شفق نيوز/ عرض "معهد واشنطن" الأمريكي، نتائج السنة الأولى لإطلاق خريطة الأنشطة العالمية لتنظيم داعش، والتي وصفها بأنها وسيلة لتتبع وفهم وضع الجماعة الإرهابية بشكل أفضل، حيث تتضمن الخريطة التي أطلقها في 21 آذار/مارس 2023، دعاية داعش، وبيانات إعلان المسؤولية عن هجمات، والعقوبات المالية، والاعتقالات، وهو ما يساهم في توفير رؤية أكثر شمولية للتنظيم.
وحذر المعهد الأمريكي، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، من أن التغييرات المحتملة في الوجود العسكري الأمريكي في سوريا أو العراق، يمكن أن يكون لها آثار بعيدة المدى على جهود مكافحة الإرهاب العالمية والأمن الإقليمي.
وذكر التقرير الأمريكي، أن بيانات الخريطة ترسم صورة واقعية، وتظهر استمرار تردي حالة "الولايات" الأساسية لداعش في العراق وسوريا، لكن أيضاً نشاطه في مقاطعة خراسان في أفغانستان، بينما تحاول الأفرع الأخرى للتنظيم مد نفوذها الإقليمي في إفريقيا، في حين يواصل أنصار التنظيم التخطيط لهجمات ارهابية كبرى ايضا، وخصوصا في تركيا، على الرغم من أن معظم هذه الهجمات تم إحباطها، باستثناء تفجيرات يناير/كانون الثاني 2024 في مدينة كرمان الإيرانية.
وبالنظر إلى هذه التهديدات الآخذة بالظهور، فإن من المفيد أن يتم استكشاف نتائج مشروع خريطة نشاط داعش بمزيد من التفصيل، لأنها من الممكن أن توفر صورة أكثر وضوحاً عن وضع التنظيم حاليا في ظل الدعوات المتزايدة لحل التحالف العالمي المكلف بمحاربة داعش، وفق التقرير.
وأشار التقرير الأمريكي، إلى أنه منذ آذار/مارس 2023، فقد أعلنت إدارة الإعلام لتنظيم داعش مسؤوليتها عن 1121 هجوماً، وبحسب البيانات الصادرة عن التنظيم، فقد أدت هذه الهجمات إلى مقتل وإصابة حوالي 4770 شخصاً.
ولفت إلى أن غالبية بيانات التبني للهجمات، صدرت عن "ولاية غرب افريقيا" (التنظيم المتمركز بشكل أساسي في نيجيريا وجنوب شرق النيجر)، تليها ولايات داعش في سوريا، والعراق، وإفريقيا الوسطى (مقرها في جمهورية الكونغو الديمقراطية)، وموزمبيق، وشهدت مقاطعة خراسان الهجمات الأكثر ضرراً بشكل متوسط، حيث أدت إلى مقتل حوالي 14 شخصاً في كل هجوم.
وأوضح التقرير، أن عدد الهجمات المعلن عنها في كل ولاية متناسباً إلى حد كبير مع العام السابق، وإنما مع استثناء ملحوظ في خراسان، التي أعلنت هجمات أقل بكثير مما كانت عليه في العامين السابقين، مضيفا انه من المحتمل أن هذا الاتجاه تشكل من خلال تصعيد الإجراءات العسكرية التي تتخذها حركة طالبان ضد التنظيم الإرهابي، مما ادى الى انخفاض هجماته داخل أفغانستان، في حين لم يتحقق شيء للحد من الزيادة في مخططات داعش الارهابية في الخارج.
وبحسب ما تظهره الخريطة، فإن ولايتي العراق وسوريا استمرتا في اتجاهاتهما طويلة المدى المتمثلة في انخفاض بيانات الهجمات المنسوبة لداعش، وهو ما يرجع جزئيا إلى سياسة التنظيم المتمثلة في عدم إعلان تبني الهجمات في سوريا، على الرغم من أن الجهود العراقية القوية لمكافحة الإرهاب لعبت دوراً أيضاً.
تسميات وعقوبات
ومنذ آذار/مارس 2023، أصدرت الحكومة الأمريكية أربعة تصنيفات لمعاقبة ما مجموعه 24 شخصاً بسبب انشطة مرتبطة بداعش، من بينهم "أمير" للجماعة في بلاد الرافدين يدعى (عبدالله الرفاعي)، ومسؤول في مؤسسة الفرقان الإعلامية، ومسؤول مالي في الصومال يدعى (عبدالولي محمد يوسف)، بالإضافة إلى 18 شخصا من جزر المالديف شاركوا في مؤامرات هجوم محلية، والتجنيد، وجمع الأموال، فضلاً عن أشخاص قاموا بتسهيل تدفق المقاتلين الأجانب إلى أفغانستان وباكستان وسوريا.
كما استهدف التنظيم، السلطات الأمريكية من خلال تسهيل جمع التبرعات بالعملة المشفرة لعناصره، وقدموا المشورة الفنية لقادة الجماعة ومؤيديها، وأحدهم هو (فاروق غوزيل) المقيم في تركيا، الذي قام بنقل التبرعات إلى عناصر داعش في سوريا، وفق تقرير "معهد واشنطن".
