شفق نيوز/ كشف تقرير أمريكي، اليوم الأربعاء، عن "تمسك أمريكي أوروبي بـ"عدم التعامل" المباشر مع حكومة بشار الأسد لإيصال المساعدات الانسانية لمتضرري الزلزال، وفي وقت تقول الهيئات الانسانية أن تأخير المساعدات يتسبب في وقوع المزيد من الضحايا، "تتخوف" فرق إغاثة دولية من الوصول الى مناطق منكوبة بالزلزال تخضع لسيطرة "هيئة تحرير الشام"، المصنفة بأنها تنظيم إرهابي.
وقال تقرير لوكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية ترجمته وكالة شفق نيوز إن "الزلزال الذي أوقع آلاف الضحايا في مناطق مختلفة من سوريا، لن يغير من موقف الحكومات الامريكية والاوروبية بتجنب التعامل مباشرة مع نظام الرئيس بشار الأسد حتى من اجل ايصال المساعدات الاغاثية، في وقت تقول الهيئات الانسانية ان التأخير بالتحرك يتسبب في وقوع المزيد من الضحايا".
وأشار التقرير الأمريكي إلى أنه "حتى قبل وقوع الزلزال الذي أودى بحياة الآلاف في كل من سوريا وتركيا، فان ايصال المساعدات الى كل مناطق سوريا المدمرة بالحرب، كان محفوفا بالتحديات السياسية واللوجستية، وان هذه العقبات تتضاعف الان بعد كارثة الزلزال"، مبينا أن "الاضرار بالطرق والبنية التحتية الاخرى في الجنوب التركي ادت الى عرقلة وصول المساعدات الى مناطق شمال سوريا التي لحقها الكثير من الدمار خلال 12 سنة من الحرب".
وفي الوقت نفسه، أوضح التقرير ان "حكومة بشار الأسد في دمشق لا تزال منبوذة من جانب كثيرين في المجتمع الدولي في ظل العقوبات من جانب الولايات المتحدة والدول الأوروبية، والتي تتجنب توجيه المساعدات بشكل مباشر من خلال الحكومة السورية. ونقل التقرير عن مسؤولين امريكيين واوروبيين ان الزلزال لن يغير هذا الوضع، فيما يقول عمال الاغاثة إن التأخير قد يتسبب في خسارة المزيد الارواح، في وقت تكافح فرق الانقاذ المحلية لانتشال العائلات والاطفال من تحت الانقاض والعثور على مأوى للناجين وسط الاحوال الجوية الشديدة البرد".
ونقل التقرير عن الباحث في معهد "مؤسسة القرن" الأمريكي آرون لوند قوله إن "مسألة اساسية تعرقل الوضع تتمثل في الحرب وكيفية التعامل مع المساعدات في ظل الانقسام القائم حول الموقف من مناطق المتمردين ومناطق الحكومة.
واوضح التقرير انه في حين ان "غالبية المناطق السورية هي تحت سيطرة الحكومة في دمشق، فان غالبية مناطق الشمال تسيطر عليها جماعات متمردة، واحيانا متصارعة. وفي مناطق الشمال الغربي تحديدا، هناك سيطرات اما لتركيا نفسها، لو لفصيل (هيئة تحرير الشام) المرتبطة بتنظيم القاعدة، بينما تقع مناطق شمال شرقي سوريا تحت سيطرة القوات الكوردية المدعومة من الأمريكيين".
وذكر التقرير أن "المساعدات الخارجية تصل منذ عدة سنوات الى محافظة ادلب، الخارجة عن سلطة الدولة السورية، عن طريق الاراضي التركية، الا ان مناطق الجنوب التركي هذه والتي تستخدم كمنطقة انطلاق للمساعدات، قد تضررت هي الاخرى بشدة من الزلزال".
ونقل التقرير عن متحدث باسم الامم المتحدة ان "إيصال المساعدات إلى شمال غرب سوريا (توقف مؤقتاً) يوم الثلاثاء وذلك في ظل الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية وصعوبة العبور من خلال الطرقات.
ونقل التقرير ايضا عن الباحثة في "معهد الشرق الاوسط" في واشنطن ايما بيلز قولها ان الاضرار التي اصابت مطار هاتاي التركي والطريق المؤدي الى معبر باب الهوى الحدودي الذي يستخدم لنقل المساعدات، تسبب في تأخير شحنات الاغاثة"، مبينة أن "هناك ايضاً واقع يتمثل بأن هناك حاجات هائلة في تركيا نفسها".
واوضحت بيلز ان "أحد أسباب التوقف بنقل المساعدات مرده أن تفويض الأمم المتحدة يتعلق بنقل المساعدات الى هذه الاراضي السورية فقط من خلال معبر باب الهوى".
