شفق نيوز/ استعرض معهد "واشنطن" الامريكي محطات من المواجهة بين ايران وتنظيم داعش، وصولا الى هجوم مدينة شيراز الاخير، مذكرا بعمليات التنظيم ومخططاته التي كانت تستهدف ايران وجرى تنفيذها او احباطها.
ويؤكد التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، هذه الهجمات تعكس ايديولوجية داعش بتكفير الشيعة، في حين ان الخيارات قليلة امام الولايات المتحدة في التعامل مع هذا الصراع بين الايرانيين والتنظيم الارهابي.
ويلفت التقرير الامريكي الى ان هجوم شيراز وتبني تنظيم داعش المسؤولية عنه، يقوض النظريات القائلة بأن الهجوم كان عملية تمويه من تنفيذ النظام الإيراني نفسه، كما ان العديد من الهجمات والمخططات ضد ايران، كانت مرتبطة بشكل او بآخر، بالعراق وسوريا حيث كان تنظيم داعش قد اقام "دولته" ثم سقطت، وان هناك خطراً متصاعداً نحو ايران، من طرف فرع داعش الافغاني.
هجوم شيراز
وبداية، اشار التقرير الى ان هجوم 26 تشرين الاول/ اكتوبر في مدينة شيراز، هو الاول من نوعه ضد ايران منذ ايلول/ سبتمبر 2018، وادى الى مقتل 15 شخصا واصابة ما لا يقل عن 40 بجروح، فيما قال داعش في بيان له لاحقا ان الهدف كان "لإعلام الروافض ان لصحابة النبي محمد نسلا يتوارث الانتقام جيلا بعد جيل".
كما ان الرسالة نفسها اعيد التأكيد عليها في اليوم التالي عبر نشرة "نبأ" الاسبوعية الناطقة باسم التنظيم وتضمنت تهديدات بشن مزيد من الهجمات داخل ايران.
ليست عملية تمويه
وذكر التقرير انه بعد أيام قليلة على عملية اطلاق النار في شيراز، نشر داعش صورة وشريط فيديو للمهاجم، أبو عائشة العمري، تمّ تصويره قبل الحادثة، حيث تُظهر الصورة وجهه في حين يبيّن شريط الفيديو بيعته لزعيم التنظيم، مما يقوض النظريات القائلة بأن الهجوم كان عملية تمويه نفذها النظام الإيراني، مضيفا ان السلطات الايرانية اعتقلت في 31 تشرين الاول/ اكتوبر شخصا ساعد المنفذ ويعتقد انه كان يخطط لشن هجوم آخر في المستقبل.
وتابع التقرير ان إطلاق النار جاء بعد عدة أشهر من التهديدات المنسقة التي صدرت ضد إيران أطلقتها "ولاية خراسان"، فرع تنظيم داعش ومقره بشكل رئيسي في أفغانستان.
واضاف انه برغم ان داعش قد هاجم بنجاح ايران ثلاث مرات فقط في السنوات الست الماضية، من بينها إطلاق النار الأخير في شيراز، الا أن ذلك لم يكن بسبب عدم المحاولة، اذ انه منذ العام 2016، اعلن النظام الإيراني احباط 11 مؤامرة لتنظيم داعش.
داعش واحتجاجات ايران
وبحسب التقرير فإن توقيت هجوم شيراز يشير وفقاً لبيانات داعش إلى أنه لا علاقة له بحركة الاحتجاجات الشعبية في إيران، على الرغم من تزامنه مع ذكرى الأربعين للحداد على الشابة المقتولة مهسا أميني، موضحا انه من الصعب أن يميل التنظيم إلى دعم حركة احتجاج وُلدت من الرفض الشديد للقواعد المتعلقة بالزي الديني للمرأة.
وبين ان داعش ركز تبريراته المعلنة لهجوم شيراز على الكراهية الطائفية البحتة ضد الشيعة، حيث يعتبر أنهم ليسوا مسلمين حقيقيين، مضيفا انه لا يمكن استبعاد احتمال أن يكون لتوقيت الهجوم غرض تكتيكي، أي استغلال عدم الاستقرار المحتمل لنظام رجال الدين الشيعي الحاكم وسط الانتفاضة الجماهيرية.
