شفق نيوز/ خلص معهد "مانوهار باريكار" للدراسات والتحليل الاستراتيجي في نيودلهي، إلى أن أداء رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي خلال شهوره الستة الاولى من ولايته، تميز بـ"البراغماتية الحذرة" في محاولاته معالجة التحديات الداخلية والخارجية العديدة التي تواجه العراق.
وفي دراسة اعدها الباحث "برابهات جاولا"، ترجمتها وكالة شفق نيوز، ذكر معهد الدراسات الذي يتعاون مع وزارة الدفاع الهندية، أن الكاظمي منذ أن تولى رئاسة الحكومة في ايار/مايو 2020، فقد واجه تحديات داخلة وخارجية كبيرة، ومزج بين البراغماتية والحذر لتحقيق المصالح الوطنية لبلاده.
وأشارت الدراسة إلى أن الكاظمي حاول تخفيف تأثير اللاعبين الخارجيين على الشؤون الداخلية للعراق، إلا أنه قام بتأمين محفزات اقتصادية من اللاعبين الاقليميين الرئيسيين بالإضافة الى الولايات المتحدة، للتعامل مع التحديات الاقتصادية لبلاده.
واستعرضت الدراسة بعض الازمات والتحديات التي واجهت العراق منذ تشرين اول/ اكتوبر العام 2019 على الاصعدة السياسية والاقتصادية والصحية والامنية بما في ذلك اغتيال قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، وهي حادثة فرضت تحديات هائلة في السياسة الخارجية العراقية، والتي انتخب بعدها الكاظمي لرئاسة الحكومة في خضم تحديات متعددة لامتناهية.
وبعدما تناولت الدراسة جانباً من السيرة الشخصية للكاظمي، أشارت إلى أن البعض ينظر اليه على أنه "موال للأميركيين، من جانب مجموعات مقربة من طهران، لكن هذا التصنيف قد يكون تبسيطياً بشكل كبير، مذكرة في الوقت نفسه بأن قوى شيعية من بينها تحالف الفتح، المقربة من ايران، عادت ووافقت على ترشيح الكاظمي لتولي الحكومة.
وبرغم التوتر بين الكاظمي وبعض القوى السياسية، فأن مقاربته تتمثل في محاولة تحقيق توازن بين ايران من جهة، وبين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة اخرى. كما تم وصف الكاظمي على انه "صديق" لولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.
وبالإجمال، تعتبر الدراسة أن التحديين الرئيسيين اللذين واجها الكاظمي داخلياً هما ارتفاع موجة الطائفية، وصعود نفوذ الحشد الشعبي.
واعتبرت أنه بعد الغزو الاميركي في العام 2003، اعتمد العراق نظام المحاصصة الذي ساهم في تغذية الطائفية، مضيفة أن ظهور داعش شكل عاملاً محفزاً في توسيع الفجوة الطائفية، وأن الكاظمي حظر التصنيف الطائفي للعراقيين وأعلن عن خطوات لإصلاح القانون والنظام للحد من الموجهة الطائفية في البلاد.
اما بالنسبة الى الحشد الشعبي، فقد حاول الكاظمي تقليص نفوذه في اطار السياسة العراقية، وهوما كان عندما عمل صحافياً في موقع "المونيتور" الاميركي، إذ سبق له أن ابدى اعتراضات على وجود الميليشيات المسلحة وعلاقتهم بالدولة العراقية، معتبراً أنه يجب نزع سمة التسييس عن الحشد الشعبي ووضعه تحت قيادة القوات المسلحة، خاصة أن ميزانية ورواتب الحشد الشعبي تأتي من ميزانية الدولة، حيث أن نفقات الحشد على سبيل المثال في العام 2019، بلغت 2.19 مليار دولار.
إلى جانب ذلك، فأن حكومة الكاظمي نفذت مداهمات لمكافحة الفساد ضد بعض الميليشيات بما فيها تلك المقربة من طهران، متهماً إياها بسوء استخدام مواردها وتعزيز الطائفية.
وبالإجمال، تعتبر الدراسة أن المحاولات التي بذلها الكاظمي للحد من نفوذ الحشد الشعبي، لم تثمر نتائج قوية، فأن حملاته هذه تظهر التزامه بتقليص النفوذ الخارجي (الذي يفهم منه انه النفوذ الايراني) ويظهر تحولاً في السياسة المتبعة مقارنة بأسلافه في الحكومة.
وتناولت الدراسة ايضاً كيف تحول العراق إلى "ساحة معركة" للخصومة بين الاميركيين والايرانيين بعدما سقط النظام البعثي، لتصل إلى التهديد الذي اطلقه وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بأغلاق السفارة الاميركية في بغداد ما لم تعمل حكومة الكاظمي على ردع الميليشيات الموالية لإيران من تنفيذ هجمات ضد المواقع والمصالح الاميركية في العراق، على الرغم من اعلان الرئيس دونالد ترامب وقائد القوات الاميركية المشتركة الجنرال فرانك ماكينزي البدء بتخفيض عديد الجنود الاميركيين العاملين في العراق.
لكن الدراسة رأت أنه في الوقت الذي نظرت طهران بشكل طيب إلى قرار الانسحاب الاميركي، فأن المسألة بالنسبة الى الكاظمي فرضت عليه تحديات استثنائية، إذ أن انسحاباً اميركياً يعني على سبيل المثال، أن النفوذ الايراني في العراق سيتضخم.
وفي ظل ميل الحكومات العراقية نحو ايران، تقول الدراسة، فأن بغداد واجهت "علاقات صعبة" مع جيرانها الاخرين، لكن منذ العام 2018، كان هناك تفاؤلاً في علاقاتها مع مجلس التعاون الخليجي، خاصة المملكة العربية السعودية.
وتابع أن الكاظمي من جهته، سعى من أجل تنويع العلاقات الخارجية للعراق لتحقيق فرص اقتصادية بدلاً من التركيز على المسائل الامنية وحدها.
وبعدما تناولت الدراسة الاختناق الاقتصادي الذي يعاني منه العراق في ميزانيته بسبب تراجع صادرات النفط وانخفاض اسعاره عالمياً وقيود اوبك وتأثيرات جائحة كورونا، أشارت الى ان الكاظمي، وفي ظل غياب المصادر المالية اللازمة، فقد اتجه نحو طهران والرياض وواشنطن من اجل المساعدة.
وأوضحت أن رئيس الحكومة ركز اهتمامه بشكل خاص على عنصرين في الاقتصاد، محاولة معالجة أزمة الكهرباء وتأمين الاستثمارات الاجنبية في البنى التحتية لقطاع النفط العراقي، من الايرانيين والسعوديين والاميركيين.
وخلصت دراسة المعهد الهندي بالقول أنه في حين ما يزال الحكم على نجاح هذه السياسات مبكراً، فأن تحركات الكاظمي تتميز بخليط من البراغماتية والحذر من أجل ان تضمن بشكل فعال أكثر، المصالح الوطنية للعراق.