شفق نيوز/ ذكر موقع "ناشيونال انترست" الاميركي ان حرب العراق أظهرت عيوبا كبيرة في التفكير الاستراتيجي الاميركي، وان الصدامات المسلحة المتقطعة التي تجري في العراق وسوريا بين القوات الاميركية والفصائل المدعومة من ايران، أساسها "خطأ جوهري" في التخطيط للحرب وهو شديد السذاجة لانه كان يجب ان يكون واضحا للمحرضين على الحرب حتى قبل اندلاعها العام 2003.
وبرغم اشارته الى ان دراسات الجيش الاميركي للحرب تخلص الى ان غالبية القرارات المتعلقة بحرب العراق اتخذت من جانب قادة أذكياء ويتمتعون بخبرة عالية، الا ان "الفشل في تحقيق الاهداف الاستراتيجية" مرده "الأخطاء المنهجية" من جانب الزعماء الاميركيين الذين يبدو انهم اعتقدوا ان "القوى الاقليمية الاخرى، لن يكون لها رد فعل".
وفي اعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، فان الرئيس الاميركي جورج بوش الذي وصل الى منصبه مقترحا سياسة خارجية معتدلة، قطعها فجأة مبدلا اتجاهه، واصبح يقول ان مسؤولة الولايات المتحدة امام التاريخ تتمثل في "تخليص العالم من الشر"، ثم اعلن بعدها في خطاب رئيسي، ان الشر يترصد بالعالم في كل مكان، وهو يتمركز في كوريا الشمالية وايران والعراق عبر "محور الشر".
وذكر تقرير المجلة الاميركية ان ايران ادركت تماما انها امام مشكلة، وكذلك سوريا التي كانت أحيانا تظهر على لائحة الاستهداف المحددة بشكل شبه يومي من جانب بوش ومساعديه المهللين من المحافظين الجدد. واذا كانت تحتاج الى تأكيد اضافي، فان مستشار البنتاغون ريتشارد بيرل تباهى علانية بعد فترة ليست طويلة من غزو العراق بان الرسالة يجب ان تصل الى غيره من الانظمة المعادية في المنطقة: "أنتم اللاحقون".
وكان من الواضح ان مصالح الانظمة التي تحكم في كوريا الشمالية وسوريا، ستعمل سوية عن كثب، وسينشأ دعم للشيعة في العراق من أجل جعل الوجود الاميركي في العراق يعاني من البؤس قدر الممكن. وفي هذه الاثناء، فان كوريا الشمالية المهددة ايضا، انسحبت رسميا من معاهدة منع الانتشار النووي، وعملت بجهد من اجل الحصول على سلاح نووي لردع اي عدوان اميركي قد يقع ضدها.
والى جانب سوريا والعراق، كان هناك عدد آخر من اللاعبين الذين دخلوا الى العراق بتصميم على تخريب "سلام" المحتل وقتل قواته. وعلى سبيل المثال، الاردني ابو مصعب الزرقاوي، السني الذي تعاطف مع ايديولوجية تنظيم القاعدة، اصبح زعيما لجيش صغير من المقاتلين المتفانين، يعتقد انه ضم الالاف.
وذكر التقرير ان روابط الزرقاوي بالقاعدة ربما تكون ساعدته على اجتذاب المجندين وتحصيل الاموال والدعم اللوجستي، واستفاد أكثر من تصرفات الاميركيين الذين كانوا ينسبون اليه بشكل مبالغ عددا أكبر بكثير من اعمال العنف التي كانت تجري، وهو سلوك ساهم في تلميع صورة الزرقاوي في العديد من مناطق العالم الاسلامي على انه "بطل مقاوم".
وذكر التقرير بان واشنطن تمكنت من فرض نوع من السيطرة على حالة الحرب بحلول العام 2009 من خلال قوات الصحوة التي ضمت افراد العشائر، ومن خلال زيادة القوات الاميركية، لكنه اضاف ان ذلك كلف الاميركيين اكثر من الف قتيل في صفوهم، وهو أكبر بسبع مرات من خسائر الاميركيين البشرية خلال الغزو العام 2003. وفي نهاية الامر فان قوات الزرقاوي انهزمت، لكن ذلك لم يتحقق سوى بعدما لحقت خسائر كبيرة بالقوات الاميركية.
وعلى صعيد آخر، فان ايران استمرت وما زالت، تشكل عنصرا مثيرا للتحرش، وهي مدفوعة الان بالاستياء من العقوبات المفروضة عليها. وينقل التقرير عن دراسة اجراها الجيش الاميركي لتقييم الحرب في العراق، يخلص فيها الى ان "ايران تبدو المنتصر الوحيد فيها".
واستعاد التقرير تقديرات عسكرية من العام 2010 من جانب جنرالات عسكريين اميركيين حول افغانستان بان ما من عمليات عسكرية لمكافحة التمرد المسلح يمكن لها ان تنجح اذا كان للمتمردين فرصة للاستفادة من عمليات العبور الى ملاذات آمنة عبر الحدود المجاورة. واضاف هؤلاء انهم يأملون ان يوكون الوضع في افغانستان استثناء عن ذلك، الا ان الموقع الاميركي اشار الى ان الاحداث الجارية حتى الان تبرهن على ان ذلك لم يتحقق بعد مرور اكثر من عقد من الزمن على هذا التقدير العسكري.
والتجربة الموازية في العراق تشير الى ان هذه التقديرات كانت صائبة تماما. وما لم ترغب الولايات المتحدة بأن تذهب الى حرب مباشرة وشاملة مع ايران لتخلق بذلك كارثة أخرى في الشرق الاوسط، فان بامكان ايران الاستمرار بدورها الى الابد.
ترجمة: وكالة شفق نيوز