شفق نيوز/ سلط موقع "A -Z أنيمالز" العلمي المتخصص بالحياة البرية، الضوء على نهر الفرات، وهو الأطول في غرب آسيا، مثيرا جوانب من تاريخ النهر وحضاراته وعناصرها الجمالية، بالإضافة الى المخاطر التي تتهدده بالجفاف، وحياته الحيوانية المهددة بالزوال.
ووصف التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، نهر الفرات بأنه مجسم مائي مهم ويتمتع بتاريخ ثري، ويبلغ طوله نحو 2800 كلم وهو الى جانب نهر دجلة، يشكلان حدود بلاد ما بين النهرين، وأن النهر "ضحل نسبياً"، إلا أن الجفاف وعوامل أخرى تجعل هذا المجسم المائي تحت عرضة خطر الجفاف الكامل.
تاريخ نهر الفرات
ولفت التقرير الى تفاوت عمق نهر الفرات اذ يتراوح ما بين متراً و30 متراً، مشيرا الى ان العديد من السدود والخزانات شيدت على أجزاء مختلفة على مساره المتدفق من تركيا وسوريا والعراق، وفي المواقع التي يوجد بها خزان مائي، تكون المياه عادة أكثر عمقا.
وتابع ان القوارب الخفيفة وحدها القادرة على الملاحة في النهر، وان مثل هذه القوارب قادرة على الوصول الى مدينة هيت الواقعة على بعد نحو 1900 كلم من المنبع، وبعدها لا يمكن لهذه القوارب الإبحار بسبب المياه الضحلة والمنحدرات.
وبعدما ذكّر التقرير بأن تاريخ نهر الفرات يعود الى العصور القديمة، لفت الى ان مياه النهر قادت إلى قيام اول ازدهار للحضارة في سومر والتي يعود تاريخها الى حوالي الالفية الرابعة قبل الميلاد، مشيرا الى ان الحضارة السومرية هي أقدم حضارة معروفة في جنوب بلاد ما بين النهرين.
وبالاضافة الى ذلك، فإن العديد من المدن القديمة العظيمة تقع بالقرب من نهر الفرات. ولفت التقرير الى الصراعات بين امبراطوريتي بابل وآشور للسيطرة على حوض الفرات العراقي، والتي انتصرت فيها في النهاية الامبراطورية الاشورية، كما انه على ضفاف الفرات، جرت معركة كربلاء في العهد الإسلامي.
الفرات ونهاية العالم
وذكر التقرير أن نهر الفرات يلعب دورا مثيرا للاهتمام في الأديان، موضحا ان كلاً من الإسلام والمسيحية يتحدثان عن جفاف نهر الفرات مع نهاية العالم، وقد جاءت الاشارة الى نهر الفرات في سفر الرؤيا في العهد الجديد من الكتاب المقدس المسيحي، حيث يكتب يوحنا الرسول عن جفاف نهر الفرات كمؤشر على نهاية الزمان و المجيء الثاني ليسوع المسيح.
واشار التقرير الى انه بحسب الرواية الاسلامية، فإن النبي محمد (ص) يتوقع جفاف نهر الفرات قبل نهاية العالم، وأنه بحسب الأحاديث النبوية، فإن المجرى الجاف للنهر سيكتشف عن كنز من الذهب، وسيتحارب العديد من الناس ويموتون من اجل الحصول عليه.
مخاطر كارثية
وأعرب التقرير عن الاسف لان الحديث عن جفاف النهر لم يعد مجرد تاريخ قديم، حيث أن النهر معرض في عصرنا الحديث إلى خطر كبير بسبب التغير المناخي وعوامل اخرى، مشيرا الى انه تم قطع تدفق المياه الى العراق بشكل كبير بسبب مشاريع الطاقة الكهرومائية في تركيا، فيما يخشى بعض علماء البيئة من أن النهر قد يجف تماما بحلول العام 2040.
