شفق نيوز/ تطرقت صحيفة "كوميرسانت" الروسية إلى محاربة "داعش" في سوريا والعراق؛ مشيرة إلى تراجع المتطرفين على جميع الجبهات.
وذكرت في رأي لها، "كانت أهم جبهات محاربة الإرهاب الدولي في السنة المنتهية هي في سوريا والعراق. وفي كلتا الدولتين اتضحت الأوضاع في نهاية السنة بصورة جيدة، حيث تبين أن توازن القوى ليس في مصلحة الإرهابيين".
وتابعت "ففي سوريا كان النجاح الكبير، الذي حققته قوات الحكومة السورية بدعم من سوريا وإيران وحزب الله اللبناني، هو تحرير مدينة حلب، التي كانت المعارضة المسلحة تسيطر على قسمها الشرقي خلال أربع سنوات".
وتجدر الإشارة إلى أن حصار حلب جرى وفق سيناريو مختلف عن الذي كان متبعا في حصار المدن السورية الأخرى الواقعة تحت سيطرة الارهابيين مثل حماة وحمص. لأن حصار هذه المدن استمر سنوات، وكان تقدم قوات الحكومة السورية بطيئا جدا. لذلك كانت هذه القوات تبلغ أهدافها باستخدام تكتيك الاستنزاف والتجويع، ما كان يجعل الإرهابيين يوافقون على ترك مواقعهم مجبرين، تقول الصحيفة.
وتضيف أما في حلب، فكان كل شيء مختلفا. إذ إن الهجوم على المدينة سريعا كوَّن انطباعا بأن المهاجمين يسعون لتحريرها قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. وإضافة إلى هذا، اختلف التكتيك الذي استخدمه المهاجمون هنا اختلافا كليا عما كان يستخدمونه سابقا، وهذا ما ضمن لهم الانتصار.

لقد غيرت نتائج تحرير حلب ميزان القوى في المواجهة مع الإرهابيين (الغرب وممالك الخليج تسميهم "مناضلين" ضد نظام الأسد) لمصلحة قوات الحكومة السورية. وكيفما كانت تسميتهم فإنه أصبح واضحا أن موقف حكومة دمشق في الحوار، الذي يستأنف لتسوية الأزمة السورية سلميا في السنة الجديدة، سيكون أقوى، ويمكن لوفدها التفاوض مع المعارضة من موقع القوة.

وإضافة إلى النجاحات التي حققتها قوات الحكومة السورية على مسرح العمليات الحربية في سوريا، حصلت في عام 2016 تغيرات أساسية، أولها: دخول تركيا طرفا في النزاع، وإرسالها قواتها إلى سوريا بهدف محاربة الإرهابيين التابعين لـ "داعش"، في حين أن عدو أنقرة الأساس، هو كرد سوريا، الذين يحاولون إنشاء منطقة حكم ذاتي على الحدود التركية. والتغير الثاني: دخول روسيا الحرب ضد "داعش" في سوريا منذ 15 شهرا، ما أضعف كثيرا مواقف الإرهابيين في سوريا، وتم تحرير مدينة تدمر التاريخية وأقامت أوركسترا روسية حفلا موسيقيا على مدرجات مسرحها التاريخي في نهاية شهر مايو/أيار.
ولكن مسلحي "داعش" في نهاية السنة استغلوا انشغال القسم الأكبر من قوات الحكومة السورية في عملية تحرير حلب، وتمكنوا من استعادة المدينة ثانية. ومع ذلك لم يؤثر هذا على توازن القوى. لأن كل ما يعنيه هو أن محاربة "داعش" في سوريا ستمتد لفترة طويلة.
وهذا ما يؤكده الوضع حول مدينة الرقة عاصمة "داعش" في سوريا. فقد تعثر هجوم التشكيلات الكوردية وفصائل "المعارضة المعتدلة" على المدينة.
أما في العراق المجاور، ففقد "داعش" مساحات واسعة من الأراضي التي كانت تحت سيطرته. وتمكن الجيش العراقي وحلفاؤه، على الرغم من الصعوبات التي كانت تواجهه والخسائر الكبيرة التي تكبدها، من تحرير مدينتي الفلوجة والرمادي.
من جانب آخر، تواجه عملية تحرير الموصل (عاصمة "داعش" في العراق) صعوبات كبيرة، ولن تسير حسب الجدول الزمني المقرر. فالإرهابيون يقاومون بجدية لم تكن متوقعة، والقدرات القتالية للجيش والميليشيات كانت دون توقعات المستشارين العسكريين الأمريكيين الذين ساهموا في وضع خطة تحرير المدينة. ومع كل هذا، فإن نتيجة العملية معروفة، حيث ستستعاد عاجلا أم آجلا لأن تفوق القوات المهاجمة واضح جدا.
وبعد تحرير الموصل عمليا لن يبقى لـ "داعش" موضع قدم في العراق، حيث ستنتقل بقايا مسلحيه إلى الرقة في سوريا، للمساهمة في الدفاع عن المدينة، في آخر معركة حاسمة مع قوات التحالف، المعروفة نتائجها مسبقا أيضا.
ويتضح من كل هذا أن نتيجة الحرب ضد "داعش" في سوريا والعراق واضحة منذ الآن، وهي القضاء على "دولة الخلافة". ولكن من المؤسف أن هذا لا يعني القضاء على حاملي وأتباع فكر الجهاد. فمنهم من يعود إلى وطنه: المملكة السعودية، تونس، مصر، اليمن، وكذلك أوروبا، وإلى أسيا الوسطى وإلى شمال القوقاز في روسيا. ففي هذه الأماكن كما يبدو سوف يستمر هؤلاء بـ "حربهم المقدسة" التي لن يتمكن العالم المتحضر من الانتصار فيها نهائيا. وبالطبع لن يتكبد فيها الخسارة أبدا.