شفق نيوز/ تحدثت صحيفة "الغارديان" البريطانية، يوم الأربعاء، عن خفايا وكواليس تتويج المنتخب العراقي بكأس آسيا عام 2007 وكيف تمكن أسود الرافدين من تحقيق ما قال إنه فشل البرلمان العراقي بتحقيقه وهو توحيد العراقيين.
واوضح التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، انه "في العام 2007، اي بعد 4 سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، تمكن منتخب اسود الرافدين، تحقيق ما يعتبر من اعظم قصص المستضعفين في الرياضة، بفوزه بكأسه الآسيوي الأول".
وذكر التقرير، أنه عشية المباراة النهائية في العام 2007، أجلس مدرب العراقيين جورفان فييرا لاعبيه على ارض الملعب في جاكرتا، قائلا لهم "انظروا حولكم.. "هنا مباراتنا في الغد. ولا اعتقد اننا سنصل الى هذه المرحلة مجددا".
ولفت التقرير إلى أن "رسالة المدرب كانت واضحة بأنه يتحتم على اللاعبين استغلال فرصتهم هذه، وهم كانوا بدورهم متحدين في توافقهم هذا". واشار التقرير الى انه "قبل حوالي 22 يوما من ذلك، وقبل المباراة الافتتاحية للعراق أمام تايلاند في بانكوك، كانت الأمور مختلفة تماما حيث كانت الحالة المزاجية في المعسكر في أدنى مستوياتها على الإطلاق، ويرجع ذلك أساسا الى المشاكل بين المدرب واللاعبين الكبار، وهو ما كان يعكس الأوضاع في وطنهم حيث كانت هناك حرب أهلية".
وتابع التقرير ان "أول تفاعل للمدرب فييرا مع نائب رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم ناجح حمود، تمثل بتسليمه لائحة بأسماء اللاعبين الذين يريد عودتهم العراق، فيما كان العديد من اللاعبين قد أبلغوا المساعد البرازيلي للمدرب، رحيم حميد، بعد هزيمة الفريق 2-0 امام اوزباكستان في مباراة ودية قبل البطولة، انهم على استعداد لدفع ما تبقى من مستحقات مالية من عقد فييرا من اجل ان يتخلى عن تدريب الفريق".
واضاف التقرير انه "كان هناك افتقار الى الاحترام والثقة بين فييرا واللاعبين، لدرجة ان الاتحاد العراقي فكر في استبدال الفريق بأكمله لكأس اسيا بمنتخب العراق الاولمبي تحت سن 23 عاما، الا ان الموعد النهائي الذي حدده الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للقيام بمثل هذه الخطوة كان قد انقضى، حيث كان الاتحاد العراقي يسعى ايضا الى استبدال فييرا، إلا أنه في ظل عدم توفر الوقت لإحضار البديل الملائم، فإن فييرا ظل مسؤولا عن خوض البطولة".
واشار التقرير الى ان "بداية مباراة المنتخب أمام تايلاند، كانت كارثية في مشواره، حيث تلقى ركلة جزاء بعد 6 دقائق، لكن المنتخب العراقي استعاد عافيته وادرك التعادل برأسية من يونس محمود الذي تحدث لاحقا كيف انه لاحظ ان العراقيين مهما كانت انتماءاتهم الطائفية والدينية او السياسية، راحوا يحتفلون بانتصارات الفريق من خلال رفع أعلام العراق، مما يؤكد ان مواطنيه يريدون التشديد على الوحدة وتحدي الطائفية التي كانت تقسم بلادهم في ذلك الوقت".
واضاف التقرير ان "المباراة ضد تايلاند بنتيجة التعادل 1-1، في حين كان المنافس التالي للعراق هو استراليا، مشيرا الى انه في حال كان العراق قد خسر هذه المباراة، لكان فييرا قد اقيل بشكل شبه مؤكد، لكن برغم كل المصاعب، فقد صدم العراقييون منتخب استراليا المفكك بالفوز بنتيجة 3-1.