وتابع التقرير أن تراجع المياه كانت آثاره كارثية على الصيادين في المنطقة. واضاف انه بينما التدفق السنوي الطبيعي لنهر الفرات على الحدود السورية التركية يبلغ نحو 30 مليار متر مكعب سنويا، فإن البيانات على مدار الأعوام الـ70 الماضية، تكشف عن تراجع الى 25 مليار متر مكعب في المتوسط.
والى جانب ذلك، فإن هناك قضايا اخرى ابتلي بها النهر، حيث يتم استهلاك الكثير من المياه في حوض الفرات في العراق وسوريا وتركيا، من أجل الزراعة، كما أن جودة المياه أصبحت تشكل مشكلة خطيرة لأنه يتم إلقاء مياه الصرف الصحي غير المعالجة في نهر الفرات وروافده، ما يؤدي الى تفاقم الأمور.
كنوز الفرات
الى ذلك، ذكر التقرير أنه بينما يمثل انحسار مياه نهر الفرات، خبرا سيئا، إلا أن هذه الظاهرة كشفت عن عدد كبير من الآثار.
وأشار الى ظهور المباني القديمة من قاع النهر في محافظة الانبار مع جفاف نهر الفرات، مضيفا انه بإمكان علماء الاثار الان الوصول الى المواقع التي غمرتها حكومة صدام حسين في منتصف ثمانينيات القرن الماضي.
وتابع التقرير أنه على غرار ما تنبأت به النصوص الدينية، فإن جفاف نهر الفرات تسبب أيضا في اكتشاف مجموعة مختلفة من الكنوز التي تفتح المجال أمام نشاطات النهب، حيث ان المنطقة غنية بالمجوهرات والعملات والوثائق، وهي ما تمثل اغراء للصوص المحترفين.
مصير صيد السمك
وفي حين قال التقرير ان صيد الأسماك كان في السابق مصدراً مهماً للذين يعيشون بالقرب من نهر الفرات، حذر من أنه في ظل جفاف النهر فإن هذه الصناعة صارت مهددة.
ولفت إلى أن فصيلة السمك الأكثر شيوعا في النهر العذب هي الأسماك المعروفة باسم الكارب او اسماك المنوة، كما أن أسماك المانغار تعتبر ايضا من اهم انواع الاسماك في نهري دجلة والفرات، وهو يسمى أيضا بـ"سلمون دجلة"، ويعتبر من اكبر الاسماك في نهر الفرات، وقد يصل وزنها الى 300 رطل.
وهناك ايضا اسماك اخرى في أعماق الفرات من بينها القار، والانقليس الشوكي، والبربل الذي له زعانف صفراء.
وتعيش في النهر ايضا ثعابين مثل الافعى الشامية، وافعى الصحراء ذات القرون، والافعى الفارسية ذات القرون، ولفت التقرير الى انه مع جفاف النهر، فإن هذه الثعابين اصحبت تشكل مشكلة لان الحرارة والجفاف يدفعان الثعابين الى التحرك والاحتكاك اكثر بالناس.
والى جانب ذلك، فإن النهر يوفر على طول ضفافه الحياة للعديد من النباتات والحياة البرية، بما في ذلك القصب، ومن مناطق تدفق النهر عبر جبال وسفوح جنوب شرقي تركيا، تنمو انواع نباتات اخرى مثل اشجار البلوط والفستق.
وفي المقابل، فإن هناك سلالات مهددة بالانقراض على طول نهر الفرات، حيث ان النظام البيئي للفرات ودجلة يؤمن موطنا للسلاحف المهددة بالانقراض، وهي سلالة سلاحف قشرتها ناعمة وعادة ما يكون لونها زيتوني باهت، ومن المعتقد ان عمرها يعود الى 40 مليون سنة، الا انها مهددة بالانقراض بسبب فقدان الموائل والتلوث وصيد الاسماك والتي تقتات السلاحف عليها.