شفق نيوز/ يبدو أن تبعات تأخير استئناف تصدير النفط من الإقليم وكركوك عبر ميناء جيهان التركي سيؤثر سلباً ليس فقط على اقليم كوردستان وإنما حتى على موازنة العراق العامة التي تشير فقراتها إلى تصدير 3 ملايين و500 ألف برميل يومياً، منها 400 ألف برميل من كوردستان ونحو 80 ألف برميل من حقول كركوك.
وفي 25 مارس/ آذار أوقفت تركيا شحن نفط إقليم كوردستان إلى ميناء جيهان، بعد قرار تحكيم دولي ألزم أنقرة بدفع تعويضات إلى بغداد، لانتهاكها اتفاق خط أنابيب عام 1973 بالسماح بتصدير نفط حكومة إقليم كوردستان دون موافقة الحكومة العراقية.
ويعد خط أنابيب النفط الذي يمتد من محافظة كركوك إلى ميناء جيهان، هو طريق التصدير الوحيد للخام الذي تنتجه منه حقول النفط في شمال العراق.
ووقعت الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان اتفاقًا مؤقتًا في 4 إبريل/ نيسان يمهّد الطريق لاستئناف الصادرات النفطية، لكن ذلك لم يتحقق بعد رفض تركيا اعادة تصدير النفط من الشمال عبر ميناء جيهان التركي.
خسائر مليار دولار شهريا
وأكد الخبير النفطي نبيل المرسومي في حديث لوكالة شفق نيوز ان "توقف صادرات النفط عبر ميناء جيهان مضى عليه أكثر من شهرين ولذلك فإن الخسائر الفعلية شهريا هي بحدود مليار دولار بعد توقف صادرات لأكثر من 470 ألف برميل يوميا ".
وتابع انه "حسب الموازنة العامة فإن محسوب صادرات النفط ان تكون بحدود 3.5 مليون برميل يوميا، وفي الوقت الحاضر ما يتم تصديره حاليا بدون نفط كوردستان هو بحدود 3.3 مليون برميل يوميا يعني ان الفارق هو بحدود 200 الف برميل وهي خسارة تكون بحدود نصف مليار دولار شهريا"، مؤكدا ان "استمرار التوقف ستزيد من خسائر العراق".
وطالب المرسومي "بحل موضوع التصدير عبر الشمال الذي هو ذو اشكالية سياسية وفنية لان الجانب التركي يضغط على العراق لأمور عدة منها قد تتعلق بتخفيض الفوائد على الغرامة التي حددتها محكمة التجارة الدولية في باريس والبالغة 1.5 مليار دولار وايضا الرغبة في الحصول على أسعار نفط منخفضة كما كان يزود بها الاقليم لتركيا او بقاء على سعر المرور النفط العراقي من خلال ميناء جيهان الذي تم رفعه الى دولارين للبرميل بعد كان دولار و12 سنتا"، لافتا الى ان "تركيا تحاول ان تضغط على العراق لهذه المواضيع من أجل تأخير تدفق النفط الكوردستاني وقد يزيد الضغط لاستخدام ربما حتى الاطلاقات المائية من أجل خلق نوع من الضغط الجيوسياسي على العراق".
وتوقع المرسومي أن "النتيجة النهائية سترضخ تركيا أخيرا بهذا القرار وهو السماح بتصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي لأن قرار محكمة التجارة الدولية في باريس هو قرار ملزم وايضا الاتراك هم الموقعين على اتفاقيات مرور الأنابيب عبر أراضيهم وبالتالي رفض ذلك سيسيء لسمعة تركيا عندما لا تصبح هي ممر امن لتدفق الطاقة النفط وربما الغاز".
رواتب الاقليم
ولفت المرسومي الى ان "اشكالية الرواتب لموظفي الاقليم ظهرت بعد توقف نفط كوردستان عن التصدير، وبحسب الاتفاق فإن التصدير يكون من خلال سومو، ويتم وضع قيمته المالية في حساب خاص، لكن اليوم الوضع أصبح مختلفاً، حيث أن كوردستان لا تستطيع تصدير النفط، مما يوّلد إشكالية كبيرة لأن قدرة وزارة النفط على استلام 400 ألف برميل يوميا محدودة سواء من الخزن او النقل".
