شفق نيوز/ حذر "معهد كوينزي" الأمريكي، من أضرار قد تلحق بالولايات المتحدة أكبر من الأضرار التي لحقت بإسرائيل ومما لحق بها بسبب حرب العراق، بسبب رفضها استخدام نفوذها من اجل وقف ما وصفه بانها "مذبحة" بحق المدنيين في قطاع غزة الفلسطيني.
وبعدما ذكر التقرير الأمريكي بالتحذيرات المتزايدة داخل ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن من ان الحكومة الاسرائيلية تسعى الى استفزاز حزب الله اللبناني للبدء بحرب اقليمية اوسع تطال لبنان والدول المجاورة الاخرى، وكذلك الولايات المتحدة، حذر التقرير، الذي نشر بالانجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، من أن ذلك يمثل تحذيرا قويا بان سياسة ادارة بايدن الحالية المتمثلة في الدعم غير المشروط لحرب الحكومة الاسرائيلية على غزة، لا تحمل اي ايجابيات وإنما سلبيات فقط، فيما يتعلق بمصالح الولايات المتحدة.
وبحسب التقرير، فإن اولوية ادارة بايدن تتمثل في محاولة تجنب حرب أخرى في الشرق الأوسط اولوية، اذ ان حملته الرئاسية كانت ركزت على فكرة على إنهاء "الحروب الابدية"، والقلق إزاء قدرة الولايات المتحدة على مواجهة عسكرية مع الصين مستقبلا.
وذكر التقرير انه رغم وعود وجود حرب شاملة حتى الان، الا ان دعم واشنطن لحرب اسرائيل، يتسبب بالفعل بوقوع خسائر في صفوف الأمريكيين، مشيرا الى ان القوات الامريكية وقوات التحالف تعرضت حتى يوم الاثنين الماضي الى لا يقل عن 52 هجوما منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مما ادى الى اصابة 56 جنديا في العراق وسوريا، بينما شنت غارات جوية امريكية على منشآت مرتبطة بإيران الأحد الماضي ردا على هجمات الميليشيات نفسها انتقاما من الدعم الامريكي لاسرائيل.
واعتبر التقرير الأمريكي، إن من المصالح الكبرى للأمة الأمريكية تتمثل في ضمان سلامة وأمن مواطنيها، مضيفا انه من المؤكد أن ادارة بايدن تؤمن بذلك خصوصا انها استشهدت مرارا بالمواطنين الأمريكيين الذين احتجزتهم حماس كرهائن مؤكدة على الأهمية التي توليها لعودتهم آمنين.
ورغم ذلك، قال التقرير ان مواطنين امريكيين لا زالوا محاصرين في غزة، وحياتهم مهددة ليس فقط بسبب الغارات الاسرائيلية المتواصلة، بل ايضا بسبب الحصار الذي خلق ازمة انسانية مدمرة في القطاع، مضيفا أنه كلما طال امد الحرب، كلما تزايد الخطر على حياة هؤلاء الأميركيين.
وبالإضافة إلى ذلك، لفت التقرير إلى أن مسؤولي ادارة بايدن يحذرون من ان الحرب ستؤدي الى تأجيج الإرهاب، وهو الخطر نفسه الذي أمضت الولايات المتحدة، العقدين الماضيين، وازهق الاف الارواح، وبدد تريليونات الدولارات، في محاولة لمكافحته.
ولفت التقرير إلى تحذيرات صدرت عن وزارة الخارجية الأمريكية ووردت في نشرة استخباراتية مسربة ومن جانب وزارة الأمن الداخلي، حول تزايد مخاطر الإرهاب ضد الأمريكيين بأن الولايات المتحدة أصبحت "في بيئة تهديد متزايدة" نتيجة للحرب.
كما ذكر التقرير بأن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي اي) الأمريكي كريس راي قال للكونجرس ان "العديد من التنظيمات الارهابية الاجنبية دعت الى شن هجمات ضد الأميركيين والغرب، وأن الحرب المتواصلة في الشرق الأوسط قد رفعت التهديد بشن هجوم ضد الأمريكيين في الولايات المتحدة بشكل عام، الى مستوى اخر".
إلا أن التقرير ركز على فكرة أن الحرب تلحق ضررا عميقا بسمعة الولايات المتحدة، وهو ما يشير إليه مسؤولون من المنطقة وداخل الإدارة الأمريكية نفسها.
وذكر التقرير ببرقية دبلوماسي نشرتها شبكة "سي ان ان" الامريكية تفيد بان الدبلوماسيين الأمريكيين في الدول العربية حذروا مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، ووكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي اي)، من أن الدعم الذي يقدمه بايدن للحرب يتسبب "بخسارتنا للشعوب العربية لجيل كامل".
كما أن مذكرة معارضة أعدها موظفو وزارة الخارجية حذروا فيها من أن فشل واشنطن في انتقاد الانتهاكات الإسرائيلية علنا "يساهم في التصورات العامة الإقليمية بأن الولايات المتحدة جهة متحيزة ولا تتمتع بالنزاهة، وهو بأحسن الأحوال لا يساهم في تعزيز المصالح الامريكية في كافة أنحاء العالم، أو تلحق الضرر بها في أسوأ الاحوال".
وبحسب ما أشارت إليه صحيفة "واشنطن بوست" نقلا عن المحللين والمسؤولين العرب، فإن الدعم الأمريكي لأفعال إسرائيل "يثير مخاطرة بالحاق ضرر دائم بمكانة واشنطن في المنطقة وخارجها" وهو يشكل "مصدرا دائما للاحتكاك" وذلك فيما كان وزير الخارجية انطوني بلينكن يقوم بجولة في الشرق الأوسط حيث انتقد الزعماء العرب الولايات المتحدة علنا.
ونقل التقرير عن نائبة الرئيس التنفيذي ل"معهد كوينزي" تريتا بارسي قولها ان "المسؤولين العرب والجنوب العالمي يشعرون بالحيرة بسبب لامبالاة بايدن حول الكيفية التي يؤدي بها عرقلة وقف إطلاق النار الى تدهور مكانة أمريكا على المستوى العالمي"، مضيفة ان "المسؤولين العرب قالوا لي ان بايدن تسبب بضرر بمكانة اميركا في المنطقة أكبر مما ألحقه جورج بوش بغزوه غير القانوني للعراق".
كما نقل التقرير عن دبلوماسي بارز في مجموعة السبع قوله في بداية الحرب في غزة، قوله "لقد ضاع كل العمل الذي قمنا به مع الجنوب العالمي (فيما يتعلق بأوكرانيا)، والان انسوا القواعد، انسَوا النظام العالمي. لن يستمعوا إلينا مجددا".
وختم التقرير بالقول إنه جرى تبرير الدعم الأمريكي الراسخ لاسرائيل عادة وفق أساس مفاده أنه برغم كل الانتقادات الموجهة إلى الولايات المتحدة بسبب الحرب، فإن هذا الموقف الأمريكي له فوائده أكثر من عيوبه فيما يتعلق بمصالح الولايات المتحدة.
إلا أن التقرير اعتبر أنه من المستحيل طرح هذه الحجة فيما يتعلق بدعم ادارة بايدن للحرب الحالية التي تخوضها اسرائيل، والتي "تلحق ضررا عميقا بسمعة الولايات المتحدة وتجازف بمقتل عدد لا حصر له من الاميركيين".