شفق نيوز/ تتحمل الحكومة العراقية، ضمن الاتفاقات والقوانين الدولية، مسؤولية حماية كل البعثات الدبلوماسيّة أشخاصاً ومقرّات، ومن تستضيفهم من رعايا الدول الأجنبية المتواجدين على الأراضي العراقية، لذلك الحكومة مُلزمة بتأمين الحماية اللازمة لهم ضمن الرقعة الجغرافية العراقية، وفق مختصين.
وتعرّضت القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، منذ اندلاع الحرب في غزة، إلى العديد من عمليات القصف من الفصائل المسلحة في البلدين، تضامناً مع المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع.
وبحسب أرقام أعلنها البنتاغون، الجمعة الماضي، وقع بين 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي و3 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري 17 هجوماً في العراق و12 في سوريا.
وتوعدت "المقاومة الإسلامية في العراق"، الأسبوع الماضي، بأنها ستبدأ خلال أيام بمرحلة جديدة تستهدف فيها قواعد أعدائها بشكل أوسع وأشد، وذلك نصرة للمقاومة الفلسطينية.
وينتشر في العراق حوالي 2500 جندي أميركي، ونحو 900 آخر في سوريا، يقدمون مهمات استشارية في إطار مكافحة داعش.
حماية عراقية
في هذا الصدد، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد مقداد الموسوي، أن "البعثات الدبلوماسيّة والدولية الموجودة على الأراضي العراقية، هي تحت رعاية وحماية مديرية السفارات في وزارة الداخلية، ولا يمكن المساس بهم إطلاقاً".
وقال الموسوي، لوكالة شفق نيوز، إن "وزارة الداخلية من واجباتها الرئيسية فرض الأمن في البلاد، والوزارة قادرة على حماية كل الأرواح والممتلكات الموجودة في عموم البلاد".
حوار الفصائل
من جهته، رأى الخبير الأمني والاستراتيجي، عماد علو، أن "تأمين قوات أمنية لحماية المنشآت والمصالح الأجنبية لا تكفي، بل يتطلب إجراء حوارات ومفاوضات وعمل سياسي داخلي".
وأوضح علو، خلال حديثه للوكالة، أن "الهجمات لها أبعاد سياسية تتعلق بالوضع الداخلي العراقي، ما يتطلب من الحكومة الدفع إلى مزيد من المشاورات والمفاوضات مع قوى سياسية قد تتعرض لمصالح دول أجنبية وسفاراتها".
وأشار إلى أن "الحكومة العراقية تحاول فتح حوارات مع الفصائل، لغرض كبح جماح هذه التعرّضات التي تضر بالمصالح العراقية".
بين نارين
وتواجه الحكومة العراقية، حرجاً كبيراً من استهداف قواعد ومصالح أميركية، فضلاً عن التهديدات التي تُطلق ضد حاملي الجوازات الأجنبية، ومن يتعامل مع السفارة والقواعد الأميركية"، بحسب الخبير الأمني والاستراتيجي، مُخلد حازم.
وذكر حازم، لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة العراقية تربطها اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع أميركا، والعراق مُلزم بموجب هذه الاتفاقية، بحماية البعثات الدبلوماسيّة والقواعد الأمريكية".
وتابع: "وفي حال تعرّضت هذه البعثات إلى هجمات، فإن العراق سوف يخضع لقانون دولي، لعدم الحفاظ على أمن وسلامة مواطني هذه البعثات أو المتواجدين في القواعد الأميركية من التحالف الدولي أو حلف الناتو".
وزاد بالقول: "لذلك يحاول السوداني ضبط إيقاع هذه الفصائل التي تقوم بهذه الأعمال، والتي تعتبر نفسها ضمن محور المقاومة، وضمن (وحدة الساحات) تضامناً مع ما يحصل في غزة".
ونوّه حازم، إلى أن "هذه الاستهدافات ستعكس نظرة سلبية عن الوضع الأمني في العراق عند دول الجوار والإقليمية والعربية والأوروبية، خصوصاً وإن العراق بدأ للتو في الانفتاح مع هذه الدول، ويحاول استقطاب شركات وفتح استثمارات كبيرة في مجالات متعددة، منها الطاقة والصحة والبنى التحتية".
