شفق نيوز/ في خطوة قد تكون الأولى من نوعها في العالم العربي، يسعى العراق لحجب "تيك توك" التطبيق الأكثر استخداماً بين كل منصات التواصل الاجتماعي الأخرى في البلاد، لمساهمته في "تفكك" النسيج المجتمعي العراقي، وفق ما قالته وزيرة الاتصالات هيام الياسري.
وقالت الياسري في تصريح لوكالة شفق نيوز، خلال مؤتمر صحفي، الاثنين الماضي، إن "وزارة الاتصالات قدمت طلباً إلى مجلس الوزراء لحجب تطبيق التيك توك كونه ساهم بشكل كبير في تفكك النسيج المجتمعي العراقي وكونه لا يحتوي على فائدة علمية وتعليمية وهو مجرد تطبيق للترفيه".
وأضافت أن "حجب التطبيق لا يؤثر على أي مؤسسة أو على التعليم"، موضحة أن "حجب تطبيق تيك توك ليس قراراً بيد وزارة الاتصالات بل يجب أن يصدر من مجلس النواب أو مجلس الوزراء".
وتابعت الياسري أن "الكثير من الدول قامت بحجب تيك توك وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى كندا ودول أخرى".
ويبلغ عدد مستخدمي تطبيق "تيك توك" بالعراق، نحو 31.9 مليون مستخدم، من 36.2 مليون مستخدم للإنترنت بالبلاد، ما يعني أن 88% من مستخدمي الإنترنت لديهم حساب "تيك توك".
عدد المستخدمين
وكان عدد مستخدمي تطبيق "تيك توك" في العراق، قد ارتفع إلى 31.95 مليون مستخدم هذا العام بعد أن كان يبلغ 23.88 مليون مستخدم العام الماضي، متفوقاً على كل مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى مثل فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب، في بلد يبلغ تعداد سكانه 43.5 مليون نسمة.
وأثار إعلان الياسري بحجب التطبيق، الكثير من الجدل بين مؤيد ومعارض له، حيث يرى البعض أن الترفيه مطلوب، ولا يمكن غلق المواقع والمنصات، متسائلين عمّا إذا كان سيتبعه حظر لتطبيقات أخرى، في حين يرى آخرون، أن التطبيق ينشر الكثير من الآثار السلبية عن طريق بث مقاطع تخدش الذوق العام.
وفي هذا السياق، قال التيك توكر، علي تاكي، إن "قرار حجب تيك توك إن كان الهدف منه وضع حدٍ للمحتويات الهابطة لبعض صناع المحتوى فأنا معه، رغم أني من صناع المحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي واتأثر من حجب هذا التطبيق".
ونوه تاكي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، "لكن ربما سيلجأ صناع المحتوى لاستخدام منصات أخرى، وبهذا لن يكون القرار حلاً جذرياً لما نراه من بعض صناع المحتوى في تيك توك".
وكانت المحكمة الاتحادية العليا أصدرت في 14 آذار/مارس الجاري، قراراً بشأن حجب المواقع وشبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعي وتطبيقات التواصل الإلكتروني التي تتضمن صناعة ونشر المقاطع المخلة بالأخلاق والآداب والمحتوى الهابط الذي يخدش الحياء والتجاوز بحق الذات الإلهية وحرمة الكتب المقدسة والتجاوز بحق الأنبياء والرسل والرموز الدينية والإساءة للأديان والمذاهب والترويج والنشر للفسق والفجور والبغاء والشذوذ الجنسي والتعرض للآخرين والإساءة إليهم.
ومنذ نحو عام تواصل السلطات العراقية شن حملات موسعة لتصفية من تصفهم بـ"صُناع المحتوى الهابط" على منصات التواصل الاجتماعي.
وقبل ثلاث سنوات طالبت دعوات شعبية في العراق حجب تطبيق "تيك توك" في البلاد، لكن وزارة الاتصالات أكدت حينئذ أن الأمر بحاجة إلى "قرار حكومي خاص".
حرية التعبير
من جهته، قال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، الدكتور فاضل الغراوي، إن "حرية الرأي والتعبير في كل التشريعات والدساتير والمواثيق والعهود الدولية تعتبر من الحقوق الأساسية للمواطن، وهذه الحريات مكفولة باعتبارها تمثل حقاً من الحقوق الأساسية التي يجب أن تكون متوفرة لكل البشر".
وأوضح الغراوي، لوكالة شفق نيوز: "لكن هذه الحريات يجب أن لا تكون مفرطة وتتجاوز على الذوق والنظام والآداب العامة، ورغم أن مواقع التواصل الاجتماعي وجِدت لخدمة البشر وفيها الكثير من الإيجابيات، لكن البعض منها بدأ يخرج عن الذوق والآداب العامة خاصة في استخدام التيك توك بالعراق".
وأكد أن "الحظر الشامل للتطبيق غير صحيح، بل ينبغي تنظيم هذا البرنامج كما في باقي الدول، وهذا التنظيم سيساعد على تشذيب ما ينشر في البرنامج التي لا تتناسب مع الذوق والآداب العامة، لذلك على الحكومة توفير بيئة مناسبة وآمنة ومحمية لممارسة هذا الحق دون حظره".
قرار إيجابي
لكن الباحثة الاجتماعية، دعاء أحمد ثجيل، ترى أن "حظر تيك توك بشكل نهائي سينعكس إيجاباً في تحجيم بعض البرامج وعلى وضع إجراءات وضوابط للتطبيقات الأخرى".
وبينت ثجيل في حديث للوكالة، أن "أكثر محتويات تطبيق تيك توك غير هادفة بل هابطة وخاصة التي تنتشر في الفترة الأخيرة، وهناك بعض الأشخاص تركوا عملهم ولجأوا إلى التيك توك لكسب الأموال منه، وبسببه ارتكب بعض الأطفال جرائم تقليداً لما شاهدوه في هذا التطبيق كما حصل في البصرة، فضلاً عن حصول الكثير من حالات الابتزاز بسببه".
ودعت ثجيل إلى "ضرورة تنفيذ قرار الحجب لحماية الأسر العراقية من المشاهد التي تنشر في هذا التطبيق والتي تساهم في فساد المجتمع، أما القائلين بأن صانعي المحتوى سوف يلجأون إلى تطبيقات أخرى فإن هؤلاء لا يستطيعون نشر المحتوى ذاته في الانستغرام والفيسبوك، إذ لكل منصة معايير، كما أنهم سيكونون قد تعلموا الدرس وسوف يضعون لأنفسهم ضوابط في النشر".
وكانت حكومات العديد من الدول اتخذت خطوات لحظر أو تقييد تطبيق "تيك توك" الصيني الشهير الذي بات مثار جدل في العديد من دول العالم، آخرها إقرار الولايات المتحدة الأمريكية في منتصف الشهر الجاري قانوناً لحجب التطبيق لأسباب تتعلق بـ"الخصوصية والأمن المعلوماتي".
يذكر أن تطبيق مقاطع الفيديو القصيرة "تيك توك" أطلق عام 2016، ليصبح أحد أشهر تطبيقات التواصل الاجتماعي في العالم، إذ شهد التطبيق أكثر من 4.5 مليار عملية تنزيل حول العالم.