شفق نيوز/ نشر موقع "ميدل ايست آي" البريطاني تقريرا للمرة الاولى حول رسالة سرية "حساسة بشكل استثنائي" تكشف عما دار في الاجتماع الشهير بين الرئيس الامريكي جورج بوش وبين رئيس الحكومة البريطاني الاسبق طوني بلير في مزرعة بوش في تكساس في ابريل/نيسان 2002، قبل اقل من عام على غزو العراق، وكيف خططا للحرب.
واطلع الموقع البريطاني على نسخة من المذكرة السرية المتعلقة بلقاء المزرعة في تكساس والتي ظلت محل تكهنات كثيرة، برغم ان الاجتماع كان لحظة رئيسية في تصعيد التحرك من اجل القيام بغزو العراق في اذار/مارس 2003. وكتب المذكرة السرية ديفيد مانينغ، وهو كان كبير مستشاري السياسة الخارجية لبلير، الذي رافقه الى مزرعة كروفور في تكساس.
ولفت الموقع البريطاني في تقريره الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، الى ان المذكرة ارسلت وقتها الى سيمون ماكدونالد، السكرتير الخاص الرئيسي لوزير الخارجية الاسبق جاك سترو، كما تمت مشاركتها مع خمسة مسؤولين بريطانيين كبار اخرين هم جوناثان باول، كبير موظفي بلير، ورئيس اركان الدفاع مايك بويس، وبيتر واتكينز، السكرتير الخاص لوزير الدفاع الاسبق جيف هون، والسفير البريطاني الاسبق لدى واشنطن كريستوفر ماير، بالاضافة الى السكرتير في وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث مايكل جاي.
وفي الاتي نص المذكرة كما نشرها الموقع البريطاني للمرة الاولى:
الموضوع: زيارة رئيس الوزراء (بلير) للولايات المتحدة في الفترة من 5 - 7 نيسان /ابريل 2002.
تاريخ الارسال: 8 ابريل/نيسان 2002
من: ديفيد مانينغ
الى: سايمون ماكدونالد
والى: جوناثان باول، السير مايك بويس، بيتر واتكينز، كريستوفر ماير، السير مايكل جاي
كان رئيس الوزراء والسيدة بلير ضيفي الرئيس والسيدة بوش في كروفورد، تكساس، في الفترة من 5 الى 7 ابريل/نيسان.
الكثير من مناقشات (بلير بوش) كانت شخصية بينهما. وبرغم ذلك، انضممت انا وجوناثان باول الى الرئيس ورئيس الوزراء في مزرعة كروفورد لاجراء محادثات غير رسمية صباح يوم السبت 6 ابريل/نيسان.
رافقت كوندي رايس (مستشارة بوش للامن القومي) واندي كارد رافقا بوش.
ومن بين القضايا التي نوقشت العراق ومواضيع اخرى بشكل منفصل.
هذه الرسالة حساسة بشكل استثنائي وقد امر رئيس الوزراء بضرورة الاحتفاظ بها باحكام دقيق، وانه يجب عرضها فقط على هؤلاء الذين لديهم ضرورة حقيقية للمعرفة ولا ينبغي عمل نسخ اخرى منها.
قال بوش انه ورئيس الوزراء ناقشا العراق بمفردهما على العشاء في الليلة السابقة.
في الوقت الراهن، لم يكن لدى القيادة المركزية الامريكية خطة حرب حول ذلك. التفكير في المستقبل كان حتى الان على مستوى واسع ومركزي، بالرغم من ان خلية القيادة المركزية الصغيرة قد تم تشكيلها مؤخرا في وضع من السرية الشديدة للنظر في تفاصيل التخطيط العسكري.
وقالت كوندي رايس ان 99 % من القيادة المركزية لم تكن على علم بذلك.
وعندما يتم انجاز المزيد من العمل، فان بوش سيكون مستعدا للموافقة على جلوس المخططين الامريكيين والبريطانيين سوية لدراسة الخيارات. اراد منا العمل من خلال المسائل معا. ومهما كانت الخطة التي ستتبلور، كان يتحتم علينا ان نضمن تحقيق الانتصار. لا يمكننا تحمل الفشل.
لكن سيكون ضروريا ضمان ان العمل ضد صدام يعزز الاستقرار الاقليمي بدلا من تقويضه. ولذلك فقد طمان الاتراك بان مسالة تفكك العراق وظهور دولة كوردية، ليست مطروحة.
ولكن برغم ذلك، كان هناك عدد من المسائل التي لا يمكن حلها. لم يكن يعرف من هو الذي سيحل مكان صدام اذا ومتى أطحنا به. لكنه لم يهتم كثيرا. كان يعمل على فرضية ان اي شخص، سيكون افضل. وبرغم ذلك، ايد بوش اننا بحاجة الى ادارة الجانب المتعلق بالعلاقات العامة في كل ذلك، بعناية كبيرة.
وهو موافق على اننا بحاجة الى وضع صدام فورا امام مفتشي الامم المتحدة، وعلينا القول له اننا نريد دليلا على زعمه بانه لم يكن يطور اسلحة دمار شامل. وهذا لا يمكن ان يتحقق، الا اذا تم السماح لمفتشي الامم المتحدة بالدخول على قاعدة انه بامكانهم الذهاب الى اي مكان داخل العراق في اي وقت.
