شفق نيوز/ وسط احد الاسواق التجارية في قضاء كلار التابع لمحافظة السليمانية وقف ابو احمد مذهولا وهو يتأمل القفزة العمرانية التي شهدها القضاء خلال سنوات قليلة مقارنة بالتراجع والتهالك الذي تشهده المناطق الكوردية شمال شرق ديالى.
ابو احمد صاحب الـ 57 عاما من سكان قضاء المقدادية يروي لشفق نيوز انه ذهب الى كلار لزيارة احد اقاربه بعد انقطاع التواصل بينهم لنحو 8 سنوات بسبب الظروف والمخاوف الامنية.
ووسط الاسواق التجارية والبنى الخدمية والعمرانية المتطورة في كلار اعتقد ابو احمد انه ضل طريقه وهم بالعودة الى منزله قبل ان يعترضه احد المواطنين ويسأله "هل بامكاني مساعدتك ياعم اراك تائها ام تبحث عن شي؟ واجابه ابو احمد "معالم كلار اذهلتني وشوشتني واصبحت عاجزا عن ايجاد قريبي في هذه الاحياء السكنية".
ويبين ابو احمد ان قضاء كلار كان قبل عام 2006 اشبه بقرية وتحول في سنين معدودة الى مدينة متكاملة المواصفات نتيجة للثورة العمرانية والخدمية التي اطلقتها حكومة كوردستان لاعادة اعمار كلار بعد عودتها الى كوردستان وزوال حكم النظام السابق.
وفي نهاية المطاف قاد احد الاشخاص ابو احمد الى منزل قريبه وهو يتأمل ويتساءل "هل ستصبح مدن ديالى شبيهة بكلار؟".
ويعد "كلار" أكبرُ قضاء في كوردستان العراق تابع للسليمانية، وإحدى أجمل المدن الكوردية في العراق وله تأريخ وحضارة يمتدان منذ العصر الاسلامي حتى اليوم.
وكان قبل أحداث عام 2003 تابع إداريًا لمحافظة السليمانية، ثم أصبحت بعد ذلك إدارة مستقلة بحدِ ذاتها، يقبل كثير من الناسِ عليها من المحافظات المجاورة للتسوق وللسياحة والدراسة ففيها معالم تأريخية اضافة الى النهضة العمرانية التي يشهدها.
ويقع مركز القضاء على بعد 140 كم جنوب السليمانية و180 كم شمال العاصمة العراقية بغداد وهو قريب من الحدود الغربية الايرانية بمسافة 35 كم.
وفي صيف العام الماضي عندما زحف داعش على مناطق العراق سارعت قوات البيشمركة للحيلولة دون وصول المتشددين للمناطق المتنازع عليها وسيطرت بالفعل على معظمها.
واعلن المسؤولون الكورد في ذلك الوقت انه لم يعد هناك حاجة لمواصلة العمل بالمادة الدستورية الخاصة بتسوية النزاع وان الكورد باتوا بالفعل يسيطرون على اراضيهم.
وأنعش هذا الواقع الجديد امال السكان في تلك المناطق والذين لطالموا حلموا بالانضمام الى كوردستان وان هذا الحلم بات قريبا جدا الى الواقع.
ويؤكد احمد الزركوشي مدير ناحية السعدية في حديثه لشفق نيوز تزايد واتساع رقعة المطالبات الشعبية من المكونات الكوردية والعربية بالانضمام لاقليم كوردستان نتيجة ما عايشوه من استقرار امني وخاصة الاسر النازحة.
ويرى الزركوشي مطالب السعدية بالانضمام لكوردستان لا يمكن تجاهلها او التباطؤ في التعاطي معها من قبل حكومة بغداد او كوردستان ويعتبرها "ضرورة لخلاص الناحية من الصراعات الطائفية والديمغرافية".
ونوه الى ان تجربة قضاء كلار بعد انضمامه لكوردستان تشكل ابرز عامل لدفع بقية المناطق المتنازع عليها بديالى الى اتخاذ قرار نهائي بالانضمام لحكومة الاقليم رغم تاخر تنفيذ المادة 140 من الدستور.
