شفق نيوز/ تحت لواء توحيد البيت الكوردي، وعلى قاعدة أنه لا توجد مشكلة لا يمكن حلها، وفي مرحلة سياسية حساسة في العراق والمنطقة، ألقى رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني بأوراقه في اللحظة المؤاتية تماما والتي كان يحملها في جيب، و"مفتاح حل المشاكل" في جيب آخر، شخصية يتفق المراقبون حول مدى تأثيرها في ردم هوة الخلافات واحتوائها.
زيارة شديدة الترتيب الى مدينة السليمانية، استمرت لساعات قليلة وباجتماعات مكثفة، ينتظر منها تداعيات على الساحتين الكوردية والعراقية.
لائحة الأهداف التي يمكن أن يحققها نيجيرفان بارزاني، في إطار لم الشمل الكوردي، كبيرة، تبدأ من وقف الحملات الاعلامية المتبادلة بين القوى الكوردية، وخاصة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، مرورا بتوحيد المواقف من "المرشح الكوردي" لمنصب رئاسة الجمهورية العراقية، وصولا الى تعزيز الجبهة الأمنية الداخلية في الإقليم ومع الحكومة الاتحادية في بغداد بمواجهة "المجاميع الارهابية" العائدة من ثغرات عدة، ووصولا أيضا محاولة التأثير على جهود تشكيل الحكومة العراقية حيث يمر العراق بما يشبه الشلل في العمل السياسي حكوميا، منذ ما بعد انتخابات العاشر من تشرين الاول/اكتوبر الماضي.
ومعلوم أن القوى الشيعية أساسيا تتنازع منذ انتخابات أكتوبر، حول "حقوق" الأكثرية البرلمانية والثلث المعطل وتسمية رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية والمهل "الصدرية"، إلى جانب العواصف الرملية والجفاف ومشكلات الكهرباء وهواجس الأمن، والعمليات العسكرية التي ساعة تأتي من صوب الشمال التركي، وتارة من جانب الشرق الايراني، وتارة اخرى من خلال هجمات تتعرض لها اربيل.
ولهذا، أن يصل بارزاني الى محافظة السليمانية بصحبة رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل طالباني وان كان لمناسبة المشاركة في مراسم تخرج دفعة من خريجي طلبة الكلية العسكرية، لها ما لها من معاني واهداف، ليس أقلها توحيد "البيت الكوردي"، وصولا الى احتمال كسر شبه الشلل السياسي القائم في البلاد.
إذن، ستترصد جهات عديدة لمراقبة مجريات الزيارة نفسها، وما يصدر خلالها من تصريحات ومواقف، وما ستحمله الأيام المقبلة من أحداث مترتبة على "الجولة الكوردية" لبارزاني على البيوت السياسية في السليمانية، بكل ما تمثله المدينة من عناصر سياسية واجتماعية وشعبية تشكل في وقت واحد خيوط تجاذب وحساسية، ليس من السهولة التعامل معها بحرص، لولا الدراية السياسية التي لدى بارزاني لمقاربتها بمبدأ "كسر الجليد".
هذه الزيارة سبقتها تسريبات أطلعت عليها وكالة شفق نيوز، حيث قرر الحزب الديمقراطي الكوردستاني في اجتماعه الأخير للمجلس القيادي للحزب، تطبيع علاقاته مع الاحزاب والاطراف السياسية في إقليم كوردستان، وان رئيس الاقليم وهو نائب رئيس الحزب ايضاً، سيقوم بزيارة الأطراف السياسية في السليمانية، لعقد اجتماعات من أجل تطبيع الأوضاع والتركيز على المشتركات الجامعة للبيت الكوردي، في وقت أعرب قيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني، ان تكون زيارة بارزاني الى السليمانية "سببا في اللحمة ووحدة الصف بين الاطراف السياسية الكوردستانية".
وفي أولى الإشارات الناتجة عن الزيارة، أعلن بارزاني في كلمة له في مناسبة تخريج طلاب الكلية العسكرية الثالثة، انه تم التوصل الى أرضية لحل "الانسداد السياسي" الحاصل في الإقليم والعراق كافة، والنجاح في إيقاف الحرب الإعلامية بين الحزبين الديمقراطي الكوردستاني، والاتحاد الوطني الكوردستاني، مؤكدا انه "لا توجد مشاكل لا يمكن حلّها".
