شفق نيوز/ قدم موقع "المونيتور" الأمريكي قراءة في البرنامج الوزاري لحكومة محمد شياع السوداني، والذي لم يدخل تعديلات كبيرة عن خطط سلفه مصطفى الكاظمي، معتبرا ان نهج المحاصصة سيحول دون إدخال تغييرات كبيرة، وان خطط مكافحة الفساد قد تضعه في مواجهة مع حلفائها من الإطار التنسيقي، بينما يمثل التحدي الأكبر في تعديل قانون الانتخابات.
وبداية ذكر الموقع الأمريكي في تقرير له نشره باللغة الإنجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، إن البرلمان منح برنامج السوداني المؤلف من 29 صفحة، تأييدا بـ250 صوتا من اصل 329 نائبا، مشيرا إلى أنه لم يدخل تغييرات كبيرة على السياسات العامة التي رسمها البرنامج الوزاري لسلفه مصطفى الكاظمي، وذلك برغم ان السوداني شن خلال الشهرين الماضيين انتقادات حادة بحق الكاظمي وفريقه السياسي فيما يتعلق بسياسات الخارجية والتعاون الإقليمي والدولي وغيرها من القضايا.
الا ان التقرير لفت إلى أن السوداني لديه ورقة قوية تتمثل في الغطاء البرلماني الواسع الذي تحظى به حكومته باعتبار أن حكومته هي نتاج "تحالف ادارة الدولة" الذي يضم الإطار التنسيقي من قوى سياسية وشيعية وفصائل عسكرية موالية لإيران.
وحذر التقرير من أن حكومة السوداني تبنت نهج المحاصصة بين القوى المشاركة، وهو ما قد يؤدي في نهاية الأمر الى عرقلة أي مبادرات رئيسية.
وبحسب "المونيتور"، فان النقطة الأكثر أهمية في البرنامج الوزاري للسوداني تتعلق بتنظيم انتخابات مبكرة في غضون عام، بالإضافة إلى تعديل قانون الانتخابات خلال ثلاثة أشهر، وهو إذ يوجه رسالة ايجابية لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المنسحب من العملية السياسية، الا انه يعني ايضا ان حكومة السوداني يمكن أن تكون قصيرة العمر كالحكومة السابقة التي كان تشكلت من أجل غرض واحد يتمثل بإنجاز أهداف محددة اهمها اجراء انتخابات مبكرة.
ونقل التقرير عن زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم توضيحه بأن القبول بطلب الصدر إجراء انتخابات مبكرة يستهدف طمأنته بعدم وجود نية لاستبعاده، بالاضافة الى انه يستهدف إعادة إنتاج "التوازن السياسي المفقود".
ونوه التقرير الامريكي الى ان التحدي الاكبر امام حكومة السوداني يكمن في كيفية تعديل قانون الانتخابات، وخاصة آليات التفاهم على توزيع الدوائر واحتساب الأصوات بالاضافة الى مفوضية الانتخابات نفسها التي كانت محل نزاع في الانتخابات السابقة، حيث كان الإطار التنسيقي اتهم الحكومة السابقة بادارة الانتخابات بالكيفية التي تصب في مصلحة الصدر.
اما بالنسبة الى قضية الفساد، فقد اشار التقرير الى ان خطة السوداني تتمثل في "بناء أدوات فعالة لمحاربة الفساد خلال فترة أقصاها 90 يوما من تاريخ تشكيل الحكومة"، مضيفا ان ذلك يمثل سلاحا ذا حدين، موضحا أن مكافحة الفساد تشكل مطلبا لكل الأطراف في داخل العراق وخارجه، إلا أنه يجبر السوداني على خوض مواجهات قاسية بعضها قد يكون ضد مؤيديه، وهو ما يطرح التساؤل عما إذا كان رئيس الحكومة الجديد مستعدا لخوض مواجهات كهذه في وقت يتحتم عليه أن يكون يكون حذرا ازاء الصدر وتياره.
وفي هذا السياق، ذكر التقرير بأن حكومة الكاظمي سبق لها انها صبت تركيزها ايضا على محاربة الفساد عندما شكلت لجنة خاصة تمكنت من تحقيق بعض النجاحات، لكنها تعرضت لضغوطات كبيرة تسببت لاحقا بحلها من جانب القضاء.
أما حول اقتراحات السوداني المتعلقة بخلق فرص عمل للشباب، فقد اعتبر التقرير أنها قد تتعارض مع الوقائع المعقدة للاقتصاد وضرورات ادخال اصلاحات جذرية في العراق، مشيرا الى ان اقتصاد البلد يعتمد بشكل أساسي على الدولة نفسها وإيراداتها المالية في ظل المساهمة الصغيرة للقطاع الخاص في الدورة الاقتصادية.
وبعدما ذكر التقرير بأن حكومة الكاظمي كانت قد طبقت برنامجا للإصلاح الاقتصادي ضمن خطة "الورقة البيضاء" معتمدة على الخصخصة والاستثمارات الأجنبية وتعزيز إيرادات الدولة عبر الضرائب و الاصلاحات الادارية، الا انه اشار الى ان الخطة واجهت معارضة واسعة من جانب الفريق السياسي الموالي حاليا للسوداني.
ولهذا، رأى التقرير أنه في حال ان السوداني اختار حلولا جذرية مشابهة لمقترحات "الكتاب الأبيض" أو "الورقة البيضاء"، فإنه قد يخسر دعم فريقه السياسي داخل البرلمان، أما في حال توجه نحو اعتماد حلول مؤقتة مشابهة لحلول الحكومات التي سبقت الكاظمي، والتي في مقدمتها التعيينات الوظيفية، فإنه يعزز من تعقيدات المشكلات الاقتصادية التي يواجهها العراق وقد يخسر أيضا دعم المنظمات المالية الدولية مثل البنك الدولي.
أما فيما يتعلق بالخدمات، فقد لفت التقرير إلى ان التحدي الاكبر امام السوداني هو تأمين الكمية الكافية من الكهرباء لموسم صيف 2023، مذكرا بان انتاج الكهرباء ما زال يعتمد بدرجة كبيرة على استيراد الغاز الإيراني، في حين ان الخطط والمشاريع التي اطلقتها الحكومة السابقة، بما في ذلك اقامة شبكات الكهرباء مع المملكة السعودية والخليج والأردن ومصر، ومشاريع الطاقة الشمسية واستخراج الغاز، فإنها واجهت معارضة قوية من الفريق السياسي المؤيد للسوداني والذي اعتبر أن مثل هذا التعاون يعكس نفوذ دول غربية وعربية لا يتلاءم مع المحور الموالي لإيران في المنطقة.
وختم التقرير الأمريكي بالاشارة الى العلاقات الخارجية للعراق، قائلا انه يرجح ان تكون علاقة السوداني اقل توترا مع إيران. إلا أنه تابع ان السؤال المطروح هو ما إذا كان بمقدوره التوسع في ما أنجزه الكاظمي في تعزيز العلاقات مع مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي.