شفق نيوز / تناولت مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية، تصاعد المنافسة بين تركيا وإيران على الساحة العراقية، وفي إقليم كوردستان، لكنها خلصت إلى أن المحصلة "صفر" لنتائج الاشتباك بين نفوذيهما.
البداية، وفقاً لتقرير المجلة الأمريكية، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، من عملية "قفل المخلب" التي أطلقتها تركيا ضد حزب العمال الكوردستاني في 17 نيسان/أبريل الماضي، بالتزامن مع محاولة عراقية لفرض السيطرة على سنجار، وبالتزامن أيضاً مع تجدد الجهود من جانب تركيا والحزب الديمقراطي الكوردستاني، لإقامة خط أنابيب غاز يربط بين الإقليم وتركيا.
مصالح متشابكة
وذكر التقرير الأمريكي، أن "هذه الأحداث الثلاثة تؤثر على مصالح إيران، وهو وضع ليست طهران و وكلاؤها العراقيين، بغفلة عنه"، لافتاً إلى أن "تركيا أقامت أكثر من 40 نقطة عسكرية داخل اقليم كوردستان خلال السنوات الماضية، فيما ليس بإمكان الجيش العراقي دخول المنطقة بسبب الصيغة الاتحادية للعراق".
وبالرغم من الإدانة العراقية، للعملية العسكرية التركية، فثمة جهود عراقية تبذل من أجل الحد من نفوذ "وحدات مقاومة في سنجار" الإيزيدية (يو.بي.اس) التابعة لحزب العمال الكوردستاني، بحسب التقرير الأمريكي.
أمن سنجار
وأضاف أن "مع بدء تركيا عمليتها العسكرية، قام الجيش العراقي بإرسال تعزيزات إلى سنجار، وشن عملية تستهدف تفكيك نقاط تفتيش وحدات (يو.بي.اس) في سنجار، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين المسلحين والجيش".
وأوضح التقرير، أن "العراق يسعى، تحت ضغط من تركيا، الى السيطرة على المنطقة منذ أواخر العام 2020، وان وحدات (يو.بي.اس) انضمت الى الحشد الشعبي في العام 2019، لكنها ظلت تحت تأثير نفوذ حزب العمال الكوردستاني، وكلما كانت تركيا تشن غارات تستهدف هذه الوحدات خلال السنوات الماضية، كانت الفصائل الموالية لإيران تهدد بالانتقام، كميليشيات حزب الله وعصائب اهل الحق، حيث يرجح أن هذه الميليشيات ضالعة في 12 هجوما صاروخيا استهدف قاعدة بعشيقة التركية في نينوى خلال العام الماضي".
وكردٍ على "عملية قفل المخلب"، فإن "كتائب حزب الله وعصائب اهل الحق، والسياسيين المؤيدين لإيران، صعدوا من خطاباتهم المعادية لتركيا، وارفقت هذه الخطابات بعمليات إطلاق صواريخ على قاعدة بعشيقة في 24 أبريل /نيسان الماضي"، وفقاً لتقرير المجلة الأمريكية.
وتابع أن "بعد هذا الهجوم، تحدثت تقارير عن أن طائرات تركية مسيرة، ربما تكون قد استهدفت قاعدة للحشد الشعبي، بالقرب من الموصل في 26 نيسان الماضي".
ونوه التقرير إلى أن "الهدف من العملية العسكرية التركية، لا تستهدف فقط تحقيق أمن حدودي، وإنما أيضا تمهيد الطريق من أجل تعاون في مجال الطاقة بين تركيا وبين الحزب الديمقراطي الكوردستاني، حيث أنه في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا، أصبحت بدائل الغاز الروسي أكثر أهمية بشكل متزايد بالنسبة إلى أمن الطاقة العالمي".
