شفق نيوز/ رأى معهد "المجلس الاطلسي" الامريكي، يوم الأحد، أن تداعيات الحرب الجارية في غزة بين إسرائيل وحركة حماس، ستلحق ضررا بالاستقرار النسبي القائم في العراق منذ سنوات، وتهدد المس بتطور العلاقات العراقية-الامريكية.

وأوضح المعهد الأمريكي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، إن "الهجوم الذي شنته حماس في 7 اكتوبر/تشرين الاول ضد اسرائيل، يهدد بما هو أكثر من مجرد تطبيع العلاقات مع اسرائيل، اذا انه قبل الهجوم، كانت المنطقة تسير على طريق بطيء نحو الاستقرار، وبدأت الدول العربية واسرائيل في تسوية خلافاتها، واقامت السعودية وايران علاقات، وكان الصراع في اليمن ينتهي ببطء".

اما في العراق، فقد ذكر التقرير الامريكي ان "الافاق الاقتصادية كانت تتحسن ببطء بعد انكماش اقتصاده بسبب وباء كورونا، والذي كانت تضرر ايضا بسبب الاحتجاجات المستمرة المناهضة لايران والصراع الطائفي".

وبالاضافة الى ذلك، قال التقرير إن "معهد ستوكهولم الدولي لابحاث السلام " كان قد ذكر في مارس/اذار، ان العراق "يتمتع باكثر فتراته استقرارا منذ العام 2003".

واشار التقرير الى انه "فيما يتعلق بالعلاقات الامنية بين الولايات المتحدة والعراق فانها تحسنت بعد ان دعا البرلمان العراقي الى انسحاب القوات الامريكية في العام 2020. لكن البلدين اكدا في اغسطس/اب، التزامهما مجددا بتعزيز التعاون الامني".

الا ان التقرير قال إنه "ربما تكون تلك الفترة من الاستقرار النسبي على وشك ان تنتهي"، مضيفا انه بعد ان ردت اسرائيل على هجمات حماس القاتلة، خرج العراقيون الى الشوارع في احتجاجات حاشدة مؤيدة للفلسطينيين، واحرقوا الاعلام الاسرائيلية ورددوا شعارات مناهضة للولايات المتحدة، بينما اعرب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن تضامنه مع القضية الفلسطينية، ووصف الرد الاسرائيلي بانه "عدوان صهيوني غاشم"، في حين ردد اسلافه، بمن فيهم مصطفى الكاظمي وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي ونوري المالكي، هذا التعبير عن التضامن العراقي، معتبرين ان هجمات حماس كانت "ردا طبيعيا" على "الاستفزازات والانتهاكات الاسرائيلية".

ومن جهته، قال التقرير، إن "الميليشيات العراقية المدعومة من ايران، مثل منظمة بدر وعصائب اهل الحق وكتائب حزب الله، اعربت عن دعمها للهجمات واعلنت استعدادها لمهاجمة اهداف امريكية في حالة تدخل الولايات المتحدة".

ونقل التقرير عن الباحثين في "معهد واشنطن" الامريكي امير الكعبي ومايكل نايتس قولهما، إن "الكثير من ردود الفعل العراقية هي بمثابة مسرحية، موضحا ان "العديد من تهديدات الميليشيات كانت مشروطة باحداث غير متوقعة، مثل التدخل الامريكي المباشر او التصعيد، وهو استخدام للتهديدات يساهم في القليل من الغموض الاستراتيجي. واوضح التقرير ان ما يمكن اعتباره تدخلا مباشرا او غير مباشر، يخضع لتفسيرات مختلفة".

لكن التقرير نقل عن الكعبي ونايتس اشارتهما الى ان "الرد العام، حتى من قبل الميليشيات الاكثر عنفا في العراق، "حذر"، وفي بعض الحالات، "صامت".

وتابع انه "ليس من المستغرب ايضا ان يكون رد الفعل العراقي مؤيدا لحماس بأغلبية ساحقة"، مضيفا انه "في حين كانت الدول العربية تقوم بتطبيع العلاقات في العام 2022، سن العراق قانونا يجعل اقامة العلاقات مع اسرائيل جريمة يعاقب عليها بالاعدام او السجن مدى الحياة"، مؤكدا ان المشاعر المعادية لاسرائيل عميقة".

ولهذا، اعتبر التقرير ان "هذا الوضع يطرح العديد من الصعوبات امام الولايات المتحدة، مضيفا انه في ظل استمرار الرد الاسرائيلي وتدهور اوضاع الفلسطينيين في غزة، سوف يكون هناك ضغط متزايد على الميليشيات لحملها على التحرك، مشيرا في هذا السياق الى اما يتردد حول وجود العراقي ابو عزرائيل، في لبنان حيث يتحين الفرصة للدخول الى اسرائيل".

