شفق
نيوز/ حدد موقع "بريكينغ ديفينس" الأمريكي المتخصص بالشؤون العسكرية،
النقاط الساخنة الأساسية التي يمكن أن تؤثر على توازن القوى في المنطقة لسنوات مقبلة،
من بينها وضع العراق والنفوذ الإيراني فيه، ومصير القواعد العسكرية الروسية، وخط
الإمداد الرئيسي للأسلحة الإيرانية إلى حزب الله في لبنان.
ونقل
التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، عن الباحث في أكاديمية "ربدان"
للأمن والدفاع كريستيان ألكسندر، والذي يتخذ من الإمارات مقراً له، قوله إن إيران
بعدما فقدت حليفها في سوريا، فإنها قد تركز المزيد من اهتمامها على العراق.
وبحسب
ألكسندر فأنه "مع سقوط دمشق، فمن المرجح أن تعزز إيران موقعها في العراق،
وتحتفظ بقاعدة عمليات وتمارس نفوذاً غير مباشر على سوريا من خلال الحدود المشتركة
والميليشيات العابرة للحدود"، مشيراً إلى أنه يرجح أن تكثف هذه الجماعات أنشطتها
على طول الحدود العراقية السورية من أجل ضمان استمرارية خطوط الإمداد والحفاظ على
الاتصال ببقايا الفصائل الموالية لإيران في سوريا.
إلا
أن الباحث في معهد "المجلس الأطلسي" الأمريكي علي باكير، وهو أيضاً أستاذ
في جامعة قطر، يعتبر أن سقوط سوريا يمكن، على العكس من ذلك، أن يدفع الميليشيات
العراقية إلى التقارب مع الحكومة العراقية.
ونقل
التقرير عن باكير قوله إن انهيار الأسد سيحول الأنظار إلى الميليشيات العراقية حيث
"سيتعرضون بشكل متزايد لضغوط داخلية وإقليمية ودولية للانضمام إلى المؤسسات
والهيئات الرسمية العراقية بدلاً من خدمة الأجندة الإيرانية في العراق وسوريا
المجاورة".
واعتبر
التقرير أن هناك عدداً لا يحصى من الأسئلة التي يتحتم الإجابة عليها، من بينها الأسئلة
الأكثر إلحاحاً التي تشغل بال المسؤولين الأمريكيين والشرق أوسطيين وهي ما إذا كان
التطرف سوف يترسخ في ظل فراغ السلطة الناشئ.
وبحسب
باكير فإن "سقوط نظام الأسد سيكون له تداعيات وخيمة على النفوذ الإقليمي"
لكل من روسيا وإيران، مضيفاً أن "السؤال الملح بالنسبة للمواطنين العاديين في
طهران وموسكو هو: ما الذي كسبناه من دعم هذا النظام منذ ما يقرب من 14 عاماً؟ فكيف
يمكن لقيادتنا أن تفسر الاستثمار السياسي والمالي والعسكري الضخم في هذا
النظام؟".
وذكرّ
التقرير بأنه قبل انتصار المعارضة السورية، كانت موسكو قد بسطت قوتها جزئياً في
سوريا وخارجها من خلال قاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية وقاعدة طرطوس
البحرية على البحر الأبيض المتوسط، لكن الآن مع فرار الأسد، فإن مصير القاعدتين
يبدو مجهولاً.
ولفت
إلى تصريح للمتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا مؤخراً قالت فيه إن
"أولويتنا الكبرى هي سلامة جميع المواطنين الروس داخل الأراضي السورية وحماية
المنشآت والبعثات الروسية، بما في ذلك المنشآت الدبلوماسية والعسكرية، وتلك
المرتبطة بالشركات والمنظمات الروسية".
