شفق نيوز/ كشفت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، يوم الأربعاء، عن تلقيها مئات الشكاوى من ذوي أشخاص معتقلين بتهم الإرهاب، مبينة أن الشكاوى تدور حول الاعتقال بتهم كيدية، والتعذيب، والتغييب.
وقال نائب رئيس المفوضية علي ميزر الجربا، لوكالة شفق نيوز، إن مكتب المفوضية في محافظة نينوى تلقى خلال العامين الحالي والماضي 4500 شكوى، تتحدث عن مزاعم تعرض المعتقلين للتعذيب اثناء التحقيق معهم قبل محاكمتهم، واغلب هؤلاء المعتقلين حوكموا بقضايا الارهاب.
واضاف ان ذوي المحكومين ومقدمي الشكاوى طالبوا بعرض المعتقلين على لجان طبية تثبت ما تعرضوا له من تعذيب اثناء التحقيق واثبات ذلك في تقارير طبية من اجل تمييز الاحكام التي صدرت بحقهم، في محاولة لاثبات براءتهم.
قتل أربعة ما زالوا أحياء!
في باحة مكتب المفوضية التقى مراسلنا بأم إبراهيم التي سبقت دموعها كلامها، حين تحدثت عن ابنها ابراهيم (25 عاماً) الذي انتهى به المطاف من طبيب بيطري الى السجن المؤبد.
تقول ام ابراهيم "ابان سيطرة تنيظم داعش على نينوى، بدأوا يضايقون ابني ابراهيم لانه لا يلتزم بقوانينهم وقد استاء منهم عندما اعتقلوا شقيقه الاصغر وقاموا بتعذيبه وكسر كلتا قدميه، فقرر ابراهيم ترك المدينة وهرب باتجاه كركوك".
وتضيف "حين وصل ابراهيم الى كركوك اعتقلته قوات الامن العراقية هناك وأخذت ما بحوزته من مال وتم سجنه وتعذيبه حتى اعترف زوراً بأنه اعدم اربعة من رفاقه وفجر احد المنازل في قضاء الحضر".
وتتابع أم إبراهيم "تم تصديق اعترافاته ومحاكمته وصدر عليه حكماً بالسجن المؤبد، لكننا استطعنا الوصول اليه بعد فوات الاوان وقمنا بإعادة تمييز الحكم واحضارنا اصدقائه الاربعة الذي اعترف بأنه اعدمهم وهم ما يزالون على قيد الحياة بالإضافة الى إحضار صاحب المنزل الذي من المفترض أن ابراهيم فجره، لكن كان الاوان قد فات وهو يقضي محكوميته حالياً".
وتؤكد الأم "لم يعد لدينا مال لتمييز الحكم مجدداً وقد تقطعت بنا السبل. لم يعد لدي من ينقذ ابني الذي يقضي سنوات شبابه بين عناصر داعش والمجرمين بينما من المفترض ان يعيش حياته بصورة طبيعية فهل هذا جزاء من هرب من داعش ان ينتهي به المطاف معهم في السجون؟".
أزمة الدعاوى الكيدية
أم علاء هي الأخرى لديها معاناة تحكيها لمراسلنا، إذ تقول "بعد تحرير مدينة الموصل من داعش، تم اعتقال ابني علاء من قبل الأمن الوطني في منطقة سادة وبعويزة، وبقي معتقلا لديهم عشرة ايام حتى عثرنا عليه مرميا قرب الكنيسة في حي العربي وهو في بين الموت والحياة من شدة التعذيب".
وتضيف "تنقلت من طبيب إلى آخر لعلاجه ولم تمضي فترة طويلة حتى تم اعتقال ابني الثاني في العاصمة بغداد واخذوه من مكان عمله بتهمة الارهاب رغم انه يعمل هناك وقد مر بجميع السيطرات ولا مؤشرات عليه".
ويشير ام علاء الى ان ابنيها كانا ضحية "دعوى كيدية من ابناء عمومتهم بسبب الطمع بقطعة ارض لينتهي المطاف بهما واحد في سجن سوسه والاخر في العاصمة بغداد، حيث تم اعتقال علاء مجددا بتهمة الإرهاب".
وبشأن إعادة تمييز الحكم لإثبات براءتهما، تقول ام علاء "لم نعد نمتلك ديناراً واحداً والناس تتصدق علينا من اجل المعيشة وانا ما بين نار المعيشة ونار توكيل محامي لاخرجهما من السجن الذي دخلوه دون ذنب ولو كانوا متورطين مع داعش لما دافعت عنهم ولما كنت واقفة هنا اليوم ابحث عن امل لاخراجهم من السجن. ضاع اولادي وضاعت حياتنا بسبب الدعاوى الكيدية".
مجهولو المصير
أحمد، طالب في المرحلة الثانوية يسكن منطقة السادة في الجانب الأيسر لمدينة الموصل، وبعد طرد داعش من المدينة، تقول والدته "اعتقله مجهولون يرتدون الزي العسكري بتاريخ 3/3/2017 من داخل المنزل واختفى بعد ذلك حتى يومنا دون اي اثر يشير الى مصيره".
وتؤكد أم أحمد "لم اترك اي سجن الا وبحثت عنه فيه وسجلنا اسمه في المفوضية العليا لحقوق الانسان وبعد فترة طويلة من البحث ابلغوني بأن ولدي لا اثر له في السجون الرسمية ولا اعلم ما هو الحل".
وتضيف "حتى لو كان ميتاً انا راضية بهذا رغم انه ظلم لكن على الاقل اريد معرفة مصيره المجهول. لم نجد احداً يقف معنا او يناصرنا وقد فقدنا احمد الذي كان يملأ دنيانا، حتى أن أبيه ضعفت صحته حزناً وهو اليوم عاجز عن العمل".
وبحسب ما قاله نائب رئيس المفوضية العليا لحقوق الانسان، فإن عدد الشكاوى فيما يخص المغيبين والمفقودين ومزاعم التعذيب في السجون بلغت اكثر من 7000 حالة في عموم البلاد من بينها اكثر من 4500 سجلت في محافظة نينوى.