واضاف التقرير انه "في حال توسع مثل هذا التدخل "الشعبي"، فسوف تتزايد احتمالات التصعيد، وبالتالي يتزايد ايضا احتمال التدخل الامريكي.

وتابع التقرير بالقول انه "بالنسبة الى الغموض الاستراتيجي، فقد يكون سلاحا ذو حدين، ففي حال نجحت جهود اسرائيل لهزيمة حماس، فان الميليشيات قد تخفض معيار ما يمكن اعتباره تدخلا، مما يهيئ الظروف للتصعيد مرة اخرى".

ولفت التقرير الى ان "المسألة الاكثر صعوبة بالنسبة للولايات المتحدة هو انه قد لا يكون من مصلحتها هذه المرة ان تتجاهل هذا الرد المتوقع، ولو الصامت، المؤيد لحماس، مضيفا انه من مصلحة الجميع تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، ومن المعقول التعبير عن القلق، بل والغضب، ازاء تدهور اوضاعه، الا انه لا ينبغي التسامح مع ارتكاب الفظائع، حتى لو كان هناك سبب عادل".

واشار التقرير الى انه "في اخذ رد فعل الميليشيات العراقية على محمل الجد، فان تدخلا في غزة قد يؤدي الى تصعيد من شأنه ان يقوض علاقات واشنطن الاوسع مع العراق".

وذكر التقرير ان "هجمات كتائب حزب الله ضد القوات الامريكية في العراق وسوريا لا تتمتع بدعم كبير من الشعب العراقي، الا ان المحاولات الامريكية للدفاع عن نفسها تمكن هذه الميليشيات من حشد احتجاجات كبيرة عندما تحدث تلك العمليات الدفاعية في العراق".

وتابع قائلا، إنه "بالنظر الى المشاعر المناهضة لاسرائيل والمؤيدة للفلسطينيين الى حد كبير بين الشعب العراقي، فمن المرجح ان تحظى هجمات الميليشيات ضد اهداف امريكية كجزء من الدفاع عن الشعب الفلسطيني بالتأييد من العراقيين".

وبحسب التقرير، فإن النفوذ المحدود الذي تملكه الحكومة العراقية لكبح مثل هذه الهجمات، سوف يتلاشى. وذكر التقرير انه بعد تدمير المستشفى المعمداني في غزة يوم 17 اكتوبر/تشرين الاول، اتهم السوداني على الفور اسرائيل بذلك ودعا الى يوم حداد، وبعدها بوقت قصير، استخدمت جهات مجهولة طائرات مسيرة لمهاجمة القوات الامريكية.

ولهذا، خلص التقرير الى ان القول ان الطريق امام الولايات المتحدة ليس واضحا، مضيفا ان الرسالة البسيطة التي مفادها ان المدنيين الابرياء لا ينبغي ان يتعرضوا للقتل والاختطاف والتعذيب، سوف تتلاشى مع نزوح المدنيين الفلسطينيين من منازلهم وارتفاع عدد الضحايا، حتى لو كانت العمليات الاسرائيلية متوافقة مع قانون الحرب.

لكن التقرير قال، إن "بامكان الولايات المتحدة، ان ترسم طريقا للمضي قدما من خلال الضغط على شركائها الاقليميين، بما في ذلك العراق، لادانة الهجمات الوحشية التي شنتها حماس، ويجب على واشنطن ايضا ان تعمل كعامل مؤثر في الصراع وان تجد طرقا لتجنب التصعيد مع تمكين جهود اسرائيل للدفاع عن نفسها ضد حماس وحلفائها".

لكن التقرير اقر بان "القيام بذلك سيكون صعبا، الا انه اعتبر ان الولايات المتحدة يمكنها ان تبدأ بتعبئة الاغاثة الانسانية للمتضررين من الصراع، ومراقبة النزاع عن كثب تحسبا لاي تصعيد محتمل من اي جانب، وان تجعل المساعدة لاي شريك مشروطة بالتعاون لتهدئة الصراع".

وخلص التقرير الى القول، إنه "فيما يتعلق بالحكومة العراقية، فان تأثيرها على الميليشيات محدود، حتى في حال ارادت التدخل، الا انه بامكانها الانخراط مع الولايات المتحدة لضمان توصيل نوايا الولايات المتحدة بشكل فعال والحفاظ على سوء التفاهم عند الحد الادنى.

واعتبر التقرير ان هذه الخطوات لن تغير بشكل جذري ديناميكيات النزاع، ولن تخفف الضغط على اسرائيل لتدمير حماس، الا انها قد تخلق فرصا للتخفيف من الضرر الذي قد يلحقه الصراع باستقرار الشرق الاوسط ونفوذ الولايات المتحدة".