شفق نيوز/ اعتبر موقع "جي اي اس ريبورتس" الذي يتخذ من امارة ليختنشتاين مقرا له، أن خروج الزعيم الصدري مقتدى الصدر من اللعبة السياسية، قرار جاء مدفوعا بالخشية من تعرضه إلى الاغتيال، وان انسحاب نوابه من البرلمان، يشكل انتصارا لمحاولات إيران في استعادة السيطرة على السياسة العراقية.
وأوضح التقرير الاوروبي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان ايران تحاول في العراق القيام بما فعلته فيما بعد انتخابات لبنان الاخيرة، حيث انها برغم خسارة حلفائها العراقيين السيطرة على البرلمان بعد انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2021، فإنها تحاول السيطرة على النواب كتحرك ضروري من أجل فرض هيمنتها على الحكم في بغداد.
ولفت التقرير؛ الى ان ايران تحاول في كلا الدولتين، لبنان والعراق، تحقيق عودة فيما بعد الانتخابات، من خلال التدخل في البلدين، معتبرا أن حملتها لبسط نفوذها تحقق نجاحا أكبر في العراق.
واشار التقرير الى أنه بخلاف الحالة اللبنانية حيث ان الشيعة ظلوا موحدين، فإن كراهية الصدر لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وتحفظاته الحادة إزاء النفوذ الإيراني، تسببت في تمزيق صفوف المعسكر الشيعي، مضيفا انه عندما فشلت إيران في اعادة توحيد المعسكر الشيعي، عمدت الى شل البرلمان، ثم ابتكرت وسيلة من أجل قلب الطاولة على الصدر من دون الاضطرار الى الذهاب مجددا نحو انتخابات جديدة.
وبعد الاشارة الى نجاح الصدر في تشكيل التحالف الثلاثي مع السنة والكورد، اعتبر التقرير ان "طهران شعرت بالغضب"، وصدر قرار بتجميد البرلمان حيث قرر ان الاغلبية البرلمانية لا تكفي لانتخاب رئيس جديد حيث يتحتم الآن حضور ثلثي النواب، مضيفا أنه برغم ان الصدر تمكن من تجنيد أكثر من 165 نائبا مطلوبا في ائتلافه للحصول على أغلبية، الا انه اصبح الان يحتاج الى اقناع 53 نائبا إضافيا من خارج ائتلافه ليشاركوا في جلسة التصويت، وهو ما لم يتمكن الصدر من تأمينه.
ثم استعرض التقرير حملات الضغط التي مورست ضد الحزب الديمقراطي الكوردستاني، بما في ذلك القصف الصاروخي على منزل رجل أعمال نفطي مقرب من الحزب في 13 مارس/آذار الماضي، ثم إضرام النيران بمقر للحزب في بغداد في 28 آذار/مارس، وهو ما دفع الحزب إلى تعليق نشاطاته وحضوره في العاصمة الاتحادية، لكن الحزب رفض التزحزح عن موقفه بالانتماء إلى التحالف الثلاثي.
وتابع التقرير ان ايران وجهت رسائل اضافية من خلال قصف مصفاة للنفط بالقرب من اربيل في بداية أيار/مايو، ثم بهجومين صاروخيين على منشآت للطاقة تمتلكها "مجموعة كار" التابعة لنفس رجل الأعمال. ومع ذلك، فإن الحزب ظل ملتزما بالتحالف الثلاثي. واضاف ان الهجمات تواصلت في 22 و24 و25 حزيران بقصف حقل خور مور للغاز، وهو الأكبر في اقليم كوردستان، مذكرا بأن الحقل يعتبر مهما لخطط الحزب لتصدير الغاز الى اوروبا وتركيا.
وبعدما أشار الى استقالة نواب الصدر من البرلمان، ثم استبدالهم في 23 حزيران/ يونيو بنواب آخرين أدوا قسم اليمين، نقل عن النائب احمد الربيعي الذي ينتمي إلى التكتل المدعوم من ايران، ان تحالفه البرلماني اصبح الان يتمتع بنحو 130 مقعدا وهو القوة الرئيسية في البرلمان المؤلف من 329 مقعدا. ومع ذلك، فإن التحالف المدعوم من ايران لم يحقق غالبية الـ165 مقعدا.
استقالة الصدر: الخوف!
ثم تساءل التقرير عما دفع الصدر الى هذه الاستقالات التي وصفها التقرير الأوروبي بأنها "خطوة دراماتيكية شجاعة او يائسة أو جبانة".
واعتبر التقرير أن "هناك ثلاثة تفسيرات منطقية" لهذه الاستقالات، احداها ان الصدر اعتبر أن الازمة السياسية لا يمكن حلها، ولهذا فانه فضل ان تحقق ايران هيمنتها واستغلالها، على الفوضى.
وتابع أن التفسير الثاني هو ان الصدر "يريد الفوضى"، إذ انه يعتقد ان خطوته أما ستشجع الآخرين على الاستقالة وبالتالي يفرض انتخابات جديدة، أو أن شباب الجيل الشيعي سوف يتظاهرون مجددا، خاصة اذا اعطى اوامره لمؤيديه للقيام بذلك.
أما التفسير الثالث، الأكثر ترجيحا، فهو "الخوف"، مذكرا باغتيال الباحث الأمني البارز هشام الهاشمي قبل عامين، ومحاولة استهداف الكاظمي نفسه في تشرين الثاني/نوفمبر العام 2021، مضيفا ان الصدر يمكن أن يتوقع الأمر نفسه معه".
سيناريوهات
وخلص التقرير الى القول ان دور الصدر في المرحلة المقبلة، ما زال غير واضح، لكن من المرجح أن يظل تياره "قوة قوية داخل المجتمع"، مشيرا ايضا الى انه اذا كان البرلمان في قبضة الايادي المؤيدة لإيران، فلن تحدث انتخابات جديدة وسيكون الصدر مهمشا لفترة من الزمن.
إلا أن التقرير اعتبر أن "السيناريو الأكثر ترجيحا هو نجاح إيران في تشكيل تحالف غالبية مؤيد لها، مع العدد الإضافي المطلوب من النواب لنصاب الثلثين".
كما اشار الى احتمال ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية يكون برهم صالح الذي سيعين رئيسا للوزراء من الخيار الإيراني، وإذا كان الخيار هو الكاظمي فإنه سيكون أسيرا أكثر مما هو عليه الآن.
وتابع ان العراق سيغرق أكثر في الفساد الرسمي وفي الرمال المتحركة الايرانية، بينما ان الصدر سينتقم من خلال عدم منح الشرعية لأي حكومة.
أما السيناريو الأقل احتمالا، بحسب التقرير الاوروبي، فهم إجراء انتخابات جديدة، لكن ذلك دونه تعقيدات كثيرة.
وخلص التقرير ايضا الى القول انه في الانتخابات المقبلة، فان ايران ستبذل كل ما بوسعها من جهود لضمان انتصار مؤيديها. ولهذا دعا التقرير الى "حماية مكثفة من الأمم المتحدة والدول العربية والغربية"، لأنه بخلاف ذلك، فإن الانتخابات العراقية لن تكون ديمقراطية، حيث ان ايران من خلال ميليشياتها ستحول انتخابات العراق إلى "كابوس من القتل والخطف والتهديد والرشوة"، مضيفا أنه إذا توفر الدعم الديمقراطي الخارجي، فإنها "ستكون معركة بين الشجاعة والإرهاب، ولكن لسوء الحظ في العراق، فإن الارهاب هو من ينتصر في كل مرة".
ترجمة: وكالة شفق نيوز