واشار التقرير الى ان "فرق الاغاثة الدولية قد تتردد في العبور الى مناطق منكوبة بالزلزال وتخضع لسيطرة "هيئة تحرير الشام"، المصنفة بانها تنظيم ارهابي على اللوائح الأمريكية".
ونقل التقرير عن بيلز قولها ان "وجود هذا التنظيم "يقلص من أشكال المساعدات التي قد تكون جهات مانحة مستعدة لتقديمها في المنطقة".
وفي الوقت نفسه، تحدث التقرير عن ان الدول التي تعارض حكم الرئيس الاسد، تقول انها "لا تثق بأن السلطات السورية ستقوم بتوزيع المساعدات بشكل جيد الى مناطق تخضع لسيطرة المعارضة، وان هذه المساعدات سيتم تحويلها لصالح الناس والمؤسسات المرتبطة بالحكومة السورية".
من جهتها، قالت الباحثة في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في واشنطن ناتاشا هول إن "إرسال المساعدات عبر دمشق الى الشمال ليس قابلاً للتطبيق عملياً، خاصة في وقت الحاجة الملحة"، موضحة انه "من الصعب ادارياً ولوجستياً الحصول على الموافقات (من دمشق)"، مشيرة ايضا الى تنسيق المساعدات يتعرقل "لأن الحكومة السورية لا تعترف بالمنظمات غير الحكومية العاملة في شمال غرب سوريا".
وذكر التقرير بإعلان منظمة الهلال الأحمر السوري الثلاثاء بانها "على استعداد لتوصيل المساعدات الاغاثية الى جميع مناطق سوريا بما فيها المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة"، مطالبة الاتحاد الأوروبي بـ "رفع عقوباته عن سوريا في ظل الدمار الهائل الذي وقع نتيجة الزلزال".
وفي هذا الوقت، اشار التقرير الى ان "قوافل الاغاثة وعمال الانقاذ من عدة دول، من روسيا والامارات والعراق وإيران والجزائر، وصلت الى مطارات في سوريا التي تسيطر عليها الحكومة".
وبرغم ذلك، قال الهلال الاحمر السوري ان "العقوبات تتسبب في تفاقم الوضع الإنساني حيث لا يتوفر الوقود لإرسال قوافل المساعدات بسبب الحصار والعقوبات".
كما ان الولايات المتحدة والدول الحليفة لها، ما تزال تعارض محاولات الانفتاح السياسي عن طريق الاستجابة للكارثة.
وذكر التقرير بتصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس قوله الاثنين الماضي انه سيكون "من المفارقات، ان لم يكن حتى ما يتسبب بنتائج عكسية، ان نقوم بالتواصل مع حكومة قامت بمعاملة شعبها بوحشية على مدار أكثر من عشر سنوات حتى الان"، مشيرا الى ان واشنطن ستقوم بتقديم المساعدات من خلال "الشركاء الانسانيين الموجودين على الارض".
وبالاضافة الى ذلك، فان متحدثا باسم وزارة الخارجية البريطانية قال ان "نظام العقوبات تم وضعه كرد على انتهاكات حقوق الانسان وغيرها من الانتهاكات التي يرتكبها النظام واعوانه".
ونقل التقرير عن متحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية ان "المساعدات الانسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، تمر من خلال منظمات شريكة بدلا من الحكومة نفسها، "من دون سيطرة او توجيه من نظام الاسد"، في اشارة الى منظمة تطلق على نفسها اسم "القبعات البيضاء" الناشطة في مناطق تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام" الارهابية.
وبحسب التقرير، فان العقوبات من الناحية النظرية، يفترض الا تعرقل المساعدات في المناطق الحكومية، لان كل من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لديهما اعفاءات تتعلق بالمساعدات الانسانية، الا ان الواقع على الارض مسألة مختلفة.
وعلى سبيل المثال، فإن الباحث في معهد "مؤسسة القرن" الامريكي آرون لوند يشير الى ان "البنوك قد تمنع التحويلات لدفع رواتب الموردين او العمال المحليين لمنظمات الاغاثة خوفاً من تعارض هذا النشاط المالي مع العقوبات"، مضيفاً أن "العقوبات الامريكية والعقوبات الاوروبية بشكل ما، تسعى الى منع اعادة اعمار البنية التحتية والممتلكات المتضررة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في ظل عدم توفر حل سياسي، وهو ما من شأنه ان يعرقل عملية التعافي بعد الزلزال.
وبكل الاحوال، يقول عمال الاغاثة في مناطق الحكومة والمعارضة المسلحة على السواء، إن "المساعدات لا تصل إليهم الا بشكل محدود".
ترجمة : شفق نيوز