شفق نيوز/ يصطدم الكثير من العراقيين وخاصة من الطبقتين المتوسطة والفقيرة بعراقيل وعقبات في سبيل الحصول على عقار سكني جراء الأسعار الباهظة، ورغم ما يتم إنشاءه من مدن ومجمعات سكنية في عموم المحافظات، لكن ما تزال الأسعار لا تتناسب مع قدرة الأغلبية الواسعة من السكان.

ويحتاج العراق إلى إنشاء من 3 إلى 3.5 ملايين وحدة سكنية للحد من الأزمة المزمنة في هذا القطاع، وفي محاولة لتقليص الفجوة باشرت الحكومة بإنشاء 52 مدينة سكنية في المحافظات الوسطى والجنوبية، إلى جانب مجمعات سكنية وقروض متنوعة لبناء وترميم وشراء الوحدات السكنية، في حلول وصفت بـ"الجذرية" لحل "المعضلة" التي تؤرق الملايين في البلاد.

وتؤكد وزارة التخطيط، أن "العراق يشهد أزمة سكن منذ عدة عقود نتيجة عدم وجود مشاريع كبيرة تلبي حاجة المواطنين من السكن، يتزامن ذلك مع تزايد أعداد السكان بشكل ملحوظ سنوياً، فيما تُقدر الفجوة الحالية بحدود ثلاثة ملايين وحدة سكنية"، بحسب المتحدث باسم الوزارة، عبدالزهرة الهنداوي.

العرض والطلب

ويضيف الهنداوي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "وزارة التخطيط من خلال خطة التنمية الخمسية 2024 – 2028، أخذت بنظر الاعتبار قطاع السكن والحاجة الموجودة في هذا القطاع، وسيتم ترجمة ما خطط له إلى مشاريع وسياسات وإجراءات من خلال إنشاء مدن سكنية جديدة في كل المحافظات، وتم البدء في هذه المشاريع في العاصمة بغداد وبعض المحافظات الأخرى".

ويعرب الهنداوي عن أمله بأن "تستمر سياسة معالجة السكن من خلال إنشاء مدن سكنية جديدة في كل المحافظات التي ستخفف وستسهم بمعالجة جانب كبير من أزمة السكن، وفي الوقت نفسه فتح آفاق استثمارية جيدة في قطاع السكن لاستقطاب الشركات الاستثمارية التي تستثمر في هذا القطاع من خلال إنشاء المجمعات السكنية في مختلف المحافظات العراقية".

وعن ارتفاع أسعار العقارات، يوضح الهنداوي، أن "ارتفاع الأسعار يرتبط بالوحدات السكنية التي سيتم إنجازها، بمعنى أن الأسعار تخضع لنظرية العرض والطلب، فكلما كانت هناك زيادة في المعروض من الوحدات السكنية كلما انخفضت الأسعار، والعكس صحيح، فكلما قلّ المعروض كلما ارتفعت الأسعار".

ويؤكد "لكن في ظل السياسة الجدية التي أنتهجتها الحكومة ضمن خطط التنمية المتمثلة ببناء مدن سكنية، فهذه ستسهم في خلق حالة من استقرار الأسعار وتلبي الطلب الموجود في العراق".

وتحاول السلطات جاهدة منذ نحو خمس سنوات معالجة أزمة السكن عبر إطلاق خطط تتلاءم مع التعداد السكاني الذي يتجاوز 43 مليون نسمة، إضافة إلى الاعتماد على إجراءات لتسهيل حصول المواطنين على القروض بفوائد مقبولة.

52 مدينة سكنية جديدة

وفي محاولة منها للحد من أزمة السكن وارتفاع أسعار العقارات في العراق، كشفت وزارة الإعمار والإسكان عن اتخاذها عدة إجراءات لخفض الأسعار، من خلال إنشاء 52 مدينة سكنية جديدة في عموم أنحاء البلاد.

وبيّن المتحدث باسم الوزارة، استبرق صباح، في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز، أن "هناك قرابة 190 ألف وحدة سكنية في مدن الجواهري، وعلي الوردي، والغزلاني فقط، أما عند احتساب عشرات المدن الأخرى في باقي المحافظات الوسطى والجنوبية فإنها سوف تحد من أزمة السكن".

