شفق نيوز/ كشف معهد "غلوبال ريسك انسايت" المتخصص في مناقشة وتحليل المخاطر السياسية والاقتصادية العالمية في تقرير له، اليوم السبت، عن تفاصيل نشاط مالي كبير "غير مشروع" داخل العراق وسوريا وعلى حدود الدولتين.
وتناول تقرير المعهد الدولي، بالتفاصيل النشاطات المالية الكبيرة لما وصفها بـ"الميليشيات" في كل من العراق وسوريا، مشيراً إلى أن انشطتها المالية تلك تدر عليها الارباح، محذراً من تأثيرات وعواقب ذلك على الصعيدين المحلي والاقليمي.
وذكر التقرير، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "السكان يعانون من سرقة الممتلكات والنهب والابتزاز من قبل هذه المليشيات المختلفة، وهو ما يؤدي بالتالي الى زيادة التوترات الطائفية"، مشيراً إلى أن "ابرز أوجه النشاط الاقتصادي للميليشيات هو تعدد نقاط التفتيش المنتشرة في كل من العراق وسوريا".
وأوضح أن "الرسوم المالية المستحصلة من نقاط التفتيش والجبايات المرتفعة على البضائع، تعني أن العراقيين والسوريين لا يضطرون فقط الى الانتظار في طوابير طويلة عند نقاط التفتيش البطيئة، وانما يدفعون أيضاً أموالاً بالغة".
وتابع القول إن "نقاط التفتيش عادة ما تستغل من أجل السيطرة على الاراضي والحصول على الشرعية واقامة الروابط مع السكان المحليين"، مضيفاً أن "تأثيراً سلبياً لهذه النقاط في الاحياء السنية، فعلى سبيل المثال فأن السكان يتذكرون مئات الشبان الذين فقدوا عند حاجز الرزازة في الانبار، حيث يجد هؤلاء السكان بأن المسلحين الشيعة يرهبونه" وفق وصف التقرير.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن "السكان السنة في الموصل يشعرون بالانزعاج من استيلاء المليشيات الشيعية في الحشد الشعبي، مثل عصائب اهل الحق وسرايا الخراساني على ممتلكات الوقف السني".
وعلى سبيل المثال، يقول التقرير، إن "سوق البالة في الموصل والذي كان تابعاً للوقف السني، أصبح الان تحت سيطرة الوقف الشيعي، مع تخويف السكان لدفع الايجار".
ولفت إلى أنه "في كل من العراق وسوريا، لم تتم اعادة الاراضي المستعادة من داعش الى اصحابها الاصليين، حيث يتم التعامل مع النازحين واللاجئين بالتشكيك والتهميش".
وتابع أن "في سوريا، ادت استعادة قوات النمر السيطرة على بلدة مورك الى سرقة العديد من الاراضي، وقد اضطر احد السكان المحليين الى دفع ما يصل الى 5 الاف دولار لعضو من قوات النمر لاستعادة ارضه".
الى ذلك، يضيف التقرير، أن "الميليشيات تقيم امبراطوريات عقارية، ففي العراق مثلاً، سيطرت الميليشيات على مكاتب مهمة مثل دائرة تسجيل الاراضي من اجل الاستحواذ على العقارات المربحة، في حين أنه في سوريا تتداخل سرقة الممتلكات وجهود إعادة الإعمار ويستغل النظام والجماعات التابعة له التغييرات الديموغرافية الهائلة من اجل تحقيق ثرواتهم الخاص".
وعلى سبيل المثال، أشار التقرير إلى أن "تلك الممارسات تشمل اكبر مشروع لاعادة الاعمار في سوريا حالياً ، وهو (ماروتا سيتي)".
وينوه التقرير إلى أن "المكاسب الاقتصادية توجه إلى رجال الاعمال المرتبطين بالنظام والذين يهيمنون على القطاع الخاص السوري، بينما يتم اخلاء السكان رغما عنهم من دون ان يكونوا قادرين على المطالبة بحقوق الملكية".
أما جانبي الحدود العراقية-السورية، فيقول التقرير إن "السكان المحليين يشعرون بعدم الاستقرار بسبب الوجود الكثيف للجماعات المدعومة من ايران، مثل حركة حزب الله، النجباء، وحركة انصار الله، ولواء فاطميون"، وفق التقرير الذي وصفها بأنها "مجموعات منخرطة في الصراع السوري".
واعتبر التقرير أن "هذا المشهد يخلق وضعاً متقلباً، لأن المجتمعات عند المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، تتمتع بروابط عشائرية وعائلية قوية، بالاضافة الى المشاعر السنية والقومية".