مخطط تركي - كوردي
وفي هذا الإطار، جرى إحياء خطة بين تركيا والحزب الديمقراطي الكوردستاني لتصدير الغاز الطبيعي من كوردستان الى تركيا و اوروبا، حيث ان "شركة كار" الكوردية وقعت في كانون الاول/ديسمبر 2021، اتفاقية لتوسيع خط انابيب الغاز الطبيعي الى دهوك على بعد 35 كم من الحدود التركية في إطار الإنتاج المحلي، ثم أعلنت السلطات الكوردية والتركية في فبراير/شباط الماضي، نيتها مد خط الانابيب هذا الى تركيا، في وقت قال رئيس الحكومة في الاقليم مسرور بارزاني ان الغاز الكوردي سيتم تصديره الى أوروبا في نهاية المطاف.
ولهذا، اعتبر التقرير الأمريكي أن "التخلص من حزب العمال الكوردستاني من كوردستان، أصبح أكثر أهمية، فيما من المرجح أن يستهدف حزب العمال الكوردستاني خط الأنابيب، تماما كما يهاجم الحزب خط نفط كركوك-جيهان الذي يصدر النفط العراقي إلى تركيا".
وفي الوقت نفسه، لفت التقرير الى ان "خط انابيب الغاز هذا، سيشكل تهديدا لمصالح إيران في مجال الطاقة".
واوضح ان تركيا تعتبر مشتريا رئيسيا للغاز الايراني، وهذا يشكل مصدرا مهما للدخل بالنسبة الى الاقتصاد الايراني الواقع تحت عقوبات دولية، اذ سيؤدي تنويع واردات الغاز التركي الى تخفيض اعتماد تركيا على الغاز الايراني. وتابع ان "تنويع الطاقة التركية قد يقوض قدرة إيران على استخدام صادرات الغاز، من أجل ممارسة نفوذها على تركيا".
قلق إيراني
وتابع أن "إيران تشعر بالقلق من قوة الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاستقرار العام لإقليم كوردستان العراق، حيث صار الحزب شريكا في تحالف ثلاثي مع الصدريين والسنة، وهو تحالف يستهدف استبعاد الفصائل المدعومة من إيران من المفاوضات الحكومية".
وبالنظر إلى التهديد الذي تتعرض له المصالح الايرانية، فإن "رد إيران لم يكن مفاجئا، حيث شن الحرس الثوري الإيراني هجوماً صاروخياً، قال انه "استهدف مقرا للموساد في أربيل في 16 مارس/آذار الماضي، إلا أن "الصواريخ أصابت فيلا يملكها الرئيس التنفيذي لـ"مجموعة كار".
ورجح التقرير الأمريكي، أن "الميليشيات الموالية لإيران هي التي تقف خلف الهجمات الصاروخية التي استهدفت البنية التحتية للطاقة في أربيل في 6 ابريل/نيسان و2 مايو/أيار"، وفي الخلاصة، اعتبر التقرير أن "تركيا وإيران تتجهان نحو لعبة محصلتها صفر في العراق".
وأشار إلى أنه "بإمكان إيران ووكلائها التخلي عن تحالفهم مع وحدات (يو بي اس) في سنجار، في حال كان ذلك يعني أن مواقعهم ومصالحهم في المنطقة لا تتأثر بالعمليات العسكرية العراقية".
وفيما يتعلق بمشروع خط أنابيب الغاز، أوضح التقرير، أن "إيران حددت خطها الأحمر مبكراً"، موضحاً أن "إيران ستسعى الى اخراج المشروع عن مساره بالقوة وعن طريق إثارة اضطرابات سياسية".
وختم التقرير بالقول، إن "العمليات العسكرية التركية من المحتمل أن تؤدي إلى عدم الاستقرار في إيران، في ظل فرار مسلحي حزب العمال الكوردستاني إلى داخل الاراضي الإيرانية".
وخلص تقرير المجلة الأمريكية، إلى أن "التخلص التام من حزب العمال الكوردستاني في اقليم كوردستان، سيساعد في تقوية الحزب الديمقراطي الكوردستاني وتركيا وتحرير الموارد السياسية والاقتصادية والعسكرية لتعزيز مصالحهما في العراق"، لكن إيران التي تمتعت بنفوذ لا مثيل له في العراق عقب سقوط صدام حسين، لن تتنازل عن هذا من دون قتال".