شفق نيوز/ بعد إلغائه لأكثر من 18 عاماً، عاد مشروع "خدمة العلم" التجنيد الإلزامي، إلى المشهد في العراق بقوة، وهذه المرة عبر قرار حكومي باتْ، خصوصاً بعد إرسال مشروع القانون الذي صوت عليه مجلس الوزراء، إلى المجلس النيابي، لغرض تمرير فقراته واكتسابه الدرجة القطعية تحت قبة البرلمان، وتطبيقه على المواطنين المستهدفين.
وكان مجلس الوزراء قد قد وافق خلال جلسته الأسبوعية المنعقدة في بغداد، الثلاثاء (31 آب 2021)، على مشروع قانون خدمة العلم الذي دققه مجلس شورى الدولة، وأحاله إلى مجلس النواب، فيما لم يوضح البيان معلومات إضافية بشأن مضمون مشروع القانون ومن المنتظر أن يناقشه مجلس النواب في جلساته المقبلة.
ومن جانب آخر، وصف رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي في تغريدة على حسابه في تويتر، مشروع القانون، أنه "إنجاز لما تعهّدت به حكومته منذ لحظة تسلّمها المسؤولية أمام الشعب"، مضيفاً أن "إقرار خدمة العَلم سيكرّس القيم الوطنية في صفوف أبناء الشعب العراقي".
ورجحت لجنة الأمن والدفاع النيابية، في وقت سابق من يوم الأربعاء، أن يرحل مشروع قانون الخدمة الإلزامية، إلى العام المقبل بسبب انشغال النواب في الدعايات الانتخابية.
جدل واسع
"يتعارض مع النظام الديمقراطي" وصفه مواطنون، بينما عده آخرون قراراً سليماً لإيجاد التوازن الغائب عن المنظومة العسكرية طوال تلك السنوات، من الناحية الطائفية والمكوناتية، وهو ما قد ينعكس إيجابيا على المجتمع.
"الآن كل مكون له جيشه الخاص"، بهذه الكلمات أيدت المواطنة رند محمد، في حديث لوكالة شفق نيوز، مشروع الخدمة الإلزامية، الذي قالت إنه "سيُدخل المكونات جميعاً ضمن مؤسسة الجيش، وسيسهم في تقليل حدة الاحتقان الشخصي ويزيد إحساس الوحدة الوطنية".
قادة عسكريون
عام 2003 وبينما كان العراق ينفض للتو غبار حرب أجهز فيها على منظومته العسكرية، كان من أوائل القرارات التي اتخذتها حينها سلطة الائتلاف المؤقت برئاسة الحاكم المدني بول بريمر، إلغاء خدمة التجنيد الإلزامي في البلاد، وحل الجيش والتشكيلات الأمنية كافة.
أما اليوم، يبدو أن للقادة العسكريين والأمنيين في العراق، رأي آخر، إذ أيد اللواء الركن (ع.ن) قرار خدمة العلم، وقال إنه سيمكن "الشاب من تعلم المصاعب، فضلاً عن فوائد أخرى تحتم أهميتها (خدمة العلم) ويفترض على كل شخص في بلده يحترم (خدمة التكليف) حسب الشهادة".
وواصل (ع.ن) خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إشادته بمشروع قانون الخدمة الإلزامية بالقول إنه "يصنع رجالاً أبطال ويقضي على البطالة ويتعلم الجندي القانون والصبر، وبالتالي هذا القانون يحمل إيجابيات كثيرة".
خبراء حقوقيون
أما الخبير في حقوق الإنسان، علي البياتي، فعد قانون الخدمة الإلزامية "إجبار المواطن على عمل معين بحد ذاته دون غيره" وهو ما يمنعه القانون الدولي بكل تأكيد، كونه يعد "عملاً قسرياً"، بحسبه.
وأضاف البياتي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أهداف مشروع القانون منافية وتتعارض مع مبدأ حقوق الإنسان، كما أن العسكرة التي يشهدها المجتمع العراقي، يفترض أن تنتفي الحاجة لأعداد إضافية".
وأشار إلى أن "التجنيد الإلزامي لكل مواطن حسب شهادته، وهو ما يعني أن حملة الشهادات سيخدمون لمدة محدودة وتقدر بسنتين، وهذه المدة لن تكون كافية لزرع عقيدة عسكرية لدى الجندي أو رجل الأمن، بالعكس إعتماد نظام أمني وعسكري ثابت يعطي الحرية للمواطن بالتوجه إلى هذه المؤسسة العسكرية والإعداد الجيد لها".
وختم البياتي، حديثه بالقول "احترام حقوق الإنسان، وإبعاد هذه الحقوق عن المحاصصة، هو المطلوب، أما التجنيد الإلزامي فيزيد الأعداد ويخلق أبواب فساد في هذه المؤسسة، كما يخلق أبواب تمييز بين من لديه إمكانية لدفع أموال، ومن ليس لديه يكون عرضة إلى هذا الانتهاك"، على حد وصفه.