واضاف بوش انه لا يمكن السماح لصدام ان يكون له راي في جنسية فريق التفتيش او تكوينه.
وقال ان التوقيت الزمني لاي عمل ضد صدام مهم للغاية. انه لا يريد اطلاق اي عملية قبل انتخابات الكونجرس الامريكي في الخريف. والا فسيتم اتهامه بالترويج للحرب من اجل مصلحته الانتخابية.
وفي الواقع، كان ذلك يعني ان هناك فرصة متاحة بين بداية نوفمبر/تشرين الثاني ونهاية فبراير/شباط.
على الرغم من اننا قد لا نقرر القيام بذلك هذا العام على الاطلاق.
وقال رئيس الوزراء انه ليس بامكان احد ان يشكك في ان العالم سيكون مكانا افضل، اذا حدث تغيير للنظام في العراق. لكن خلال متابعة خيار المفتشين، كان يتحتم علينا ان نفكر بشكل دقيق في كيفية تحديد الانذار النهائي لصدام للسماح لهم بالقيام بعملهم.
من المرجح جدا ان صدام سيحاول عرقلة عمل المفتشين واستغلال الوقت. هذا هو السبب في انه من المهم اننا شددنا على انه يجب السماح لهم بالدخول في اي وقت وان يكونوا احرارا في زيارة اي مكان او منشاة.
قال رئيس الوزراء اننا بحاجة الى استراتيجية علاقات عامة، تسلط الضوء على خطر برنامج صدام لاسلحة الدمار الشامل وسجله المريع في مجال حقوق الانسان. ووافق بوش بقوة.
وقال رئيس الوزراء ان هذه المقاربة ستكون مهمة في ادارة الراي العام الاوروبي وفي مساعدة الرئيس على بناء تحالف دولي. سيؤكد رئيس الوزراء للشركاء الاوروبيين ان صدام نال فرصة للتعاون.
واذا فشل صدام في القيام بذلك، مثلما توقع، فان الاوروبيين سيجدون صعوبة اكبر في معارضة المنطق القائل بضرورة اتخاذ اجراءات للتعامل مع نظام شرير يهددنا ببرنامج اسلحته للدمار الشامل.
سنظل في مواجهة السؤال المتعلق بلماذا قررنا العمل الان، وما الذي تغير؟
ويجب ان يكون الجواب هو اننا يجب ان نفكر في المستقبل، وان هذا هو احد الدروس المستفادة من احداث 11 سبتمبر/ايلول: الفشل في اتخاذ اجراء في الوقت الملائم، يعني ازدياد المخاطر فقط وهو ما سيجبرنا على اتخاذ اجراءات اكثر تكلفة لاحقا.
وافق الرئيس على هذا النمط الجدلي لبلير.
كما ان وجهة نظر بوش، بالرغم من انه لم يكن ليقول ذلك علنا، كانت انه اذا نجح نظام علماني معتدل في خلافة صدام في العراق، فسيكون لذلك تاثير ايجابي على المنطقة خاصة على المملكة العربية السعودية والعراق.
تعليق:
ادلى رئيس الوزراء لي لاحقا على انفراد بانه تحدث مرة اخرى مع بوش حول قضية مفتشي الامم المتحدة. وكان بوش قد اقر باحتمال ان يسمح لهم صدام بالدخول والقيام باعمالهم الخاصة. واذا حدث ذلك ، فسيتحتم علينا تعديل نهجنا بناء على ذلك.
وخلال ذلك، فان الامر كان يستحق ان يتم تصعيد الضغط على صدام وان يوضح له انه اذا لم يقبل بالمفتشين، فاننا نحتفظ بالحق في الدخول والتعامل معه.
اخبرني رئيس الوزراء ايضا ان بوش كان واضحا في رغبته في تشكيل تحالف واسع لسياسته حول العراق. وقد اقنعه هذا على ما يبدو بتجاهل هؤلاء الذين ينتمون الى "اليمين الامريكي" الذين كانوا يجادلون بانه ما من حاجة او جدوى من القلق ازاء موضوع مفتشي الامم المتحدة.
وربما كان جورج بوش الاب هو المؤثر حول هذه النقطة. اخبر بوش رئيس الوزراء بشكل منفصل انه يجب على الولايات المتحدة اقامة تحالف للتعامل مع العراق بغض النظر عما يقوله "المتطرفون اليمينيون".
توضح هذه النقاشات ان التخطيط العسكري لم يتقدم كثيرا حتى الان. وسيكون بوش، بعدما يتم احراز المزيد من التقدم، مستعدا للسماح لمخططينا بمناقشة الخيارات مع القيادة المركزية. ويبدو من الواضح ان بوش لم يقرر حتى الان، بشكل نهائي ان العمل عسكريا سيكون ممكنا في نهاية هذا العام، حتى لو كان قد حدد مؤقتا فترة ما بين نوفمبر/تشرين الثاني – فبراير/شباط، موعدا لحملة محتملة.