الهجمات السابقة
ولفت التقرير الى ان الهجوم الاول لداعش في ايران وقع في 7 حزيران/ يونيو العام 2017، عندما نفذت خليتان ضربات متزامنة في طهران، وشملت إحدى الخليتين انتحاريين فجروا أنفسهم بالقرب من ضريح مؤسس النظام روح الله الخميني، ووصف داعش الهدف بأنه "ضريح وثني"، ووفقا لوزارة الاستخبارات الايرانية، فإن منفذي الهجوم سبق لهم ان حاربوا في صفوف داعش في العراق وسوريا.
أما الخلية الثانية فانها ضمت مسلحين فتحوا النار داخل مبنى البرلمان في طهران. وبالاجمال، اسفر الهجوم المزدوج عن مقتل 12 شخصا واصابة 46 آخرين.
اما الهجوم الوحيد الاخر في ايران، فقد وقع في الأهواز في 22 أيلول/ سبتمبر العام 2018، عندما أطلق مسلحون النار على عرض عسكري أُقيم لتكريم الجيش، وميليشيا الباسيج، والحرس الثوري الايراني، حيث قتل في الهجوم 25 شخصاً وجرح 70 آخرون.
محاربة داعش في ايران
ومفي المقابل، ذكر التقرير الامريكي ان ايران لعبت دورا بارزا في مساعدة الميليشيات الشيعية ونظام الرئيس السوري بشار الأسد على محاربة عناصر داعش في العراق وسوريا، وذلك بموازاة مساعي التحالف الأوسع نطاقاً بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم منذ العام 2014.
وتابع التقرير انه من غير المعروف تماما جهود طهران المختلفة لإحباط أنشطة التنظيم على الأراضي الإيرانية، لكنه عدّد هذه المخططات المحبطة.
حزيران 2016
في حزيران/ يونيو 2016 اعتقلت السلطات 10 أفراد من داعش بتهمة التخطيط لتنفيذ هجمات في طهران ومدن أخرى، وصادرت ما يقرب من 100 كيلوغرام من المتفجرات المعدّة للاستخدام في تفجيرات السيارات والتفجيرات الانتحارية، وقبل ذلك بشهرين، أشار وزير المخابرات الإيراني محمود علوي إلى أن أعضاء التنظيم المتمركزين في "عاصمة" تنظيم داعش، الرقة في سوريا، كانوا يخططون لشن هجمات داخل ايران.
آب 2016
وفي آب/ أغسطس 2016 قتلت قوات الأمن الإيرانية 3 أفراد من خلية تابعة لتنظيم داعش في كرمانشاه، ويعتقد أن أحد هؤلاء العملاء، وهو أبو عائشة الكوردي، كان يتولى منصب "أمير" التنظيم في إيران، كما صادرت السلطات مخبأً للأسلحة وأحزمة ناسفة.
شباط 2017
وفي شباط/ فبراير 2017 تمّ اعتقال ثمانية أفراد من خلية تابعة لداعش في طهران بتهمة التخطيط لتخريب مسيرات احتفالاً بذكرى الثورة الإسلامية، وتم الاستيلاء على بنادق كلاشينكوف ومعدات أخرى.
حزيران 2017
وفي حزيران/ يونيو 2017 تم اعتقال 41 شخصاً في محافظات مختلفة عقب الهجمات المذكورة أعلاه على ضريح الخميني وعلى البرلمان في طهران، ووفقاً لبعض التقارير صادرت السلطات "الكثير من الوثائق والأسلحة".
وفي الشهر نفسه أيضا تمّ اعتقال ما لا يقل عن 50 شخصاً في محافظة كرمانشاه لتخطيطهم المزعوم لهجمات ضد مراكز دينية شيعية، ووفقاً للمدعي العام في المحافظة، ضبطت الأجهزة الأمنية أحزمة ناسفة، وأجهزة تفجير إلكترونية، وأسلحة أخرى من المعتقلين.
آب 2017
وفي آب/ أغسطس 2017 اعتقلت وزارة الاستخبارات 27 شخصاً مرتبطين بداعش مدعيةً أنهم يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية في مدن دينية مختلفة.
ايلول 2017
وفي أيلول/ سبتمبر 2017 اعتقلت قوات الحرس الثوري أحد أفراد التنظيم في أنديشة كان قد خطط لتنفيذ هجوم انتحاري خلال عطلة عاشوراء، ووفقاً لقائد في الحرس الثوري، فان المشتبه به سبق له ان قاتل لصالح داعش في سوريا.
كانون الاول 2018
وفي كانون الثاني/ يناير 2018 قال الحرس الثوري أنه اعتقل 16 مشتبهاً بهم من داعش في شمال غرب إيران بعد اشتباكات مع مسلحين عبروا الحدود من العراق، ووفقاً لبعض التقارير قُتل ثلاثة من أعضاء داعش في الاشتباك، بينما فر اثنان آخران من المنطقة.