وأضاف: "من الناحية الإنسانية، يفترض ان يتم تحويل رواتب موظفي الإقليم من الموازنة، وبانتظار ما سيسفر الحل مع تركيا لأن هناك اكثر من 600 الف موظف من دون رواتب هم عراقيون بالأساس وخاصة اذا ما عرفنا ان قدرة كوردستان في معالجة ذلك يبدو صعبا لو كان الامر طبيعي ويصدر الإقليم نفطه لكان بالإمكان ان تسد هذه الرواتب".
مشكلات فنية
وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي للعلاقات الخارجية فرهاد علاء الدين في تصريحات صحافية تابعتها وكالة شفق نيوز إن "الجانب التركي يقول إن هناك "مشكلات فنية" تعيق استئناف عمله"، مشيراً في الوقت ذاته إلى "انتخابات الإعادة التركية قد تكون مستحوذة على اهتمامات المسؤولين الأتراك في الوقت الحالي".
ويضيف ان "الجانب التركي طلب في البداية التفاوض بشأن الغرامة التي أقرتها المحكمة المقدرة بـ1.5 مليار دولار، إلا أنهم أخبرونا فيما بعد أن عملية توقف النفط عبر أنابيب جيهان بسبب مشكلات فنية".
شروط تركيا وراء المنع
ويقول الخبير النفطي حمزة الجواهري في حديث لوكالة شفق نيوز ان "تأثير التوقف لصادرات الاقليم هو يعتمد على اجراءات وزارة النفط لانه من المفترض يوجد هناك كميات اضافية من النفط لا نستطيع بيعها بسبب اتفاقات أوبك فاذا استخدمتها الوزارة لن نتأثر كثيرا بهذا التوقف".
واشار الى ان "تركيا تدعي ان هناك أسباباً فنية وراء رفضها لغاية الآن السماح لتصدير النفط من الشمال عبر ميناء جيهان التركية الا انه قد يكون هناك ضغط سياسي على الحكومة العراقية من اجل منح تركيا بعض التنازلات لوجود على الاخيرة غرامة بمقدار مليار و500 مليون دولار وبالتالي فإن الهدف من المنع ما زال مجهولا".
واكد ان "السبب الرئيسي لعدم استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان، يتمثل في وجود مجموعة شروط لدى تركيا".
وأعلن وزير المالية والاقتصاد في حكومة إقليم كوردستان آوات شيخ جناب، عن عدم قدرة حكومة الإقليم على تسديد رواتب الموظفين لشهر أبريل/نيسان، بسبب إيقاف تصدير النفط.
وطلب العراق من تركيا هذا الشهر استئناف تدفقات خطوط الأنابيب وعمليات التحميل في جيهان في 13 مايو / آيار.
انتظار الرد
وقال وزير النفط العراقي حيان عبد الغني أنه سيتم، في الأيام "القريبة المقبلة"، الإعلان عن استئناف تصدير النفط من إقليم كوردستان.
وبيّن عبد الغني أن "الحكومة العراقية وصلت إلى المراحل الأخيرة من تنفيذ الاتفاق مع أربيل بشأن استئناف تصدير النفط من إقليم كوردستان"، لافتاً إلى أن "شركة تسويق النفط التي تكفلت بعملية استلام وتصدير النفط من الإقليم هي الآن بصدد توقيع العقود مع الشركات التي تشتري النفط".
اكد وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، أن بغداد "ما زالت تنتظر رداً نهائياً من تركيا قبل استئناف الصادرات النفطية من إقليم كوردستان العراق عبر ميناء جيهان التركي، بعد ان ابلغت الاخيرة العراق بأن فريقاً فنياً يعمل على تقييم ما إذا كان خط الأنابيب قد تضرر نتيجة الزلزال المدمر الذي وقع في فبراير/شباط".
القضية سياسية
وقال مسؤول نفطي في حديث لوكالة شفق نيوز ان القضية هي سياسية اكثر من كونها فنية"، متوقعا "استئناف التصدير الى جيهان التركي بعد الانتهاء من الانتخابات التركية".
وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ان "شركة بوتاس نفسها لا تعرف متى يتم الموافقة على استئناف الصادرات النفطية"، مؤكدا ان "الاخيرة لم تتلق بعد تعليمات من السلطات التركية".
زيارة لتركيا
وكشف مسؤول في حكومة إقليم كوردستان العراق في شهر أيار الجاري عن زيارة سيقوم بها وفد مشترك من وزارة النفط العراقية ووزارة الثروات الطبيعية في حكومة كوردستان إلى العاصمة التركية أنقرة، لبحث مسألة استئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي عقب توقفه منذ أكثر من شهر، إثر قرار قضائي دولي.