ولم تختلف مطالب جلولاء عن نظيرتها السعدية اذ يؤكد بشير عبدالله عضو مجلس جلولاء المحلي ان 85 بالمئة من سكان جلولاء يؤيدون الانضمام لاقليم كوردستان لانهاء مشاكل البطالة والتردي المعيشي الذي يسود الناحية وعموم مناطق محافظة ديالى، مشيرا الى ضعف دور الحكومتين الاتحادية والمحلية في مجال الاعمار والخدمات.
ويضيف عبدالله في حديثه لشفق نيوز ان المواطنين في عموم ديالى يسعون وراء الرفاهية والخدمات وهذا ما تستطيع حكومة كوردستان تنفيذه من خلال تجارب الاقليم الناجحة منذ اكثر من 12 عاما.
ويستعرض نائب رئيس مجلس مندلي المحلي رائد خليل في حديثه لشفق نيوز ما شهدته مندلي من ممارسات وتغييرات ديمغرافية من قبل النظام السابق وما تعرض له سكانها من اهمال وتهميش دفعهم للمطالبة المستمرة بالانضمام لكوردستان، مبينا ان العرب والكورد يشكلون نسبة سكانية متناصفة في مندلي.
ويستدرك خليل ان تماسك العلاقات الاجتماعية بين العرب والكورد والمصاهرة في مندلي وحدت مواقفها على مدار الاعوام السابقة بالانضمام لكوردستان الا ان حدة المطالبات انخفضت بعد الاحداث الامنية العام الماضي وما شهده من احداث امنية.
ويؤيد بشدة رحيم الكيجي رئيس مجلس ناحية قره تبه المحلي ضم الناحية لكوردستان باسرع وقت ممكن، مشيرا الى وجود اجماع تام شعبي وسياسي على الانضمام لكوردستان والخلاص من المشاكل المعيشية والخدمية.
ويعزو الكيجي في حديثه لشفق نيوز اسباب الاجماع بالانضمام لكوردستان الى عدم وجود خلافات قومية او طائفيا او سياسية في قره تبه بعكس مناطق جلولاء والسعدية مما يعجل ويسهل انضمام قره تبه لكوردستان في حال المبادرة بتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي.
ويلفت الكيجي الى ارتباط مصالح قره تبه الاقتصادية والحياتية باسواق قضاء كلاء لقربه من الناحية وتأمين طرق النقل المؤدية اليه والنهضة العمرانية المتسارعة التي يشهدها.
ويوضح الناشط السياسي فؤاد كامل اغا ان جميع المناطق المتنازع عليها بديالى تشكل اغلبية كوردية تتراوح من 70 الى 85 بالمئة الا ان ممارسات التعريب والترحيل القسري التي مارسها النظام السابق جعلت الغلبة السكانية للمكون العربي وخاصة في السعدية ومندلي.
ويَعتبر اغا مطالب المناطق المتنازع عليها بديالى بالانضمام لكوردستان مشروعة وقال انها "ستنفذ عاجلا ام اجلا بعد عجز حكومة ديالى في معالجة المشاكل الخدمية والعمرانية على مدار 12 عاما مطالبا الحكومة الاتحادية بتسريع تنفيذ المادة 140 وتقرير مصير المناطق المختلطة بديالى من قبل سكانها وفقا للحقوق الدستورية".
وتعتبر المناطق المتنازع عليها في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى من أبرز المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل.
ويؤكد الكورد أحقيتهم بتلك المناطق وضمها لإقليم كوردستان بعد ازالة سياسيات التعريب التي طبقها النظام السابق على مدى عقود.
ويوجه الكورد اصابع الاتهام الى بغداد بعدم الجدية او حتى عرقلة تطبيق المادة الدستورية الخاصة بتسوية النزاع بشأن تلك المناطق والتي كان من المقرر الانتهاء من تطبيقها في اواخر 2007.
وتنص المادة على ازالة سياسات التعريب ومن ثم اجراء احصاء سكاني فيها قبل المرحلة النهائية المتمثلة بالاستفتاء من قبل السكان على الانضمام لكوردستان او البقاء في ظل ادارة الحكومة العراقية.