تموز 2018
وفي تموز/ يوليو 2018 أعلن الوزير علوي أن قوات الأمن في جنوب غرب إيران اعتقلت أربعة أفراد مشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش كانوا يخططون لتنفيذ هجمات. وأشار أيضاً إلى أن رأس الخلية له شقيق قتل أثناء قتاله في صفوف داعش في سوريا.
تشرين الاول 2018
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2018 اعتقلت السلطات أحد أفراد الجيش الإيراني بعد هجوم العرض العسكري المذكور أعلاه في الأهواز.
شباط 2019
وفي شباط/ فبراير 2019 أعلنت وزارة الاستخبارات أنها ضبطت خليتين لتنظيم داعش مكونتان من ثلاثة عشر فرداً بتهمة التآمر لمهاجمة رجال دين سنة في محافظة كردستان الإيرانية.
تهديدات الفرع الأفغاني
وقال التقرير الامريكي ان داعش منذ قيامه، كان معادياً بشدة للشيعة ولإيران، مضيفا على سبيل المثال، ان أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى انفصاله عن تنظيم القاعدة في العام 2013 كان تحفُظ الأخير على مهاجمة إيران (لأن بعض قادة القاعدة كانوا متمركزين هناك، وفقاً لبعض التقارير).
واضاف التقرير ان "ولاية خراسان"، وهي أحد فروع تنظيم داعش، حافظت على هذا التقليد داخل أفغانستان منذ تأسيسها في العام 2015، حيث استهدفت مجتمع الهزارة الشيعي في البلاد بشكل متكرر حيث يميل التنظيم إلى اعتبار الهزارة امتداداً لإيران، لأن العديد من أفراد هذا المجتمع هم لاجئين تنحدر أصولهم من أفغانستان والذين جندتهم طهران للانضمام إلى "لواء فاطميون"، وهو لواء شيعي مدعوم من ايران كان قد حارب ضد داعش في سوريا.
ولفت التقرير الى ان الفرع الأفغاني لداعش كان أكثر نشاطاً في تهديد إيران وغيرها من دول المنطقة خلال الشهور القليلة الماضية منذ تأسيس وسيلته الإعلامية الخاصة "العزايم"، مضيفا ان التنظيم حذر في حزيران/ يونيو من خلال مجلة "صوت خراسان" أنه "قريباً ستتمّ إراقة دماء المجوس (مصطلح مهين للزرادشتيين) الإيرانيين في شوارعهم".
كما ان العدد الصادر من المجلة في 17 تشرين الأول/ أكتوبر لفت الى مدى انتشار خطط إيران الرامية إلى دعم مختلف اللاعبين الفاعلين في المنطقة، اي البعثيون في سوريا، وحركة حماس في فلسطين، وطالبان في أفغانستان، ما وصفه بأنه من "مظاهر الكفر السافر".
وتابع التقرير ان وسائل الإعلام المركزية لتنظيم داعش تعمل بشكل متزايد على ترجمة المحتوى العربي الى الفارسية وفتح حسابات فارسية إضافية عبر الإنترنت لنشر أيديولوجية التنظيم وآرائه حول الأحداث الجارية، وقد ازدادت هذه الحسابات بشكل كبير منذ هجوم شيراز في 26 تشرين الأول/ أكتوبر.
خيارات سياسية محدودة
وفي الختام اعتبر التقرير انه نظرا الى ان إيران هي أحد أكبر خصوم أمريكا، فانه امام واشنطن خيارات قليلة لمعالجة الأمور المذكورة أعلاه بخلاف الاستمرار في إدانة هجمات تنظيم داعش بغض النظر عن مكان حدوثها.
وفي الوقت نفسه، رأى التقرير انه على المسؤولين الأمريكيين تحذير طهران من استخدام هجوم شيراز كذريعة لمواصلة تشويه أو قمع الحركة الاحتجاجية الشرعية التي تشهدها البلاد، والتي لا علاقة لها بأنشطة داعش أو أيديولوجيته.
واستبعد التقرير أن تستمع طهران إلى أي شيء تقوله واشنطن حول الاضطرابات الداخلية في الجمهورية الإسلامية، مضيفا ان تنظيم داعش، بكل الاحوال، ينظر الى المتظاهرين والنظام الايراني على أنهم "مرتدون".