شفق نيوز/ التوترات الأمنية والسياسية التي عاشتها العاصمة العراقية بغداد مؤخراً، والتي كادت أن تشعل نزاعاً دموياً في البلاد، تردد صداها في المناطق ذات الأكثرية السنية مثيرة المخاوف من مستقبل مجهول قد ينقذه إقامة أقاليم.
فقد بدأت قيادات سنية عراقية مختلفة بإعادة طرح مشروع إقليم الانبار أو الاقليم السني كحل يهدف لتكرار تجربة إقليم كوردستان الناجحة التي أسهمت في تفوق محافظات الاقليم على باقي مناطق العراق أمنيا وسياسياً واقتصادياً.
وتعكس إعادة إحياء هذا الطرح مخاوف السنة من تزايد نفوذ فصائل في الحشد الشعبي وتمردها على قيادة القوات المسلحة في البلاد بل وتحديها في وضح النهار.
وتفجّر التوتر في بغداد عقب اعتقال قوات عراقية خاصة لقائد عمليات الحشد في الأنبار قاسم مصلح الأربعاء، وهو ما أثار غضب قادة فصائل وتطور الأمر إلى استعراض الفصائل لقوتها في المنطقة الخضراء ومحاصرة عدة مواقع بينها مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
واعتبر الكاظمي، وهو أيضاً القائد العام للقوات المسلحة، أن استعراض القوة انتهاك "خطير" للقوانين العراقية النافذة.
وعلق زعيم مؤتمر صحوة العراق أحمد ابو ريشة على تطورات بغداد بالقول، "لم أجد مايبرر القيام بتطويق مكتب القائد العام للقوات المسلحة من قبل عناصر تدعي أنها ترتبط بالقائد العام وتهين الدوله بسلاح وعجلات ورواتب الدولة".
وأضاف أبو ريشة في تغريدة على تويتر، "لقد أصبحت شراكة الحكم مستحيلة بوجود هذه الميليشيات المستمرة بالتجاوز على هيبة العراق".
وأردف بالقول، "شكراً لجنة كتابة الدستور التي وضعت فقرة الأقاليم لأنها هي الحل لاحترام مكونات البلد التي تحترم وطنها وسمعته"، معتبراً بأن "الأقاليم احترام للنفس والدم ومستقبل الأجيال".
ويجيز الدستور العراقي إقامة أقاليم في البلاد على غرار إقليم كوردستان مكون محافظة واحدة أو أكثر باعتبار أن النظام في البلد اتحادي فيدرالي.
وتنص المادة 119 من الدستور العراقي على أنه "يحق لكل محافظة أو اكثر تكوين اقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقيتين: أولاً. طلب من ثلث الاعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الاقليم . ثانياً.طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الاقليم".
وقال عضو اتحاد المعارضة العراقية مصطفى الدليمي، "نحن أول من أطلق موضوع الأقاليم، وإذا أردنا أن ننقذ محافظة الأنبار فمن المعيب أن ننصب عليها ذات الشخصيات المتهمة بقضايا إرهابية وارتباطات خارجية".
وأضاف، في حديثه لوكالة شفق نيوز، "بالنسبة لتحركاتنا حول تكوين إقليم الأنبار فهناك العديد من المراحل التي يجب أن تستكمل قبل التنفيذ وأولها بعث رسالة اطمئنان لكل دول الجوار بما فيها إيران".
وأردف الدليمي بالقول، "من الدول التي أبدت رد فعل بهذا الشأن السعودية والأردن وسوريا وحتى تركيا، ولكن بعد محاورتنا لهذه الجهات وأطلعناهم على مشروعنا تعاونت معنا إيجابياً وقطعنا شوطا كبيرا بهذا الأمر حتى أننا اجتمعنا مع شركات استثمارية في هذه الدول، وهناك تفاهمات كبيرة لهذا الملف، ولم يتبق سوى التنفيذ والذي سيحدث قريباً".
