شفق نيوز/ أكدت لجنة الأمن والدفاع النيابية، اليوم الثلاثاء، سعيها إلى تغيير قيادات عسكرية وأمنية في وزارتي الدفاع والداخلية "لتنصلها عن المسؤولية" في الأحداث التي جرت في المنطقة الخضراء، في ما يرى مختصون أن تلك التغييرات تحتاج الى بعد نظر، كونها مناصب دقيقة وحساسة في الدولة العراقية.
وشهد العراق خلال الأشهر الأخيرة أزمة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، بلغت ذروتها في 29 و30 آب/أغسطس الماضي، عندما اقتحم المئات من أنصار التيار الصدري للمنطقة الخضراء ومبنى البرلمان احتجاجا على ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، ومن ثم تطور المشهد إلى صدامات مسحلة بينهم وبين جهات محسوبة على "الحشد الشعبي"، أوقعت عشرات القتلى والجرحى، قبل أن يوجه زعيم التيار مقتدى الصدر أنصاره بالانسحاب.
من جهته أكد الإطار التنسيقي - وقتها - وقوفه مع الدولة ومؤسساتها، "إذ لا يمكن بأي حال الوقوف على الحيادِ حينما تتعرضِ مؤسسات الدولة للاعتداء وللانهيار"، مطالبا "الحكومة والمؤسسات الأمنية بالقيام بما يمليهِ عليها الواجب الوطني بحماية مؤسسات الدولة والمصالح العامة والخاصة".
بدوره وجه القائد العام للقوات المسلحة (السابق) مصطفى الكاظمي، - في حينها - بفتح تحقيق عاجل بشأن الأحداث في المنطقة الخضراء، ومصادر إطلاق النار، وتحديد المقصرين ومحاسبتهم وفق القانون، في ما يرى الإطار التنسيقي أن حكومته كانت مقصرة في معالجة الموقف.
تنصل عن المسؤولية
يقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، حسين العامري، "في الفترة السابقة كان هناك تنصل عن المسؤولية وتقصير في الكثير من الأحداث، منها الدخول إلى المنطقة الخضراء، وانتشار السلاح المنفلت داخل المناطق، ومقتل الكثير من المواطنين وإرعاب آخرين، وهذه جميعها يجب أن تعالج في المستقبل القريب".
ويضيف العامري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، "هناك ملاحظات وأخطاء مشخّصة في وزارتي الدفاع والداخلية، وعلى قيادات الفرق والعمليات، أهمها أحداث الخضراء وانتهاك سيادة العراق من خلال القصف التركي، وعدم إمكانية القيادات العسكرية اتخاذ إجراءات وقائية لمنع الخروقات الأمنية في محافظة ديالى وفي منطقة الطارمية ببغداد، فضلا عن وجود شبهات في عقود الدفاع".
وعن كيفية إجراء التغييرات، يوضح النائب عن حركة "حقوق"، أن "التغيير سيكون تدريجيا وليس كليا، حيث يتم تشخيص الأخطاء الثقيلة أولا، ومن ثم معالجتها تدريجيا، وفي الوقت نفسه سيكون هناك تطوير للقدرات العسكرية والأمنية لتكون بمستوى دول الجوار والإقليم".
إعادة الأمور إلى نصابها
يرى المحلل السياسي مفيد السعيدي، أن من "ضمن الملفات المهمة والحساسة والرئيسية لكل رئيس وزراء جديد هو الملف الأمني، لمعرفة كيف تتم إدارته في ظل التحديات التي ترافق البلاد من وجود عصابات منظمة وانفلات السلاح، بالإضافة إلى بقايا عصابات داعش".
ويشير السعيدي في حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "المرحلة الماضية حصلت فيها خروقات أمنية، وبعض القادة العسكريين كانوا غير موفقين في ادارتهم للملف الأمني، خاصة بعد إبعاد (أبو علي البصري) من خلية الصقور، وما حدث بعدها من نشاط لخلايا داعش، لذلك يجب أن تعاد الأمور إلى نصابها إلى ما قبل عام 2019، وليس في الملف الأمني فقط، بل في الملفات الخدمية والاجتماعية والاقتصادية والمالية كذلك".
تغييرات خطيرة
في المقابل يرى الخبير الأمني، علاء الشنوع، أن التغييرات في القيادة العسكرية تحتاج الى بعد نظر أكثر من التغييرات في المناصب المدنية وذلك لخطورتها، "فالوحدات العسكرية لها كيانات خاصة من حيث الأشخاص والمنشأة والمعلومات التي تدخل في سياقات وأعمال عسكرية مهنية لا يمكن القيام بها إلا لمن عرف ودرس العلوم والمعارف العسكرية، وبالمعنى الدقيق".
ويوضح الشنوع لوكالة شفق نيوز قائلا، إن "القائد العسكري يختلف تماما عن القائد في المؤسسات المدنية، فهو يمتلك معلومات مهمة ودقيقة عن عمل المؤسسة العسكرية في المكان والحيز الذي تشغله، فهو يوزع قطعاته ووحدته العسكرية وفقا لمتطلبات الخطط الذي تتفق هيئة ركنه عليها، وبأوامر وتحديدات تصدر منها حصرا".
ويتابع، "لهذا فهو الوحيد الذي يمتلك الرؤية الواضحة في تقدير الموقف عند التعرض لأي خطر مباشر يهدد قوس مسؤوليته، لذا فإن النقل والتغييرات في القادة لابد أن تخضع الى تقديم مشورة من رئاسة أركان الجيش الى القائد العام في إتخاذ هكذا قرارات، لأن أي قرار خارج هذه المشورة يعتبر خاطئا وفادحا في أساسيات الخطط العسكرية العامة، والخاصة للجيوش التي تحتوي على فيالق وفرق وتشكيلات متنوعة ومختلفة".
ويختم الخبير الأمني حديثه بالقول إن "قضية التغيير بالنسبة للسوداني في هذه الفترة القصيرة بحد ذاتها عمل متسرع لايرتقي إلى أي مستوى قيادي، باعتباره كان من القيادات العليا في الدولة، فقد كان بمنصب وزير وهذا المنصب يؤهله إلى أن يكون دقيقا وحساسا في إتخاذ القرارات".
لجان مشتركة للتقييم
"انطلقت في محافظة البصرة لجان مشتركة لتقييم عمل القادة الأمنيين، من مديري الأقسام نزولا إلى كل المفاصل الأمنية الموجودة في المحافظة، وعلى ضوء هذا التقييم سيكون التغيير"، وفق الخبير الأمني نجاح الساعدي.
ويؤكد الساعدي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "البلاد بحاجة إلى تقييم الوضع الأمني، وأحيانا لا توجد حاجة إلى تغيير القائد بسبب اخفاقه في جانب معين بقدر توفير ما يحتاجه من تعزيزات عسكرية أو تقنيات حديثه للارتقاء بعمل المنظومة الأمنية".