شفق نيوز/ تتصاعد التحذيرات من مخاطر جرّ العراق إلى صراع المحاور على إثر الأحداث الجارية في غزة، فيما يؤكد مراقبون أن فكرة "توحيد ساحات المقاومة" تضرّ بالمصالح العراقية، وستكبد البلاد خسائر كبيرة لن تستطيع حكومة محمد شياع السوداني تحملها، خاصة وإن العراق لديه اتفاقا استراتيجيا مع الولايات المتحدة الأميركية، ما سيعيد بالبلاد إلى المربع الأول بعد فترة تعافٍ قصيرة.
وتعرضت خلال الأيام الماضية، القواعد الأميركية في العراق (فكتوريا في بغداد، وعين الأسد في الأنبار، وحرير في أربيل)، إلى عمليات استهداف من قبل فصائل المقاومة بعد هدنة دامت لأكثر من عام، ورغم عدم اتخاذ القوات الأميركية حتى الآن موقف للرد على مصادر النيران، إلا إن زيادة الهجمات قد تجبر واشنطن على شن عمليات للرد على تلك الاستهدافات، وفق المراقبين.
خطاب "حفّز" فصائل المقاومة
وفي هذا السياق، يقول الخبير الأمني، مخلد حازم الدرب، إن "محور المقاومة يمتد من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن، وأراد المقاومون من استهداف القواعد الأميركية في العراق، إيصال رسالة بإنهم جاهزون للرد على المصالح الأميركية إذ ما حصل اجتياح لغزة، على اعتبار أن أميركا هي الساند للكيان الصهيوني في حربه ضد غزة".
ويوضح الدرب لوكالة شفق نيوز، أن "خطاب السوداني في القاهرة، لم يكن دبلوماسياً كما خطابات باقي الرؤساء والملوك، بل كان حماسياً عاطفياً ثورياً، واعتبر العراق جزءاً من محور المقاومة في الصراع الدائر، ما حفّز فصائل المقاومة على استهداف القواعد والمصالح الأميركية في العراق".
ويضيف، أن "الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت، بعد خروج قواعد الاشتباك عن الأطر المتعامل بها، خاصة إذا ما وحّدت الساحات خطابها وأعلنت ساعة الصفر لبدء عملياتها، حينها سيكون العراق جزءاً من هذه العمليات وسيلتهب الوضع".
ويشير إلى أن "عدم رد الجانب الأميركي على استهداف قواعده حتى الآن، ربما لاعتبار هذه الهجمات ضمن (قواعد اشتباك طبيعية)، إلا إنه لن يقف مكتوف الأيدي في حال زيادتها وسيردّ، ما سينعكس على الوضع الاقتصادي الهشّ، والأمني المستقر نوعاً ما، وسيعيد بالبلاد إلى المربع الأول".
تخفيض للتمثيل الدبلوماسي الأميركي
وكانت السفارة الأميركية في العراق، أفادت أمس الأحد، بأن وزارة الخارجية أمرت بمغادرة الموظفين الحكوميين غير الضروريين وأفراد أسرهم، السفارة في بغداد، والقنصلية الأميركية العامة في أربيل بكردستان.
كما طالبت الخارجية الأميركية، بحسب البيان، المواطنين الأميركيين بعدم السفر إلى العراق بعد الهجمات التي تعرضت لها القوات والأفراد الأميركيون بالمنطقة في الآونة الأخيرة، مشيرةً إلى توجيه أفراد الحكومة الأميركية بعدم استخدام مطار بغداد الدولي لمخاوف أمنية.
وفي هذا الجانب، يقول المحلل السياسي، أحمد الياسري، إن "مسألة خفض التمثيل الدبلوماسي الأميركي في السفارة الأميركية مرتبط بقواعد الاشتباك الداخلية، التي هي بين الفصائل المدعومة من إيران وبين القوات الأميركية المتواجدة في العراق"، مشيراً إلى أن "عمليات الاستهداف الأخيرة في العراق - بناءً على أحداث غزة - أخلّت بقواعد الاشتباك".
الفصائل أمام إشكالية
ويوضح الياسري لوكالة شفق نيوز، أن "قرار الفصائل بمهاجمة القواعد الأميركية، غير مركزي، فلم يأتِ من أحزابها أو يتعلق بالمصلحة العراقية"، مبيناً أن "الواجهة السياسية لهذه الفصائل، هي واجهة حزبية، تشكل الكتلة الأكبر في البرلمان، كما تشكّل حكومة حزب الله في لبنان، وهذا الارتباط العسكري مرتبط بالحرس الثوري".
ويضيف، أن "هذه إشكالية تعيشها قوى الفصائل في العراق، بين الحصول على المكاسب السياسية والمناصب، وبين الاستمرار بفكرة توحيد الساحات المرتبط بأحداث خارجية ليس للعراق شأن بها، سواء أحداث غزة أو حرب لبنان أو في اليمن وهكذا".
ويؤكد، أن "فكرة توحيد ساحات المقاومة تضر بالمصالح العراقية على مستوى الاستراتيجي، إذ هناك اتفاق مع الجانب الأميركي، وجزء من اتفاقية إدارة بايدن مع حكومة السوداني منذ بداية تشكيلها، هو الاستمرار بالهدنة والضبط العسكري، وضمان سلامة القواعد الأميركية".
ويتابع، "وما يحصل حالياً هو إخلال بهذه الهدنة، وربما سيكون لها انعكاسات خطيرة على الاقتصاد العراقي في الفترة المقبلة، من حيث سطوة وسيطرة الفيدرالي الأميركي على حركة ودينامية الاقتصاد العراقي، وهذا الجانب قد يُستخدم كورقة ضاغطة على حكومة السوداني ان لم تستطع ضبط حركة الفصائل".
الدعوة إلى مواقف أخرى
بدوره، يشير مدير مركز "الرصد" للدراسات السياسية والاستراتيجية، محمد غصوب يونس، إلى أن "ما قامت به المقاومة لا يصب لمصلحة العراق، ولا يعتبر دعماً لقوات حماس أو لفصائل المقاومة في غزة، بل كان من الأجدر اللجوء إلى وسائل أخرى للضغط على الأميركان وعلى الكيان الصهيوني".
ويضيف يونس لوكالة شفق نيوز، أن "هذا الموقف الذي قامت به فصائل المقاومة سينعكس سلباً على الوضع في العراق، وسينهي شهر العسل بين حكومة السوداني والسفيرة الأميركية التي كانت مقربة من الحكومة ومن الكثير من قادة الإطار التنسيقي".
ويوضح، أن "موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، كان الأفضل لأنه لم يؤثر على العراق عندما دعا العرب والمسلمين للوقوف على حدود فلسطين المحتلة ولبس الأكفان بدون حمل للسلاح، وهو موقف مؤثر أكثر مما اتخذته فصائل المقاومة في العراق بضرب القواعد، وهو عمل يُصنّف بأنه توافق مع إيران بتحريك أذرعها في العراق وسوريا ولبنان واليمن".
ويلفت إلى أن "دخول العراق في معركة المحاور سيعرّض البلاد لخسائر كبيرة لن تستطيع حكومة السوداني تحملها، لذلك على الحكومة والقيادات السياسية والعقلاء، الاكتفاء بالمواقف التي تدعم الشعب الفلسطيني، والتركيز حالياً على وقف إطلاق النار في غزة، وبعدها تُتخذ مواقف أخرى دون إثارة العداء مع الولايات المتحدة الأميركية".