وبعدما
أشار التقرير إلى وجود صور استطلاع استخباراتية تظهر أن السفن العسكرية الروسية
غادرت قاعدة طرطوس، ورصد عدد قليل فقط من الطائرات في قاعدة حميميم الجوية، ذكرّ
التقرير بتصريح للمتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ، قالت فيه "يبقى أن نرى
ما هو الطريق إلى الأمام في سوريا، وهذا أمر متروك للشعب السوري أن يقرره".
ونقل
التقرير عن باكير قوله إنه من المنطقي أن تقوم روسيا بسحب سفنها حيث قد يكون هناك
"تهديد وشيك لقواتها أو أصولها العسكرية"، إلا أن السؤال المفتوح يتعلق
بما إذا كانت السفن الروسية ستعود.
وبحسب
باكير فإن "القواعد العسكرية المعنية هي ملك للسوريين، لكن مسألة ما إذا كانت
موسكو ستستخدمها في المستقبل، هو يعتمد على الوضع الداخلي في سوريا وعلى اتفاقات
مع السلطة أو الحالية أو المستقبلية"، إلا أنه رجح أيضاً ألا تسمح السلطة
المسيطرة في سوريا الآن لروسيا بتمركز قواتها أو أصولها العسكرية داخل البلد،
والمسألة تتعلق على المدى المتوسط والبعيد بالمتغيرات التي لا يمكن تحديدها بشكل
كامل الآن.
أما
بحسب كريستيان ألكسندر، فباعتقاده أن هناك ثلاثة خيارات أساسية فيما يتعلق بالوجود
الروسي، أولاً أن تتفاوض روسيا مع الحكومة السورية الجديدة لمواصلة استخدام
القواعد، وثانياً أن يرفض المسلحون الوجود الروسي بشكل كامل بسبب دعمهم السابق للأسد،
وثالثاً أن موسكو ستعتبر أن الوضع "متقلب" بدرجة كبيرة بحيث لا يمكن
المخاطرة بالحفاظ على وجود عسكري على أي حال، ولا تحاول العودة.
ونقل
التقرير عن ألكسندر قوله إن روسيا يمكنها أن تتخلى عن هذه القواعد تماماً، وهو ما
من شأنه أن "يمثل تحولاً جيوسياسياً كبيراً، وربما تنازلاً عن نفوذها لصالح
القوى الغربية أو الإقليمية مثل تركيا".
إلى
ذلك، ذكر التقرير أن سقوط الأسد قد يكون مقلقاً بالنسبة لحليفته الوثيقة إيران
لعدد من الأسباب، من بينها أن سوريا، إلى جانب العراق، كانت بمثابة طريق بري يمكن
لطهران من خلاله إمداد وتسليح حزب الله اللبناني، إلا أنه نقل عن الجنرال اللبناني
المتقاعد وهبة قطيشة قوله إنه مع سقوط الأسد وسيطرة المسلحين على جزء كبير من هذا
الطريق، بما في ذلك البوكمال، فقد جرى بذلك "قطع خطوط الإمداد من إيران إلى
حزب الله في لبنان".
ونقل
التقرير عن باكير قوله إنها "مسألة وقت فقط قبل أن يتضاءل نفوذ حزب الله، حتى
داخلياً في لبنان"، مضيفاً أن طهران قد تصبح مجبرة على التكيف مع الواقع
الجديد وتصبح أكثر واقعية، أو أنها قد تسعى إلى محاولة التخريب إذا استطاعت، أو قد
تختار شراء الوقت، وإعادة بناء موقعها الإقليمي، والمناورة حتى انتهاء ولاية
ترامب، وعندها يمكن أن يعودوا بإستراتيجية إقليمية جديدة.
وختم
التقرير بالقول إن الإجابة على هذه الأسئلة ستظل قيد الانتظار وقد لا تعرف قبل أسابيع
أو أشهر، إلا أن المسألة الوحيدة المؤكدة هي أن ديناميكية القوة في الشرق الأوسط
قد تبدلت بالفعل لسنوات أو عقود مقبلة.
ترجمة
وكالة شفق نيوز