شفق نيوز/ نشر موقع "دوتشيه فيله" الألماني تقريراً ثقافياً حول ثلاثة تجارب لكتاب وأدباء، بينهم عراقي، لمناسبة يوم الكتاب العالمي الذي يصادف اليوم السبت، من اجل تسليط الضوء على تأثيرات العنف والقمع على الكتاب جسدياً وعقلياً، وفي الوقت نفسه على الألهام الذي يمنحه لهم بتحويل الصدمة الى كلمات ما يساعدهم على تحقيق الخلاص لأرواحهم والهروب الى الحرية.

ويتناول التقرير الالماني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، تجربة الشاعر العراقي عمر عبدالناصر الذي كان اختبأ من تنظيم داعش لمدة عامين الى ان تمكن من الفرار، وهو يقيم حاليا في المانيا، ومندرج ضمن برنامج "القلم" الالماني الذي يدعم الكتاب والادباء.

ويقتبس التقرير الالماني من قصيدته باللغة العربية "طائر وشجرة"، لعبد الناصر حيث يكتب عن تجربة اللاجئ قائلا "نصف طائر، أنا ، نصف شجرة.. نصف يريد أن يغرس جذوره ، والآخر يريد الطيران".

ولفت التقرير الى ان ذكريات عبدالناصر حول موطنه العراق وما سبق هروبه من احداث، ما زالت حية فيه وهو يستذكر المرحلة قائلا انه "هيمن عليه الشعور بالرعب فأنت خائف دائما. لكن عليك الاستمرار. هذا هو الوضع الذي اذكره منذ طفولتي"، موضحا ان هذا "الشعور كان مستمرا منذ عهد صدام حسين..لا تتكلم .. لا تتحدث".

واشار الى انه كطفل ربما لن يدفع الثمن، لكن كان من الممكن ان يعتقل صدام حسين والده، مضيفا انه بعد تلك المرحلة "بدأنا نرى مشاهد مروعة في الشارع والمتمثلة بقتل الناس".

ونقل التقرير عن عبدالناصر قوله ان "هذا كان قبل داعش"، وذلك في اشارة الى صعود المسلحين بعد الغزو الامريكي للعراق في العام 2003. ثم جاء "داعش كذروة لكل شيء، وعشنا داخل الموت، ففي كل لحظة كنا نتوقع الموت".

واشار التقرير الى ان عبدالناصر خلال وجوده في العراق، التجأ الى عالم الفكر حيث الملاذ الامن في الادب وكتابة الشعر ليتمكن من المصالحة مع ما كان يجري حوله، ثم فر بعد ذلك الى بولندا، ثم الى المانيا.

ونقل التقرير عن عبدالناصر قوله "أحب الشعب العراقي. وأحب وطني، ولكن في الوقت نفسه بامكاني ان ارى المشاكل بشكل اكثر وضوحا من الخارج".

ويقتبس التقرير عن قصيدة نثرية لعبد الناصر تحت عنوان "ان تكون لاجئا"، يقول فيها " تصور انك مكاني، وولدت بلون بشرتي، وبمثل عمري الان، وبنفس العنوان. وتخيل أنك مولود في بلد لم تختره، وترعرعت وسط حروب لم تكن مسؤولا عنها. وفي غالب الامر، فان جواز سفرك يفتح لك ابواب السجن اكثر مما يتيح لك الوصول الى دول اخرى. أسير الازمنة انت، تذهب من حرب لم تخترها الى اخرى لم تخترها ايضا، وتشق دربك بتردد ولا تعلم كيف بدأ كل ذلك، وكيف من المفترض ان تفلت منه".

ويختم التقرير عن عبدالناصر بقوله ان الكتابة بالنسبة اليه مع احتدام الحرب في وطنه، هي بمثابة خلاص للروح ووسيلة للهروب الى الحرية.

وفي التجربة الثانية، يتناول التقرير جانبا من قصة الكاتب الاوكراني يوري اندروخوفيتش الذي غالبا ما يسافر من كمحارب اسطوري قديم، من اجل الكتابة والتأليف، لكنه دائم التوق الى وطنه، فيعود اليه. وهو حاليا في مدينة ايفانو فرانكيفسك، في غرب اوكرانيا، حيث انه لم يغادر هذه المرة منذ بدء الحرب في 24 فبراير/شباط الماضي لأنه يشعر أنه "ليس لديه خيار اخر".

ولفت التقرير الالماني الى روايات اندروخوفيتش، مثل "ريكرييشان"، "بيرفيرزيون" و"الموسكوفياد"، ترجمت على عدة لغات ونالت جوائز مرموقة. وينقل عنه قوله ان اوكرانيا مؤيدة لاوروبا، وهو ناشد الاتحاد الاوروبي مرات عديدة دعم بلاده. ويتطلع اندروخوفيتش الى القيام بجولة تتعلق بكتبه في المانيا للترويج للترجمة الالمانية لاحدث رواياته "راديو الليل".

اما التجربة الثالثة فتتعلق بالكاتبة فولها هابييفا التي لا يمكنها العودة حاليا موطنها، بيلاروسيا. وهي مقيمة في المانيا منذ العام 2019. وكان الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو اعلن في أغسطس / اب العام 2020 عن فوزه في انتخابات رئاسية اثيرت حولها الشكوك، مما حرك احتجاجات معارضة، في حين تعامل النظام معها باعتقالات وتعذيب وترهيب.

ولهذا، لفت التقرير الى ان هابييفا قررت ان تبقى في المانيا، حيث تعمل ضمن برنامج "القلم" الالماني الذي يتعلق بـ"كتاب في المنفى". وتستعيد هابييفا من تجربتها في العاصمة مينسك مشيرة الى انها كان تجلس على درج القصر الجمهوري، وهي تقرأ كتابا حيث اقترب منها شرطي ليمنعها من الجلوس هناك.

ونقل التقرير عن هابييفا قولها ان "هذه الامور الصغيرة هي ما يظهر لك ان المدينة لم تعد ملكا للمواطنين العاديين، وانما هي ملك للحكومة". ولفت التقرير الى ان هابييفا، كلما فكرت اكثر في طبيعة الوطن، ازداد ادراكها لمعنى الوطن كفكرة عالمية.

وقالت انها تذهب في احيان كثيرة الى الجبال او الغابات ، حيث لا يتحتم عليها ان تشرح من هي وجواز سفرها او لماذا لا تملك تأشيرة. وتقول هابييفا ان "كلمات مثل المنفى واللاجئ والمهاجر هي فقط مرتبطة بالمجتمعات والبلدان والدول، ولهذا فان الوطن الذي تنشده هو خارج حدود هذه الاوطان.

واشار التقرير الى ان بعض اعمال هابييفا الادبية نشرت باللغة الانجليزية في العام 2021. وحصلت هابييفا على رسائل خاصة الهمت البعض من اعمالها الشعرية مثل قصيدة "شجرة التفاح الاسود" التي تقول فيها: "انا في زنزانة السجن واكتب رسالة، وها انا في خندق واحاول قراءة خط اليد.. أرسلي لي جوارب دافئة ولعبة الشطرنج. التوقيع: إبنك – العام 2017".