شفق نيوز/ تشكل المخطوطات إرثا ثقافيا ومعرفيا مهما، لكونها تشكل وثيقة تاريخية، خاصة وأن عمر بعضها يمتد لأكثر من ألف عام، وغالبا ما تحظى باهتمام كبير في جميع دول العالم، وتوضع في متاحف شهيرة.

وتعد المخطوطات وثائق تاريخية أصلية يتم اللجوء لها كدلالة معرفية من قبل الكتاب والباحثين، فيما يتم الحفاظ عليها وصيانتها كي لاتتعرض للتلف، ولمنع التلاعب بها وتزييفها.

ويحفل العراق بحضارته العريقة، بآلاف المخطوطات العلمية والثقافية، كما يعد من أوائل دول المنطقة التي اهتمت بالمخطوطات وصيانتها والحفاظ عليها، وذلك عبر إنشاء دار المخطوطات العراقية، وذلك عام 1940، وكان عبارة عن شعبة صغيرة، توسعت بعد ذلك واصبحت دائرة عامة تابعة لوزارة الثقافة والسياحة والاثار، تضم عددا من الاقسام، منها الفهرسة والتصوير والخزن والترميم والصيانة.

مراسلة شفق نيوز، أجرت زيارة للدار، والتقت مع هديل عبد حمادي، وهي موظفة بقسم الصيانة فيه، التي أكدت أن "الدار تضم آلاف المخطوطات، ويتم استلامها من المخازن الرئيسية التابعة لوزارة الثقافة من أجل صيانتها وترميمها وحفظها".

وتشير هديل لوكالة شفق نيوز، أن "هناك مخطوطات يصل عمرها إلى أكثر من ألف عام، وبسبب التقادم تتعرض للتلف والتشويه جراء الرطوبة والخزن، ونحن في قيم الصيانة نعمل على اصلاح الاجزاء التالفة وتجليد المخطوطة وكبسها وجعلها على شكل ملزمة".

وتضيف أن "إصلاح وصيانة بعض المخطوطات يحتاج عدة أشهر، وذلك بحسب ما تتعرض له المخطوطة من ضرر، حيث يتم ترميم كل ورقة من أوراقها على حدة، ثم يتم جمعها على شكل ملزمة، بعد ذلك يتم خياطتها وتجليدها من اجل الحفظ الوقائي للمخطوطة، وتوضع بعد ذلك في حافظة وتعاد الى المخازن".

وتلفت إلى أن "جميع الاشياء التي يتم استخدامها في خياطة المخطوطات وصيانتها هي اشياء طبيعية، وانه يتم تصوير المخطوطة قبل البدء بصيانتها".

وتتابع وهي تقوم بشرح مفصل لجميع الخطوات، "بعد أن يتم ترميم المخطوط بأنامل مرممين مختصين، تحفظ بغلاف من الكارتون القاعدي حسب قياسات المخطوط، ثم تعاد الى خزانة الدار لتحفظ تحت ضوابط الحفظ الصحي للمخطوطات".

بدورها، توضح نضال، الموظفة في القسم نفسه، لوكالة شفق نيوز، أنه "يتم كبس المخطوطات بمكبس خاص بعد الانتهاء من عملية الصيانة".

وتؤكد أن "بعض المخطوطات التي تم اصلاحها كانت قد تعرضت لبعض الحروق او انها كانت مدفونة في المقابر، وهي أكثر مكان تصلنا منه المخطوطات، أو أخرى تمزقت بفعل حشرة الأرضة والقوارض، فضلا عن عوامل الرطوبة الشديدة".

وتمتلك دائرة المخطوطات العراقية نحو 47 ألف مخطوطة، تتضمن مختلف اللغات والموضوعات، ويمتد عمر بعضها لأكثر من ألف عام، وتتضمن تصنيفات مهمة بمختلف العلوم والمعارف، إضافة الى الرقع الخطية المكتوبة بأيدي كبار الخطاطين العراقيين والأجانب، بعضها مكتوبة على الرق، وبعضها مكتوب بالخط الكوفي.

وكانت وزارة الثقافة والسياحة والآثار اطلقت عام 2021  مبادرة كبرى لبناء وتدريب قدرات الفرق الفنية لدار المخطوطات في مجال حفظ المخطوطات القيمة والكتب النادرة لإنقاذ ما تبقى منها ومحاولة استعادة بعض المفقودات، خاصة وان مئات المخطوطات القيمة كانت قد تعرضت للحرق والسرقات والنهب والتدمير خلال التحولات السياسية والظروف الامنية التي شهدها العراق.