وتابع التقرير انه في ظل التعادل 0-0 مع سلطنة عمان في مباراة العراق الاخيرة بالمجموعة الاولى، فان العراقيين تصدروا الترتيب، مما سمح لهم بالبقاء في بانكوك لخوض مباراة ربع النهائي ضد فيتنام حيث فاز العراق بنتيجة 2-0 بفضل هدفين سجلهما محمود، الاول بعد 79 ثانية فقط وكان اسرع هدف في البطولة.
اما في الدور نصف النهائي، فقد واجه العراقيون منتخب كوريا الجنوبية الذي كانوا قد التقوه قبل 26 يوما فقط، في تصفيات كأس العالم 2002 في جزيرة جيجو حيث خسر العراق وقتها بنتيجة 3-0.
وبحسب التقرير، فانه في مواجهة منتخب كوريا للمرة الثانية، كان لدى العراق ما يلعب من اجله: حجز مكان له في المباراة النهائية. وتابع ان المباراة انتهت بالتعادل السلبي بعد 120 دقيقة، وصار هناك احتكام الى ركلات الترجيح لتحدد من سيتاهل، حيث فاز العراق بنتيجة 4-3 بفضل بطولات حارس المرمى نور صبري، الذي كان صهره قد قتل في احد شوارع بغداد قبل اسابيع فقط.
ولفت التقرير الى انه سرعان ما تحولت الاحتفالات الى حزن عندما ظهرت أنباء عن مقتل نحو 50 شخصيا في تفجيرين انتحاريين في العاصمة بغداد، وتحطمت نفسيات اللاعبين ثم ظهرت سيدة على شاشة التلفزيون العراقي، وهي والدة الطفل حيدر البالغ من العمر 12 عاما والذي قتل في الهجوم، حيث تعهدت بالا تدفن ابنها الى ان يعود المنتخب العراقي بكاس آسيا.
واضاف انه وعند سماع صرختها هذه، تعهد اللاعبون العراقيون بالفوز بها كرماً لروح حيدر ولكل الشعب العراقي. اما في المباراة النهائية في جاكرتا، فقد لعب العراق مع الفائز ثلاث مرات بالكأس، اي المنتخب السعودي الذي كان الفريق المرجح فوزه بالبطولة.
وكان فييرا في السابق يدرب أحد الأندية السعودية حيث جرت إقالته بعد العديد من المشاكل مع اللاعبين السعوديين، ولهذا فإن مواجهة المنتخب السعودي الان، كانت بالنسبة إليه مسألة شخصية أيضا.
وتابع التقرير ان المباراة النهائية لكأس آسيا 2007، اقيمت في في 29 تموز/يوليو، بحضور أكثر من 60 الف متفرج، وكان المنتخب العراق هو الفريق الافضل، لدرجة انه بدا احتمال تسجيلهم الهدف حتميا، بينما كانت أصداء هتافات "العراق، العراق، العراق" تتردد في كافة انحاء الارض، فيما كان معلق قناة العراقية الرياضية رعد ناهي على شاشة التلفزيون يبتهل إلى الله قائلا "اللهم ادخل الفرحة على قلبي وشعبي"، بينما كان اللاعب هوار ملا محمد يستعد للعب ضربة ركنية في الدقيقة 72.
واضاف ان اللاعب محمود قفز عاليا ليسجل من الضربة الركنية في مرمى الحارس السعودي الذي فشل في صدها، وليتحقق الفوز، مضيفا أنه سئل محمود عن هذا الهدف قال إن "كل الشعب سجل الهدف، وليس انا فقط".
وختم التقرير بالقول في اليوم الذي فاز فيه العراق بكأس اسيا للمرة الاولى، كان العراقيون يدا واحدة، حيث أن 11 لاعب كرة قدم حققوا ما لم يستطع البرلمان العراقي القيام به، أي توحيد الأمة ورسم الفرح على وجوه الناس بدلا من الدموع والمعاناة".