كما أن الحد من أزمة السكن لا يقتصر على المدن السكنية، بحسب صباح، بل هناك مجمعات سكنية تقوم بها دائرة الإسكان، وهناك آلاف القروض للبناء والترميم التي يصرفها صندوق الإسكان العقاري شهرياً، بالإضافة إلى آلاف القروض التي تُطلق من المصرف العقاري التابع لوزارة المالية شهرياً لشراء الوحدات السكنية.

"لذلك، أن هذه القروض إلى جانب صندوق الإسكان والمجمعات التي تقوم ببنائها دائرة الإسكان، إضافة إلى المدن السكنية الجديدة، جميعها تعد حلولاً جذرية على أرض الواقع تُساهم وبشكل فعّال في تقليص الفجوة السكنية بالعراق البالغة بحدود 3 ملايين إلى 3.5 ملايين وحدة سكنية، بحسب التقديرات"، وفق المتحدث باسم وزارة الإعمار.

لكن لا ينبغي تجاهل النمو السكاني الذي يزداد باستمرار، وفق صباح، "ففي ظل الحاجة إلى إنشاء أكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية، فإن النمو السكاني يزداد مليون إلى مليون و200 ألف نسمة سنوياً، وهذا عند تقسيمه على حجم الأسرة يظهر إضافة نحو 160 ألف وحدة سكنية هي احتياج سنوي للرصيد السكني".

ما هو الحلّ؟

من جهتها، تشير عضو لجنة الاستثمار النيابية، سوزان منصور، إلى أن "التركيز على الاستثمار السكني يعود لكون أرباحه عالية تصل إلى 300%، لكن رغم إعطاء الأرض مجاناً للمستثمر وتوفير التسهيلات كافة له من أجل حلّ أزمة السكن، لكن إلى الآن لم تحل هذه الأزمة، لأن الأسعار لا تتناسب مع قدرة أصحاب الدخل المتوسط وفوق المتوسط".

وتضيف منصور لوكالة شفق نيوز، أن "هناك أكثر من خمس مدن سكنية في حيز التنفيذ، ونأمل أن تكون هذه المشاريع بأيدٍ أمينة ولمستثمرين رصينين، وعلى الرغم من وجود وفرة مالية ومستويات عالية في العراق لكن في الوقت نفسه هناك من هم تحت مستوى خط الفقر، وهناك من يعيش في بيئة غير صالحة للعيش، لذلك نأمل أن تكون أسعار هذه المدن مناسبة لهم".

وهذا ما يؤكد عليه الخبير الاقتصادي، سمير النصيري، الذي يقول إن "العراق بحاجة إلى أكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية، وفي ضوء الخطة الاستثمارية المعلنة من قبل الحكومة والهيئة الوطنية للاستثمار، هناك مدن سيتم إنشاءها بكلفة واطئة وستوزع على محدودي الدخل، حيث إن المجمعات الفارهة الغالية الثمن لا تلبي الحاجة الشعبية المطلوبة".

وينوّه النصيري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أنه "لا ضير من إنشاء مجمعات سكنية لمرتفعي الدخل، لكن من واجب الحكومة توفير السكن الملائم لمحدودي الدخل وهم الأغلبية الواسعة من الشعب، وهو ما سينهي ارتفاع أسعار العقارات السكنية في العراق".

ويشير إلى أن "الخارطة الاستثمارية الواردة في منهاج حكومة السوداني تبحث في تنمية الاقتصاد وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وفقاً للخطة الخمسية المقبلة التي تبدأ عام 2024 وتنتهي عام 2028، وهذه الخطة التي تعكف حالياً وزارة التخطيط بالتعاون مع الحكومة والمنظمات الدولية والجهات ذات العلاقة بإعدادها خصصت لها مبالغ جيدة في الموازنة، وسيتم إشراك القطاع الخاص في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة من خلال التمويل والمساهمة".

ويوضح، أن "الجانب المهم والأساسي في هذه الخريطة الاستثمارية هو أن يتم تنفيذ المشاريع في جميع القطاعات الاقتصادية والتي تتجاوز 10 قطاعات، من التعليم العالي والصحة والطاقة والتربية والزراعة والصناعة وغيرها، لكن الأهم هو في جانب التشييد والبناء، وهو ما يشمل المجمعات السكنية".