شفق نيوز/ رأى محللون ومصادر في سوق الطاقة أن انتخابات الإعادة في تركيا تسببت في تفاقم التأخير في مسار استئناف تصدير نحو 450 ألف برميل يوميا من النفط العراقي، حيث تقوم أنقرة ببحث علاقتها مع بغداد.
وترجمت وكالة شفق نيوز تقريرا لشبكة "سي إن بي سي" الامريكية ذكرت فيه؛ ان هذا النفط يتدفق عبر تركيا من الدولة العراقية وحكومة اقليم كوردستان، مضيفة ان خام كركوك تحديدا يتدفق عبر خط الأنابيب العراقي التركي الذي يربط الإقليم بميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، إلا أن هذه الكميات توقفت منذ 25 مارس/آذار الماضي بسبب نزاع قانوني بين الحكومة الاتحادية وبين حكومة الاقليم وتركيا.
وبحسب التقرير الأمريكي؛ فإن القرار المتوقع صدوره يعتمد على نتيجة الانتخابات الرئاسية الثانية الأحد المقبل، الا ان هذا الوقف المطول قد يؤدي الى تقليل انتاج النفط الخام العراقي.
وذّكر التقرير بخلفيات الخلاف والنزاع القانوني الذي جرى حيث ان بغداد اعتبرت أن مبيعات الإقليم من النفط غير قانونية، والدعوى القضائية التي استمرت 7 سنوات، وصدر الحكم حولها من محكمة تابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس التي اعتبرت أن انقرة انتهكت اتفاقية 1973 حول عبور خط الأنابيب بين بغداد وانقرة خلال الفترة 2014-2018، وامرت تركيا بدفع ما يقرب من 1.5 مليار دولار كتعويضات للعراق، في حين لا تزال دعوى التحكيم الثانية التي تغطي الفترة من 2018 حتى الآ، قائمة.
كما ذكر التقرير بقرار المحكمة الاتحادية في بغداد في شباط/فبراير الماضي بأن تشريعات النفط والغاز لحكومة الاقليم غير دستورية وقضت بإبطال عقودها مع الشركات الأجنبية، وهو قرار ادى الى اتخاذ الشركات الامريكية قرارا بالانسحاب من العقود في كوردستان وردع بعض مشتري النفط عن القيام بالمزيد من عمليات الشراء.
وذكر التقرير بتصريحات لوزير النفط العراقي حيان عبد الغني في 23 مايو / أيار الحالي بان بغداد أبلغت تركيا بان بامكانهم الان استئناف التدفقات عبر جيهان وان العراق ينتظر الان رد انقرة، مضيفا أن المسؤولين الأتراك قالوا ان هناك بعض القضايا التقييمية التي يتحتم عليهم أخذها بالاعتبار، مشيرا إلى أن ذلك نتج عن الزلزال، مضيفا أنه سيتم إرسال وفد عراقي الى تركيا لمناقشة اعادة التشغيل.
واوضح التقرير؛ ان خام كركوك يتم تصديره من محطة بوتاس في جيهان في الجنوب التركية، وهو منفصل عن التدفقات النفطية الأذربيجاني التي تشحن من محطة ميناء باكو - تبليسي - جيهان القريبة. وتابع التقرير أنه بينما جرى استئناف عمليات التحميل في بوتاس في اليوم التالي للزلزال المدمر في 6 فبراير/شباط، إلا أن محطة "باكو-تبليس-جيهان" فقد عانت من انقطاع أطول.
ونقل التقرير عن مصادر عدة في قطاع التجارة والشحن وإنتاج النفط، قولهم إنه بناء على طلب من بغداد، كان من المتوقع استئناف أنقرة صادرات خام كركوك من جيهان في 13 مايو/أيار، أي قبل يوم من الانتخابات الرئاسية، لكن نتائج الجولة الانتخابية الأولى غير الحاسمة أعاقت استئناف النفط.
وبحسب المصادر نفسها، فإن السلطات التركية تكره تحمل مسؤولية اعادة التشغيل ، في وقت يكافح الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان ضد خصمه كمال كيليجدار أوغلو بهدف إطالة أمد حكمه الذي استمر نحو عقدين.