وبيّن أن "السوداني أعطى وعوداً كثيرة لهذه الشركات، منها توفير الأمن والأمان لهم، لكن ما يحصل سوف يتسبب برجوع البلاد إلى المربع الأول، وينسف كل هذه الوعود التي أُعطيت للشركات الإقليمية والعربية والعالمية".
ورأى أن "الحكومة متمثلة بمحمد شياع السوداني تعيش بين نارين، نار الاتفاقات الدولية والمجتمع الدولي والدبلوماسيّة الدولية، ونار عمليات الفصائل المقاومة التي تؤثر على الداخل العراقي، والمستعبد توقفها، لأن قرارها ليس بيد الحكومة، وإنما من خارج الحدود"، مختتماً حديثه بالقول إن "الوضع الحالي في البلاد صعب، والأيام المقبلة حبلى بمفاجآت قد تنعكس على الحكومة والشعب العراقي".
عزلة دولية
وفي هذا السياق، قال أستاذ العلاقات الدولية، معتز النجم، إن "كل البعثات الدبلوماسيّة بشقيها القنصلي أو الدبلوماسي التابعة للدول الأجنبية والاوروبية تعتمد في وجودها في العراق على وجود البعثة الدبلوماسيّة والسفارة الأميركية، وفي حال خروج الأخيرة سوف تتوالى البعثات الأخرى بالخروج من العراق، ما يوقع البلاد بمطب الانعزال الدولي".
وأخبر النجم، وكالة شفق نيوز بالقول: "لذلك يجب أن تكون مصلحة الأمن الوطني والأمن القومي العراقي هي العُليا، وإن تُعالج القضية الفلسطينية بموجب اندماج وطني حقيقي يوحّد رؤية التعامل مع الحرب على غزة".
وأضاف أن "العراق يعيش في منظومة دولية، وهناك اتفاقيات دولية، واتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية، والعراق خاضع للقانون الدولي واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسيّة، لذلك يجب أن لا تكون هذه المواقف الشعبية والدينية والأيدلوجية خارج إطار موقف الحكومة العراقية".
ولعل ما أكد عليه السوداني بأن "تكون الدولة هي صاحبة الموقف الرسمي وتُحدد السياسة الخارجية بالتعامل مع القضايا المحلية والإقليمية والدولية"، يحتم أن يكون الموقف العراقي موحّداً بشقيه الشعبي والسياسي، وفق النجم.
أفعال طبيعية
من جانبه، أفاد المحلل السياسي، صالح الشذر، بأن "العراق قادر على حماية البعثات الدبلوماسيّة ومقراتها، وأن تلويح بعض الجهات بالتصعيد، يُقصد منه ضد القواعد العسكرية وليس البعثات الدبلوماسيّة".
وذكر الشذر لوكالة شفق نيوز، أن "ما يحصل من شدّ وجذب وشحن، هو نتيجة العدوان الذي يحصل على فلسطين، وهي ردود أفعال طبيعية للتعاطف مع القضية الفلسطينية، وحتى زيارة وزير خارجية أميركا أنتوني بلينكن، وتظاهرات التيار الصدري كانت طبيعية، ومجرد ردود أفعال فقط".
ورجح الشذر، أن "تذهب الأمور إلى التهدئة والسلام، إذا استطاعت الحكومة مسك العصا من الوسط، وهو ما يعمل عليه رئيس الوزراء العراقي بناءً على علاقته مع هذه الفصائل والأحزاب التي بعضها هي من أوصلته إلى السلطة".
وما زيارة السوداني الإقليمية إلى إيران والخليج، إلا لوجود فسحة أمل لعقد هدنة إنسانية وإيصال المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة، ثم يُصار إلى حل وسطي أو سلمي"، وفق الشذر، الذي اختتم حديثه بترجيحات الخروج بنتائج بإيجابية إذا ما تظافرات الجهود العربية والإسلامية لصالح القضية الفلسطينية.