شفق نيوز/ ليست المرة الأولى التي يكون فيها رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني في بغداد التي يعرفها جيدا ويعرف رجالات السياسة فيها، لكنها هذه المرة تأتي في توقيت تشكلت فيه حكومة جديدة، انفرجت من أسوأ أزمة جمود سياسي في العراق، بعدما منح البرلمان الثقة لحكومة محمد شياع السوداني الذي تولى منصبه رسميا في 28 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أي بعد أكثر من عام على الانتخابات التي أفرزت تناحرا سياسيا لم تعهده البلاد منذ دستور العام 2005.
ويقول مراقبون ان أبواب الازمة السياسية التي فتحت في بغداد، كانت تحتم زيارة كهذه لنيجيرفان بارزاني تحديداً، ليس فقط لأنه يتمتع بعلاقات طيبة مع اللاعبين السياسيين في العاصمة الاتحادية فقط، وإنما أيضا لأن "أبو إدريس"، بالإضافة إلى زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، لعبا دوراً بارزاً في تسهيل الانفراجة التي جاءت بعد شهور من التلاعب بالنار على شفير الهاوية.
زيارة بغداد والتي شهدت اجتماعات مكثفة، تسيّدتها على ما يبدو كلمة السر التي ترددت في اجتماعات نيجيرفان بارزاني مع المسؤولين العراقيين، من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية الى رئيس السلطة القضائية الى جانب قادة الكتل السياسية والنيابية الأساسية، وهي: "المسؤولية المشتركة، دعم حكومة السوداني وبرنامجه".
ويبدو واضحا من مضمون المحادثات المعلن، تقليب صفحات الخلافات المزمنة بين بغداد والإقليم، والتطلع نحو المستقبل بإيجاد حل لها، لان اربيل كما قال نيجيرفان بارزاني تنظر الى بغداد على أنها عمقها الاستراتيجي، وان لا فكاك من تنسيقهما معا وشراكتهما من أجل تخطي العقبات والصعوبات.
السوداني شكل حكومته بتكليف من قوى الإطار التنسيقي بداية، لكن الثقة التي نالتها حكومته جاءت بأصوات "الاطاريين" كما بأصوات الكورد بمن فيهم نواب الحزب الديمقراطي الكوردستاني، بالاضافة الى اصوات تحالفي السيادة وعزم.
وهذا بحد نفسه يعني انتقال العراق الى مرحلة جديدة من العمل السياسي، يدرك فيها نيجيرفان بارزاني ان السوداني، برغم التأييد البرلماني الذي ناله، فانه في الواقع السياسي والاقتصادي والامني القائم، يحتاج الى كل مساندة ممكنة، وانه اذا كان بامكان الكورد ان يلعبوا دورهم في هذا السياق، فإن المهمة البغدادية لبارزاني التي استغرقت يوما طويلا وحافلا، هي التعبير الاوضح عن هذه الرؤية والخيارات.
وحط نيجيرفان بارزاني في بغداد، على وقع اصوات المدافع والصواريخ التي تأتي من الجهتين الايرانية والتركية، تحت ستار مواجهة مسلحين معارضين لانقرة وطهران، ما يتطلب تحركات من جانب كل من حكومتي اربيل وبغداد، للتعامل مع هذا الوضع المستجد والحساس بسبب تعقيداته الإقليمية والعراقية والكوردية.
كما تأتي الزيارة في وقت يثار احتمال حدوث تدخل عسكري تركي بري واسع ضد مواقع حزب العمال الكوردستاني في الاقليم وفي الشمال السوري، الى جانب الاوضاع المتوترة داخليا في ايران، والتي بالتأكيد، يتحسب قادة الاقليم من تداعياتها المحتملة.
ويشكل تولي السوداني مسؤولياته الحكومية، فرصة جديدة امام اربيل وبغداد لإعادة تطوير التواصل بينهما فيما يخص العديد من الملفات والقضايا المتراكمة، من حصة اقليم كوردستان في قانون الموازنة واتفاق النفط، الى جانب التنسيق العسكري -الامني خاصة في المناطق المسماة "متنازع عليها" والبؤر الارهابية التي تستغلها.