ونقل التقرير عن المحلل الكوردي لاوك غافوري قوله إن القضية الرئيسية في استئناف النفط عبر جيهان هي الانتخابات الجارية حاليا، وان العقبة الاخرى امام استئناف النفط هي القضية القائمة في المحكمة الدولية في باريس ضد تركيا من قبل بغداد حول الفترة من العام 2018 إلى الآن.
وتابع المحلل الكوردي قوله؛ إن انقرة تطلب من بغداد إسقاط هذه القضية، الا ان بغداد لم تفعل ذلك حتى الآن.
واضاف ان الحزب الحاكم، أي حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، يريد تسوية مسألة الانتخابات ثم التعامل مع نفط حكومة إقليم كوردستان مع بغداد.
ونقل التقرير عن محللين آخرين قولهم إن الاولوية التركية الان تتمثل في تجنب المزيد من الخلافات القانونية من خلال التمسك بالتوصل الى اتفاق حاسم وواضح حول شرعية صادرات النفط بين بغداد واربيل، مضيفا أن الصفقات القائمة حاليا بين الطرفين، هي اتفاقات سياسية وليست تشريعات.
ونقل التقرير ايضا عن الباحث في "معهد الخليج العربي في واشنطن" يريفان سعيد قوله انه لا تزال هناك العديد من الجوانب الفنية التي يجب تسويتها بين حكومة الاقليم وبين وبغداد، مضيفا أنه رغم وجود صفقة مبدئية، إلا أنه لم يتم توضيح التفاصيل المتعلقة بكيفية تصدير النفط والجهة التي تتحكم بالإيرادات.
وبحسب مصادر في سوق الطاقة، فانه الى جانب تحديد التوزيع التسويقي، فان بغداد واقليم كوردستان قد يضطران ايضا الى اعادة صياغة الاتفاقات التي دفعت الشركات الأجنبية بموجبها مبالغ مسبقة الى اربيل مقابل كميات النفط، بالاضافة الى عقود السداد للمنتجين الاجانب للنفط الكوردي.
وقال سعيد إن أنقرة قد تعمد الى توسيع المفاوضات مع بغداد لتشمل ايضا الموارد المائية من نهر الفرات، والتواجد العسكري التركي في الإقليم وفي سنجار.
وبحسب الباحث في معهد واشنطن الأمريكي بلال وهاب، فإن السيطرة على تدفقات تصدير النفط الكوردي يوفر لتركيا النفوذ من أجل مطالبة بغداد بأن تسقط الغرامة ودعوى التحكيم الثانية، وكذلك إعادة تحديد مدى العلاقة التجارية لأنقرة مع العراق.
وأوضح وهاب أنه "من خلال إغلاق خط الأنابيب، فإن تركيا لا تخسر الكثير، ربما رسوم العبور فقط".
الى ذلك، قال التقرير ان تجار النفط يحذرون من أن خسارة أردوغان في معركة انتخابات الرئاسة قد تطيل الجمود النفطي، حيث من المحتمل أن يطلب كيليجدار أوغلو مفاوضات جديدة مع العراق.
وبرغم أن التقرير أشار الى العلاقات المضطربة لاردوغان مع الأقلية الكوردية (بين 15 و20% من السكان الأتراك)، الا انه اضاف ايضا ان اردوغان يتمتع بتقارب كبير ومستمر مع حكومة اقليم كوردستان. ونقل عن وهاب قوله ان تركيا لا يزال بإمكانها إعطاء الأولوية لتأمين الفوائد من الجمود في تصدير النفط.
وقال وهاب: "لا اعتقد ان اردوغان المنتصر سيكون لديه أي مخاوف بشأن استخدام حكومة اقليم كوردستان كوسيلة ضغط للحصول على صفقة جيدة من بغداد"ن موضحا أن ذلك يتضمن الشروط الملائمة لممارسة الأعمال التجارية في العراق، واسقاط الغرامة التي يتعين على تركيا دفعها، أو إسقاط بعض مطالب العراق فيما يتعلق بالمياه (من نهر الفرات) وحول التواجد العسكري التركي في العراق".
ترجمة: وكالة شفق نيوز