شفق نيوز/ دعا موقع "اينك ستيك" الأمريكي المتخصص بالقضايا السياسية والدبلوماسية، الولايات المتحدة الى الاقرار بأن النصر قد تحقق على تنظيم داعش، وعليها بالتالي سحب قواتها من العراق وسوريا، لأن البقاء هناك يثير مخاطر باشتعال مواجهة مع القوات الروسية والايرانية المتمركزة بالقرب منها وفقا للموقع.
وبعدما لفت تقرير "اينك ستيك" الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ الى الغارة الاميركية الاخيرة التي قتلت قياديا في داعش في سوريا، اشارت الى انها ليست المرة الاولى ولا الثانية التي يخسر فيها التنظيم قائدا له، ولهذا اعتبرت ان هناك حاجة لتبديد الجمود البيروقراطي الأمريكي والتناقض المنطقي القائم، فإما أن داعش لا تزال تشكل تهديدا، أو أنها لم تعد كذلك.
وأوضح التقرير الامريكي انه اذا كان داعش لا يزال يمثل تهديدا، فهذا يعني أن السنوات الثماني الماضية من الضربات العسكرية، قد فشلت كاستراتيجية وان استمرارها لم يعد لها معنى.
واضاف قائلا اما "اذا لم يكن داعش يشكل تهديدا، فهذا يعني أن استمرار المهمة (العزم الصلب) لم يعد ضروريا".
وبالتالي، اوضح التقرير انه اذا كان النصر قد تحقق على داعش، فإن على الولايات المتحدة أن تنسحب من العراق وسوريا.
وفي حين لفت إلى أنه تم القضاء على داعش والحاق خسائر كبيرة بصفوفه وبموارده، حذر التقرير من أن واشنطن تقوم بـ"تضخيم الشبح"، حيث أن هناك تحيز مؤسساتي في واشنطن يقود صناع السياسة فيها إلى القيام بتقييم خاطئ بأن قوة الولايات المتحدة بإمكانها أن تحل قضية الارهاب، وان القوة الامريكية لا يمكن استبدالها.
الشيء الذكي عراقيا وسوريا
واعتبر التقرير أنه "من دون وجود عدو تقليدي لمحاربته، فإنه من غير المنطقي المنطقي ابقاء الجنود الأمريكيين على الارض في العراق او سوريا".
وذكر بان الرئيس جو بايدن اضفى الطابع الرسمي على انتقال الولايات المتحدة إلى دور المشورة والدعم في العام الماضي، وهو ما يعني ان العراقيين أصبحوا يقودون مهمات تنفيذ الضربات الجوية والدوريات وتطهير المواقع وجمع المعلومات الاستخبارية، في حين تلعب الولايات المتحدة دورا لوجستيا أكثر.
وبينما ذكّر التقرير؛ بأن واشنطن تدعم ميليشيات محلية في كل من العراق وسوريا لتحقيق الأهداف الامريكية، اعتبر ان مثل هذا الدعم "يعكس نفس الأخطاء التي ارتكبت في أفغانستان"، حيث كان لتقرير صادر عن المفتش العام الخاص لإعادة الإعمار في أفغانستان خلص الى ان واشنطن ساعدت في تمكين فئة من الرجال الأقوياء على المستويين المحلي والوطني الذي كانت ولاءاتهم متنازعة ما بين شبكات قوتهم وبين الدولة الأفغانية".
كما اعتبر ان الابقاء على الجنود الأمريكيين على الأرض، يعكس قبولا بالمخاطر المخاطر تفوق الفوائد، مشيرا إلى أن هذا الوضع لا يتلاءم مع الهدف طويل المدى المتمثل في منع الإرهاب.
واضاف ايضا ان القوة الجوية ليس بإمكانها الحلول مكان بناء الدولة والشرعية، والتي هي مشكلة لا يستطيع حلها سوى العراقيين أنفسهم، ما يعني أن الوقت يعني قد حان لتسليم المهمة الى العراقيين، وان تسحب الولايات المتحدة كافة جنودها من العراق وتوقف دعمها للميليشيات المحلية التي تتسبب في تقويض سيطرة الحكومة العراقية.