الاعتقالات
وذكر التقرير الأمريكي، أنه منذ آذار/مارس 2023، فإن خريطة انشطة داعش، تتبعت 470 قضية قانونية في 49 دولة مختلفة، ومن بين هذه الحالات، تضمنت 103 حالات شكلا ما من مؤامرة هجومية مرتبطة بداعش، و88 حالة تتعلق بنشاط على وسائل التواصل الاجتماعي أو دعاية اخرى، و55 حالة تتعلق بتحويلات مالية أو جمع تبرعات، و42 حالة تتعلق بمقاتلين أجانب، و38 حالة تتعلق بنشاطات تجنيد. وبالاضافة الى ذلك، اشار التقرير الى ان مراهقين او قاصرين، تورطوا في 30 حالة على الأقل، وقد يكون هذا العدد اعلى بكثير نظرا لان العديد من الدول لا تنشر بيانات عمرية لمن تعتقلهم.
وبحسب الخريطة، فقد كانت المناطق التي سجلت أكبر عدد من الحالات هي تركيا (80)، والعراق 63، بما في ذلك 8 في إقليم كوردستان، والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا (54)، تليها الهند (29)، وألمانيا (26)، وروسيا (20)، إسبانيا (12)، أفغانستان (12)، كندا (11)، المغرب (11).
وبين التقرير الأمريكي، أن في العراق وسوريا كانت غالبية الحالات تتعلق بأعضاء نشطين في خلايا تنظيم داعش أو مساعدين ماليين/لوجستيين، يعملون نيابة عن التنظيم.
تداعيات على السياسة
واعتبر التقرير أن تجميع هذه البيانات يمكن من تحديد الاتجاهات الأوسع التي تستحق اهتماماً أكبر على مستوى السياسات، لافتاً إلى أن مؤامرات جماعة ولاية خراسان الأفغانية تمثل حالياً أكبر تهديد عالمي، وهي لـ21 مؤامرة أو هجوماً خارجياً في 9 دول، مقارنة بثماني مؤامرات أو هجمات في العام السابق و3 مؤامرات فقط بين عامي 2018 وآذار/مارس 2022.
وذكر التقرير أنه من خلال المنظور العالمي، فان تطبيق القانون في مواجهة المخططات الارهابية، كان جيدا نسبيا في منع تحول المؤامرات الى هجمات حتى الآن، لكنه حذر من أنه في حال تواصلت الاتجاهات الحالية، فسوف تحتاج الدول الاقليمية والغربية الى الاستعداد لاحتمال وقوع هجمات أكثر تطورا وفتكا.
وتابع التقرير قائلا ان هناك اتجاه اخر مثير للقلق يتمثل في زيادة سيطرة داعش على الأراضي بعد سنوات من الهدوء، وهي مكاسب تحققت في أجزاء من أفريقيا حيث يبدو التنظيم اقوى على الأرض في الوقت الحاضر، وتحديدا في أجزاء من مالي وموزمبيق والصومال.
تعبئة مقاتلين أجانب
وحذر التقرير، من عمليات التحفيز الجارية لتعبئة المزيد من المقاتلين الأجانب، إذ أن حشد المقاتلين الأجانب الجدد يخلق إمكانية إنشاء شبكات عمليات خارجية جديدة في المستقبل، وفي حال انتشرت مراكز التخطيط هذه، فإنها يمكن أن تساعد تنظيم داعش على تنويع كيفية تنفيذ المؤامرات الإرهابية في الخارج بدلاً من مركزية تلك الوظيفة كما فعلت منذ فترة طويلة في العراق وسوريا خلال سنوات "الخلافة" الاقليمية؛ وفي أفغانستان تحت حكم تنظيم داعش في ولاية خراسان اليوم.
ودعا معهد واشنطن، في تقريره، صناع السياسات إلى "الأخذ بعين الاعتبار أن أي تغييرات محتملة في الوجود العسكري الأمريكي في سوريا أو العراق، يمكن أن يكون لها آثار بعيدة المدى على جهود مكافحة الإرهاب العالمية والأمن الإقليمي".
ونوه التقرير، إلى أن المسؤولين يناقشون حالياً ما إذا كان سيتم نقل العلاقة الأمنية الأمريكية مع العراق من علاقة قائمة على "التحالف العالمي لهزيمة داعش" إلى علاقة ثنائية حقيقية، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن تهديد داعش داخل العراق يعتبر قابلا للإدارة.
وأكد أن "القيام بذلك سيكون له عواقب على مهمة مكافحة تنظيم داعش في سوريا المجاورة، حيث من المرجح أن تفقد القوات الأمريكية غطاءها القانوني للقيام بعمليات أو الحفاظ على وجود عسكري".
ووجد التقرير، أن "انسحابا أمريكياً من سوريا، سيخلق بدوره سلسلة من القضايا الأمنية الأخرى، فهو من جهة، سيمنح داعش منصة للعودة إلى السلطة المحلية، وليس بالضرورة إلى نفس المستوى الذي كان عليه في الفترة 2013-2017، ولكن قد يكون من المؤكد انه يكفي لتجديد عناصره، والاستيلاء على أجزاء من الأراضي في سوريا، وإعادة بناء عملياته في العراق، هو ما سيقوض النجاحات التي تحققت في مكافحة الإرهاب خلال السنوات الخمس الماضية".
واعتبر التقرير، أن غياب القوات الأمريكية، قد يدفع تركيا الى تسريع حملتها ضد الشريك المحلي الرئيسي لواشنطن على الأرض، أي قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الكورد، كما سيكون لدى إيران ونظام الرئيس السوري بشار الأسد أيضاً مساحة أكبر للسيطرة على الأراضي في شرق سوريا.
وختم التقرير بالقول: "في ظل هذه السيناريوهات، فإنه ليس من المستغرب أن داعش لم يقم على ما يبدو بالإعلان عن هجماته في سوريان، وذلك بهدف دفع القوات الأمريكية وقوات التحالف إلى أن تغادر.
ترجمة: وكالة شفق نيوز