الزيارة تأتي أيضا في وقت حققت مبيعات النفط سواء في الاقليم او في العراق، مداخيل مالية استثنائية مقارنة بالسنوات الماضية، وهي بالتأكيد فرصة يراها نيجيرفان بارزاني، من اجل حث التعاون مع المسؤولين في بغداد، من اجل تحويل هذه الموارد الى ما يخدم مصالح العراقيين عامة، والاقليم خاصة، بعد نحو 3 اعوام على الاحتجاجات الشعبية على تردي الخدمات والاوضاع المعيشية.
استهل رئيس الاقليم مهمته البغدادية الجديدة بلقاء مع السوداني نفسه حيث اعلن مكتبه ان رئيس الحكومة العراقي عن تقديره لأهمية وحدة المواقف على المستوى الوطني، وضرورة التكاتف والتنسيق، لمواجهة التحدّيات الاقتصادية والمعاشية والخدمية، التي تتطلبها مهمة تأمين الحياة الكريمة لجميع المواطنين في كل أنحاء العراق، مؤكدا التزام الحكومة الاتحادية بالدستور العراقي لمعالجة الملفات العالقة، مع حكومة إقليم كوردستان، بما يضمن حقوق جميع المكونات.
وبالاجمال التقى بارزاني بالاضافة الى السوداني كلا من: رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، ورئيس القضاء الأعلى فائق زيدان، و زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وزعيم كتلة الفتح هادي العامري، وأمين عام عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ورئيس تحالف النصر حيدر العبادي، ومع تحالف السيادة ممثلا بمحمد تميم وزير التخطيط في الحكومة الاتحادية.
وبالامكان تلخيص النقاط البارزة التي أثارها بارزاني خلال لقاءاته البغدادية هذه كالتالي:
-البلد في مرحلة مختلفة تسود فيها لغة التفاهمات والحلول
-الأمن بالمناطق العراقية الحدودية وحفظ سيادة العراق ورفض الانتهاكات المتكررة
-منع استخدام الأراضي العراقية منطلقا للاعتداء على أية دولة من دول الجوار
-التعاون بين السلطات والقوى السياسية والمكونات العراقية، لمواجهة التحديات
-آليات دعم القضاء وتوفير جميع متطلبات نجاح عمل المحاكم في المركز والإقليم
أهمية دور السلطة القضائية في ادارة واستقرار البلد
- قضية النازحين والظروف المعيشية الصعبة التي يعانون منها في مخيمات النزوح
-بذل الجهود لضمان عودة آمنة ومستقرة لجميع النازحين إلى منازلهم ومدنهم
-دعم خطوات الحكومة الاتحادية في تنفيذ برنامجها لتلبية حاجات المواطنين لتحسين الظروف المعيشية والخدمية
-العلاقات مع دول الجوار والتي يجب أن تبنى على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة
-أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين جميع القوى الأمنية والبيشمركة والجيش
-"المسؤولية المشتركة" وحل الخلافات بين الإقليم والحكومة الاتحادية
-تكاتف جميع الأطراف والقوى السياسية ووقوفها معاً لمساندة الحكومة الاتحادية الجديدة في تنفيذ منهاجها الوزاري
-كل شعب العراق- إقليم كوردستان يتوقع الكثير من الحكومة الجديدة
-هناك فرصة تاريخية للنجاح إذا استمر الاستقرار السياسي، وأنه لا طريق أمام العراقيين غير التفاهم
-دعم إقليم كوردستان الكامل للحكومة الاتحادية العراقية الجديدة وإنجاح برنامجها
-بغداد هي العمق الاستراتيجي لإقليم كوردستان
-العراقيل التي تعيق عمل الحكومة والحرب ضد الارهاب
-الاستهداف الايراني والتركي لإقليم كوردستان واهمية التنسيق بين الجيش والبيشمركة.
-تهديدات ومخاطر داعش، والتنسيق العسكري خاصة في مناطق المادة 140 والقضاء التام عليه