وأشار إلى أن "هناك العديد من المحاور التي ينبغي العمل عليها، ومنها يجب أن تكون هناك شخصيات داخل مجلس المحافظة تصوت لصالح الإقليم، بالإضافة إلى وجوب أن يكون هناك من يصوت لصالحه داخل قبة البرلمان، وللأسف هذا ما لم يتوفر لدينا لغاية الآن؛ فجميعهم تابعون لكتل سياسية وأحزاب لا تأبه لمصلحة المحافظة".
وبيّن الدليمي، "منذ حوالي 10 أيام ونحن نتواصل مع دول ومنظمات ذات تأثير قوي حتى يكونوا مشرفين على عملية تصويت الجمهور في حال إجرائه بما فيها الولايات المتحدة التي تعد حليفا رئيسا بهذا الشأن".
ويشكو السنة من التهميش منذ الإطاحة بالنظام العراقي السابق عام 2003 وتولي القوى الشيعية زمام الحكم في البلاد.
وأحكمت فصائل الحشد الشعبي، وهي شيعية في الغالب، قبضتها على المناطق ذات الغالبية السنية شمال وغرب العراق منذ انتهاء الحرب ضد داعش عام 2017، وخاصة المناطق الحدودية مع سوريا، وسط استياء الكثير من أبناء تلك المناطق.
ورأى الدليمي أن "الشخوص السياسية المتزعمة للمكون السني من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى أصغر شخصية سياسية، لا تستطيع مواجهة أي ميليشا متنفذة في الأنبار".
وينظر سياسيون سنة إلى إقامة أقاليم أو إقليم واحد بمثابة طوق نجاة قد تتيح لهم إدارة مناطقهم بعيداً عن فصائل الحشد الشعبي التي يرتبط غالبية قادتها مع إيران.
وقال عضو مؤتمر تأسيس إقليم صلاح الدين كتاب الميزان إن "الإقليم حق كفله الدستور، وهناك 6 مواد تكفل حق تشكيل الإقليم وكيفية تشكيله، وقد نظمنا مؤتمرات عدة وقدمنا استمارات حوله للمفوضية منذ عام 2011 بهدف تحويل المحافظة لإقليم".
وأضاف الميزان في حديثه لوكالة شفق نيوز، "نحن دعاة الأقاليم نؤمن بأن العراق فيدرالي اتحادي، أي أقاليم محافظات، ونرفض كل الدعوات بشأن تشكيل إقليم سني لكونه عنصري طائفي، بسبب التنوع الموجود داخل هذه المحافظات".
وتابع الميزان، "بدأت إجراءات تشكيل إقليم صلاح الدين عام 2011 ومجلس المحافظة صوت بحسب المادة 116 الفقرة الأولى والثانية وهي جمع الاستمارات لعشر ناخبي المحافظة، وقمنا بتقديمها للمفوضية. وأيضاً مجلس محافظة نينوى صوت عام 2012 وقدموا الاستمارات عام 2017 وكان هناك مؤتمر صحفي للجنة التحضير لتشكيله. وحتى محافظة ديالى صوتت منذ عام 2011 وتم تنظيم مؤتمرات قبل شهرين من الآن وهو المعهد العراقي لدعم الفيدرالية وتم تنظيمه من قبل المحافظة المطالبة بالإقليم بما فيها البصرة، والأنبار بدأت بطباعة نموذج للاستمارة التي سيجمعون من خلالها تواقيع وتقديمها للمفوضية".
واختتم الميزان "هذه المحافظات وصلت بأن لا حل إلا بالأقاليم لهذه المشاكل التي تعصف بالمحافظات كالميليشيات وبيروقراطية الوزارات، كما أن الإقليم لا يعني الانفصال عن الدولة بل ستبقى بغداد بمركزيتها وأهميتها لهذه المحافظات، لكن تشكيل الإقليم هو لغرض الحصول على صلاحيات أوسع لا أكثر".