاق والجوع وهم يسيرون بجوار مبان مدمرة وأرصفة محطمة للوصول إلى نقطة تفتيش للجيش.
وحمل البعض حقائب أو أمتعة فيما فر آخرون وليس معهم سوى ملابسهم التي عليهم. وجاءوا مترجلين أو مكدسين في عربات خشبية في حين دفع البعض أقاربهم في كراس متحركة.
وقال ضابط مخابرات يرتدي زيا أسود إن نحو ستة آلاف شخص وصلوا يوم الخميس كما تدفق عدد مماثل تقريبا يوم الجمعة منذ الرابعة فجرا بالتوقيت المحلي.
ومع شعورهم بالارتياح لوصولهم الآمان في نقطة التفتيش وصف بعض أولئك الفارين كيف أنهم عرضوا أنفسهم للنيران أثناء هروبهم.
وقال فارس خضر من حي الآبار "القناصة محترفون ولا يهمهم شيء. أي شخص يتحرك يقتلونه."
ومعركة الموصل، المعقل الحضري الرئيسي الأخير للدولة الإسلامية في العراق، مستمرة الآن منذ أكثر من خمسة أشهر. وتمكنت القوات الحكومية من السيطرة على الشطر الشرقي من الموصل في يناير كانون الثاني وتحاصر المتشددين في الشطر الغربي من نهر دجلة.
وهناك 500 ألف مدني على الأقل محاصرون في الداخل تحت قصف مدفعي وضربات جوية من قوات الحكومة والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أو يجدون أنفسهم محصورين وسط إطلاق النيران في قتال بري أو يستهدفهم مسلحو الدولة الإسلامية. وأحيانا يستخدم مقاتلو الجماعة المتشددة السكان كدروع بشرية.
وألقى خضر بالمسؤولية على الحكومة والتحالف الدولي عن بعض الدمار والوفيات. وقال إن قناصا من الدولة الإسلامية كان يطلق النار من على سطح منزله عندما وقعت غارة جوية.
وأضاف قائلا "هناك أناس كثيرون موتى تحت الحطام. بعض أفراد عائلتي توفوا. لم يتمكن أحد من إخراج الجثث. قتلوا في ضربة جوية."
* "لا غذاء ولا ماء"
وصف عمر، وهو ميكانيكي سيارات، الحياة تحت حكم الدولة الإسلامية.
وقال "منتهى الصعوبة. لا غذاء ولا ماء. هم يقتلون الكثير من الناس. يقتلون أي شخص يخرج .. يقتلونهم في الشوارع."
وتابع قائلا وهو يحمل ابنه الصغير على كتفه "ليس لدينا مال. عانينا لثلاث سنوات."
دفع سلوان (19 عاما) شقيقته نور (21 عاما) المصابة بالشلل والصمم لأكثر من ساعتين على كرسيها المتحرك للوصول إلى بر الأمان بعد أن تعرض بيتهم للتفجير. وقال إنهم تعرضوا لطلقات نارية أثناء الرحلة الشاقة.
وتصبب العرق من وجه خالد خليل وهو يقطع بصعوبة الأمتار الأخيرة من الطريق الذي تتناثر فيه الأنقاض وقد تدلى ابنه على كتفه بينما تسير زوجته وأطفاله الثلاثة خلفه. ولم يكن معه معطف ولا حقائب ويلبس في قدميه المتسختين بالطين نعلا من البلاستيك.
وقال خليل (36 عاما) الذي كان نجارا لكن متجره تعرض للتدمير "أتيت هكذا. سنحت لنا الفرصة فهربنا... نتنقل منذ الأمس. نحن متعبون جدا لكننا الآن في أمان."
* مجازفة
جاءت سيارة جيب تقل رجلا مصابا على محفة. كان راقدا على الأرض بجوار مبنى مهجور.
وحمل بشار حازم (43 عاما) وعلي (29 عاما) شقيقهم معن (32 عاما) طوال الليل بعد أن أصيب بطلقة في الفخذ الأيمن قبل عشرين يوما. وضمد الجرح في مستشفى الجمهوري داخل منطقة خاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية لكنها غادر المستشفى إلى منزله بعد ثلاثة أيام لأن المنطقة كانت خطيرة. ولم يكن معه مسكنات للألم وأخذ يتأوه بينما كان شقيقاه يتحدثان.
وقال بشار "لم يكن لدينا طعام. لهذا قررنا المجازفة بالهرب."
وقاموا بالفرار مع مجموعة كبيرة في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة. لكن مسلحي الدولة الإسلامية بدأوا يطلقون النار عليهم فتفرقت المجموعة. وشاهدوا ثلاث نساء أصبن بطلقات في الساق.
وقال علي "حتى إن كنت مصابا يطلقون عليك النار. عائلتنا لا تزال في الداخل لكنهم سيأتون قريبا بإذن الله."
وفي نقطة التفتيش يفصل الجنود النساء والأطفال عن الرجال. وكانوا ينتظرون، وهم متعبون لكن علامات الارتياح على وجوههم، حافلات لتقلهم إلى مخيم استقبال تابع للأمم المتحدة في حمام العليل على بعد حوالي 20 كيلومترا.
وجمع جنود الرجال في متنزه جلسوا فيه على الأرض تحت حراسة في انتظار الاستجواب.
وقال ضابط المخابرات "نجري فحصا أوليا هنا. أي شخص نشتبه بأنه يعمل مع داعش ننحيه جانبا."
وأضاف أن بعض مقاتلي الدولة الإسلامية حاولوا المغادرة متنكرين في هيئة نساء وقد أخفوا وجوههم بالنقاب.
ثم يوضع الرجال بعد ذلك في شاحنات وينقلون إلى مركز لمزيد من التدقيق الأمني.
وأخذ الرقيب حسام عماد، وهو قريب لبعض اللاجئين، في إلقاء النكات على مجموعة من النساء والأطفال كانوا ينتظرون لنقلهم إلى مخيم الاستقبال. واستقلوا الحافلة والبسمة تعلو وجوههم.