في خطابه ذاته أمام الطلاب العسكريين، دعا بارزاني العراقيين بأطيافهم كافة الى الوقوف ضد المشاريع والتهديدات التي تنفذها المجاميع الخارجة عن القانون ضد الإقليم وعاصمته اربيل، مؤكدا ان حماية العراق أمر مهم بالنسبة لنا وينبغي ان يكون الاقليم جزءا من حماية الدولة العراقية وينظر الى ذلك كواجب مشترك يقع على عاتق العراقيين كافة، مردفا بالقول ان النظام الاتحادي في العراق سيكون عاملا في تقوية سيادة العراق ولن يضعفه بل يقوي من أواصر الشراكة بين مكوناته، مذكرا بمساهمة البيشمركة في الحفاظ على الأمن والاستقرار في العديد من المناطق العراقية بينها العاصمة بغداد، وفي الحرب ضد داعش بدعمها للقوات العراقية وحماية محافظتي كركوك وديالى.
ومن هذا المنظار، اكد بارزاني متحدثا باسم الإقليم كله، ان "أمن أربيل وكوردستان من أمن العراق، وسيادتنا ومصالحنا مشتركة، والنجاح والفشل مشترك ايضا"، مذكرا بقضية اساسية تتمثل بالمناطق المتنازع عليها المشمولة بالمادة 140 من الدستور بقوله "للأسف هناك خروقات في تلك المناطق وقوات البيشمركة والحشد الشعبي والجيش يقعون ضحية تلك الخروقات الناجمة عن الفجوة الأمنية"، داعيا الى التنسيق بين البيشمركة والقوات العراقية كافة مثلما كان الحال خلال الحرب على داعش.
جانب مهم وأساسي من زيارة بارزاني هي لقاءاته مع بافل طالباني، بحضور نائبي رئيس الإقليم ونائب رئيس حكومة إقليم كردستان وأعضاء من المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني، والتي عبر عنها النائب السابق، والقيادي بالاتحاد الوطني، جمال شكر، لوكالة شفق نيوز، بالقول ان الزيارة مثلت فرحة للعراقيين وانتصارا للقوى الكوردية للخروج من الانسداد والإسراع في اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الاتحادي"، وان الزيارة تساهم في توحيد الصف الكوردي، مذكرا بالعلاقات التاريخية العميقة التي تربط حزبي الاتحاد والديمقراطي والى ان تطويرها "ضرورة لإنهاء الانسداد السياسي في العراق"، والى ان المرحلة المقبلة ستشهد تبادلا للزيارات والاجتماعات بين قيادة الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي"، معربا عن أمله في الوقت نفسه ان تساهم القوى الشيعية "حل الانسداد السياسي مثل ما حدث بين الأحزاب الكوردية".
في رسالة اخرى وجهها بارزاني خلال لقائه الأمين العام للاتحاد الإسلامي الكوردستاني صلاح الدين محمد بهاء الدين، أعلن أن الهدف من زيارته لمحافظة السليمانية هو تبديد التوتر وتعزيز التضامن بين القيادات الكوردية، داعيا الأمين العام وقيادة الاتحاد الاسلامي الكوردستاني إلى لعب دورهم في عملية المصالحة.
ومن أجل موازنة هذه "الحركة السليمانية"، عمد بارزاني ايضا الى الاجتماع بقيادات حركة "التغيير" متمثلة بعمر سيد علي، بالاضافة الى رئيس جماعة العدالة الكوردستانية علي بابير.
في بيان لرئاسة اقليم كوردستان ورد الى وكالة شفق نيوز، اشار الى ان بارزاني جدد التأكيد على ان رئاسة الإقليم مستمرة "في مساعيها من اجل وحدة الصف والتناغم بين الاطراف وستبقى مظلة جامعة لجميع الأطراف والمكونات في إقليم كوردستان".
ستكون لزيارة بارزاني الى السليمانية تأثيراتها الواضحة على البيت الكوردي وهو ما عبر عنه البيان نفسه عندما ذكر ان "الاطراف كانت متفقة في الرأي على أن معالجة الخلافات بين الاطراف ووحدة الصوت خاصة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، سيكون لها تأثير إيجابي على الأوضاع العامة في الاقليم وتقوي مكانة كوردستان في بغداد".
ينتظر اذن مراقبة المدى الذي ستطاله شرارات الزيارة "البارزانية" الى السليمانية، الى بغداد الغارقة في تجاذبات ما بين التحالف الثلاثي وبين قوى الاطار التنسيقي حول الحكومة التي طال انتظارها، وما اذا كانت قيادات مثل السيد مقتدى الصدر ونوري المالكي وهادي العامري وغيرهم، سيبحثون هم ايضا عن وسائل ناجعة للم صفوف البيت الشيعي والخروج بتسوية ترضي الجميع، والاهم ارضاء الشارع العراقي المتململ.
كما ينتظر المراقبون لمعرفة ما اذا كان لم البيت الكوردي، عالج بالفعل التباين بين الحزبين الكورديين الرئيسيين حول منصب رئيس الجمهورية الذي رشح الحزب الديمقراطي ريبر أحمد لتوليه.