ولفت التقرير إلى أن "اي اعمال استفزازية من قبل الميليشيات المدعومة من ايران، يمكن ان تمنح داعش الفرصة لاستغلال هذا التنافر القائم".
التاثيرات الوطنية
وبحسب التقرير فأنه على "امتداد الحدود السورية والعراقية، خاصة في المدن الحدودية القائم - البوكمال، تنتشر ظاهرة تجارة النفط والغاز عبر الحدود، وتهريب الاسلحة والبشر والبضائع".
وتابع قائلا ً إن "الميليشيات العراقية، سيما تلك المدعومة من ايران، تفرض احتكارها على طرق التهريب المهمة من والى ايران وسوريا وتركيا".
وأوضح أن "تهريب النفط يحقق أكبر الارباح المالية من المال من خلال مبيعات لما قد يصل الى 10 الاف برميل يومياً، يتم نقلها من الانبار الى سوريا.".
وفي الوقت نفسه، أشار التقرير إلى أن "مدى انخراط الميليشيات في تهريب المخدرات عبر الحدود غير واضح، إلا أنه ومنذ ظهور داعش، تزايد تعاطي المخدرات بشكل سريع".
وتابع أنه "في سوريا، يشنتر استخدام الكبتاغون بين الجهات المسلحة لتحسين التركيز والطاقة والشجاعة المدفوعة بالمادة المخدرة".
إلا أن الاسوأ من ذلك، بحسب ما لفت التقرير هو استخدام "الكريستال ميث" الذي انتشر في العراق في السنوات الاخيرة، والذي يشكل 60% من تجارة المخدرات في العراق، والذي يأتي معظمه من الحدود الايرانية الحافلة بالثغرات، اذ يمكن للمهربين الذين يتمتعون بعلاقات قوية او يدفعون رشاوى كبيرة، العبور عبر نقاط مراقبة الحدود التابعة لوحدة من الحشد الشعبي، مع شحنات كبيرة غير خاضعة للرقابة.
ويقدر قائد وحدة المخدرات محمد علوان بأن منطقته في بغداد تضم ما يصل الى 10 ٪ من السكان المدمنين على المخدرات، ومعظمهم من "الكريستال ميث".
وحذر التقرير أنه مع وجود 60٪ من سكان العراق تحت سن الـ25 ، والبطالة بين الشباب تصل الى 36٪ ، "يبدو ان سنوات الحرب واليأس والانحلال الاخلاقي المجتمعي دفعت شباب العراق نحو المخدرات كوسيلة للهروب" من الواقع.
التاثيرات الاقليمية
وذكّر التقرير بظاهرة "الشبيحة"، التي كانت معروفة في البداية بالتهريب عبر الحدود السورية اللبنانية خلال الثمانينيات، مشيراً إلى أنهم الان احدى الجهات الفاعلة العديدة المرتبطة بالنظام والتي تعمل هناك منذ بدء الحرب الاهلية السورية.
وتابع القول إن العقوبات الامريكية المشددة التي تستهدف النظام السوري من خلال "قانون قيصر" قد ساهمت في زيادة كبيرة بنشاط التهريب.
وأوضح التقرير أنه على امتداد الحدود اللبنانية، حول مدينة الهرمل، يجري تهريب جميع انواع السلع، لا سيما تلك المدعومة من قبل الدولة اللبنانية، مثل الوقود والخبز والحليب والاغنام.
ووفقاً لتحقيقات مراسلي قناة فرانس 24 الفرنسية، فأن نشاط التهريب هذا يكبد الاقتصاد اللبناني مبلغاً هائلا يبلغ 15 مليون دولار يومياً.
وختم التقرير بالاشارة إلى أنه في غضون ذلك ينجح النظام في سوريا في البقاء تحت وطأة العقوبات، فيما من المرجح أن يؤدي استمرار الانشطة غير المشروعة وادماجها في الاقتصاد الى تعزيز سيطرة ايران على العراق وسيطرة روسيا على سوريا.
وخلص إلى القول أنه بينما يتردد صدى التجارة غير المشروعة دولياً، مثلما يتضح من اكتشاف ايطاليا في العام الماضي 84 مليون حبة كبتاغون مصدرها سوريا، فقد تزايدت أهمية الجهود المبذولة لمواجهة الاقتصادات غير المشروعة على المستوى المحلي، كجزء من الجهود للتصدي لانعدام القانون إقليمياً.