شفق نيوز/ "خسرت ابنتي أجمل فرحة لها".. قرر أبو محمد التحدث، فهكذا كانت البداية، عمّا تعرضت له ابنته من مآسٍ بسبب الابتزاز الإلكتروني ونشر صورها في عدد من مواقع التواصل الاجتماعي.

هي الأبنة الوحيدة لـ"أبو محمد" وكانت تعيش فترة خطوبة هادئة كما وصفها، حتى فقدت جهازها المحمول لتبدأ معها مساومات وابتزاز من أشخاص إلكترونياً.

وبعد رفض عائلة أبو محمد، دفع المال للمبتزين، نشروا صورها في عدد من المواقع، كما أرسلوها إلى خطيبها، بالإضافة إلى نشرهم لصور نساء أخريات حضرن في "النيشان" (جهاز العروس الذي يرسله العريس وأهله للعروس كهدايا)، ما تسبب بحدوث مشكلة كبيرة.

وتفاقمت المشكلة، بعد أن قرر خطيبها فسخ الخطوبة وإنهاء العلاقة، رغم علمه أن السبب هو فقدان الهاتف المحمول وكان على دراية بكل ما جرى، لكنه حملها ذنب فقدان الهاتف وانتشار الصور الخاصة بها ولفتيات حضرن حفل النيشان، كما يقول والد الضحية.

أبو محمد، أرجع سبب الأزمة التي ألحقت بابنته، وضياع حقها إلى "إنعدام الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما أن ضعاف النفوس يمكنهم القيام بكل شيء من ابتزاز ومساومة وغيرها".

عائلة أبو محمد، وما عاشته من أزمة جراء الابتزاز الإلكتروني، مثال صغير لكثير من الحالات المشابهة، التي وصل بعضها إلى قتل الضحية بعد ما يسمى بـ"فضيحة انتشار الصور العائلية الخاصة".

ظاهرة بلا رقيب

وتتصاعد بشكل لافت، ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في العراق، التي تمارسها عصابات مختصّة وأفراد لتحقيق مكاسب مالية وغايات أخرى، في وقت تجهد الجهات الأمنية للحدّ من هذه الظاهرة وتحجيمها، لكن ضعف الإمكانات والوسائل الحديثة لديها، يحد من إمكاناتها في السيطرة عليها.

وتشير معلومات خاصة، إلى أن العراق شهد آلاف الحالات التي تندرج في خانة "الابتزاز الإلكتروني" خلال العام 2021، وتعود معظم الأسباب إلى الاستعمال غير السليم لمواقع "التواصل الاجتماعي" وغياب الدور الرقابي لدى بعض أسر الضحايا، وكذلك ارتفاع نسب البطالة التي تسهم في ارتفاع الجرائم المجتمعية.

أما في نينوى، فقد سجلت المحافظة، وفقاً لاحصائيات الرسمية حصلت عليها وكالة شفق نيوز، أكثر من 1000 حالة ابتزاز إلكتروني خلال العام الماضي، أي أنها كانت تسجل كل يوم 3 حالات على الأقل وهذا ما دون رسمياً، إذ توجد مئات الحالات لم تسجل، إضافة إلى وجود نساء وفتيات دفعن المال حتى لا تلحق بهن فضيحة نشر الصور.

 

سن قوانين رادعة

في المقابل، رأى عضو مجلس النواب العراقي، النائب نايف الشمري، أن الأوان قد حان لتشريع قانون "الجرائم الإلكترونية" للحد من الابتزاز الذي أدى إلى "خراب البيوت العراقية"، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة "مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعة من يتواجدون بها".

وقال الشمري، لوكالة شفق نيوز، إن "الأمر لا يقتصر على الابتزاز والتسقيط والتشهير بالآخرين إنما حتى بعض المواقع التي تروج للتطرف والتكفير والتشدد والإرهاب وبصورة علنية، من دون رقيب أو حساب وهذا أمر خطر جداً".

وأوضح أن "قانون الجرائم الإلكترونية لن يحارب حرية التعبير وإنما هو وُجد لمراقبة برامج التواصل ووضع ضوابط على مستخدميها حتى لا تكون هذه المواقع سبباً في الانحطاط الأخلاقي".

وأشار الشمري، إلى أن "نواباً عدة يعملون على هذا القانون منذ سنوات، وقد أعدوا فقراته في لجنة الأمن والدفاع، ولا يوجد فيه أي فقرة تحد من حرية التعبير"، مبيناً أن "هذا القانون سيحدد المواقع الإباحية والإرهابية، ويمنع استخدام الأسماء المستعارة، ويحجب بعض المواقع التي دون السن القانوني، ولن يتم الوصول إلى تلك المواقع إلا بشروط".

ولفت إلى أن "مشروع القانون تعرض لهجمة كبيرة، لكنه على عكس ما يثار عنه، فهو ليس لتقييد الحريات وإنما لضمان الحقوق وخصوصاً حقوق النساء، وقد كان اسم القانون في البداية عندما وصل إلى مجلس النواب، قانون الجرائم المعلوماتية، ولكن تم تغييره إلى اسم آخر وهو قانون الجرائم الإلكترونية".