وحذر التقرير من ان الوجود الامريكي في العراق وسوريا خطير لانه يجازف باثارة صراع مع روسيا وإيران، موضحا ان استعداء هاتين الدولتين ليس مجرد استعراض للقوة، وإنما مجازفة بحياة الجنود الامريكيين في ظل فائدة محدودة للولايات المتحدة.
وتابع التقرير محذرا من أن روسيا لا تزال تتمتع بحضور قوي في سوريا وسبق لها أن خاضت مواجهات مع الولايات المتحدة بسبب وجودها هناك، مضيفا أنه في ظل الدعم الأمريكي لأوكرانيا، فإن نشر بضع وحدات معزولة من القوات الأمريكية مباشرة في مرمى القاذفات الروسية، يخلق وضعا خطيرا.
وإلى جانب ذلك، فإن لإيران حضور قوي في كل من سوريا والعراق، ولهذا اوضح التقرير ان الوجود الامريكي لم يعزز الردع ضد ايران، وانما قوض هذا الردع لانه منح الوكلاء العراقيين لإيران التفويض الشعبي من أجل السعي لإجبار الولايات المتحدة على الانسحاب بالقوة.
وفي هذا السياق، لفت التقرير الامريكي الى انه بامكان الولايات المتحدة الانسحاب من العراق من دون أن تجازف بأمنها.
وتابع أنه في مقابل ذلك، فان ايران ليس بإمكانها الانسحاب من "منطقتها"، مضيفا أن "تصميمها على تأمين مصالحها في العراق اقوى من تصميم واشنطن، وهو السبب لإظهارها الاستعداد للمخاطرة بشكل أكبر، وانها ليست مستعدة للتراجع، لكن بإمكان واشنطن التعامل مع هذا الواقع اما بتقبل الكارثة أو بتجنب التصادم.
واضاف انه هناك تناقض في شعور الولايات المتحدة بالتهديد من وجود ايران اقليميا، بينما تقامر واشنطن في الوقت نفسه بالتفوق العسكري الامريكي من اجل ردع إيران.
ولفت إلى أن "التهديد المضخم" ورد الفعل المبالغ فيه، من شأنه ان يجعل الصراع مع إيران مرجحا أكثر.
وأكد التقرير مجددا أن ما تقوم به واشنطن من خلال وجودها، لا يعزز الردع ضد روسيا او ايران، لكنه يعزز من احتمالية المواجهة التي تعرض القوات الامريكية للخطر.
أساس منطقي للمشكلة
وختم التقرير بالاشارة الى ان الاساس المنطقي السائد حول نشر القوات الأمريكية هو أن تنظيم داعش سيشكل تهديدا متكررا ولهذا فإن هناك حاجة للجنود الأمريكيين بشكل متكرر من أجل "جز العشب"، مشيرا إلى أن مثل هذه الأفكار متبناة من جانب كبار المسؤولين في وزارة الدفاع والأمم المتحدة.
إلا أن التقرير اعتبر في المقابل أنه "لا حاجة الى جز العشب في الصحراء السورية، وأن التخوف من انهيار عراقي مشابه لانهيار كابول لا يتوافق مع الواقع".
فبينما كانت حكومة أفغانستان بمثابة منزل مشيد على الرمال وكان قائما بتأثير الدولار الأمريكي الذي يشتري التبعية للجنود الأفغان، وليس التزامهم، فان العراقيين، وخصوصا القوات المسلحة ذات الاغلبية الشيعية، ليسوا على استعداد للقبول بعودة جماعة الموت المتطرفة لمجرد أن واشنطن انسحبت.
وختم التقرير بالتأكيد على أن "التهديد الحقيقي ليس بعودة داعش، وإنما الاصطدام بصراع مع روسيا او ايران"، مشيرا الى ان هذا الاحتمال بالإمكان منع حدوثه. وتابع قائلا إن الولايات المتحدة لن تخسر شيئا بانسحابها من العراق وسوريا سواء عسكريا او سياسيا.
وخلص الى القول ان مناورة "الخروج من موقف محفوف بالمخاطر ليست انهزامية، وانما ذكاء".