شفق نيوز/ سلطت شبكة "سي إن إن" الأمريكية الضوء على المعاني والتأثيرات التي يحملها تنظيم العراق لبطولة "خليجي-25"، وهي البطولة الدولية الاولى لكرة القدم التي ينظمها العراق منذ اربعة عقود، وهو الذي خرج للتو من اسوأ واطول مأزق سياسي منذ سنوات.
ونقل تقرير الشبكة الأمريكية على محللين اشارتهم الى ان البطولة المقامة في مدينة البصرة، تمثل "بارقة أمل" بالنسبة الى الشعب الذي يعاني، كما أنها بمثابة رسالة سياسية يشير العراق من خلالها الى جيرانه والى العالم، بأنه على استعداد لتخطي عقود من الاضطرابات.
ولفت التقرير الأمريكي، الذي نشر باللغة الإنجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن التشجيع الذي يشعر به العديد من العراقيين لتنظيم بطولة كأس الخليج بعد أكثر من 30 عاما من العزلة العالمية بسبب الحروب والعقوبات.
ونقل التقرير عن مساعد المدير في شركة "كونترول ريسكس" للاستشارات في دبي بارتيك أوسجود قوله، إن "العراق بلد مهووس بكرة القدم وهو يضغط منذ سنوات من اجل الحصول على حق استضافة مباريات دولية تنافسية".
وفي هذا السياق، أشار التقرير الى انها المرة الاولى التي يستضيف فيها العراق كأس الخليج منذ العام 1979 عندما أقيمت في العاصمة بغداد، مضيفا أن استضافته البطولة في المرة الاخيرة، واجه العراق حربين مدمرتين وتغييرا للنظام واحتلالا وتمردا للمتطرفين، وهو ما اثر على البصرة التي كانت تعيش ازدهارا في الماضي، مثلما تاثرت بقية انحاء البلد.
ونقل التقرير عن أوسجود قوله انه "من المرجح ان يكون التأثير العملي في مدينة بحاجة ماسة الى الاستثمار محدودا، غير ان العراقيين يستحقون امورا لطيفة، وان يتشاركوا مع الاخرين، وان يظهروا كرم ضيافتهم".
ورصدت الشبكة في تقريرها مظاهر الحماسة في البصرة ازاء استضافة البطولة حيث تزينت الجدران بالرسومات الجدارية، بينما اصطف المشجعون في طوابير طويلة من اجل الحصول على التذاكر، ورفرفت أعلام الدول المشاركة في شوارع المدينة ولافتات ترحيبية كتب عليها "البصرة ترحب بكم" و"البصرة منزلك".
ونقل التقرير عن سائق سيارة أجرة محمد علي (29 عاما) "اننا بانتظار هذه اللحظة منذ 40 عاما"، مشيرا الى ان البصرة أن تشعر بالأمان وسكانها يغمرهم الفرح. واضاف "واجهنا مشاكل، الا اننا دائما نقول ان الرياضة توحد الناس، ونحن نرى الكثير من الناس من الخليج ويمكن ان نقول انهم ايضا اشتاقوا للبصرة".
ولفت التقرير الى محدودية سفر مواطني الخليج الى العراق بغرض السياحة وانه من بين كافة دول الخليج ، فان مطارات السفر في الدوحة ودبي فقط هي التي لديها رحلات مباشرة الى العراق، وهي تخدم بشكل أساسي الركاب المتوجهين للزيارة الدينية.
وبرغم أن التقرير لفت الى تحسن علاقات دول الخليج مع الحكومة العراقية خلال السنوات الماضية، الا انه اشار الى ان التحسن لم يكن بالمستوى العام، موضحا كمثال ان السعودي الراغب بزيارة العراق يتحتم عليه الحصول على اذن مسبق من الحكومة وهو اذن يمنح فقط لمن هم فوق الـ40 سنة.
ونقل عن رئيس العلاقات العامة في وزارة الداخلية العراقية اللواء سعد معن اشارته الى انه تم اتخاذ كافة الإجراءات الامنية من اجل ضمان سلامة المواطنين والمشجعين الوافدين إلى البصرة والمقدرة أعدادهم بعشرات الآلاف.
كما نقل التقرير عن أستاذ السياسة في جامعة بغداد احسان الشمري قوله إن العراق من خلال تنظيمه البطولة "يقول إن هناك استقرارا سياسيا كبيرا، ويتوجه الى الوضع الامني ، خصوصا في حال اكتملت البطولة بنجاح دون أي حوادث أمنية".
وبالاضافة الى ذلك، اعتبر الشمري ان العراق يأمل أيضا في تعزيز صورته امام المستثمرين والشركاء السياسيين ، الى جانب تقريبه من جيرانه الخليجيين الذين جمعته بهم علاقات فاترة منذ غزو صدام حسين للكويت في العام 1990.
وتابع التقرير ان العراق انزلق نحو الفوضى بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة العام 2003، وفي أواخر العام 2021 سقط في اطول ازمة سياسية بعدما فشلت القوى السياسية في تشكيل حكومة وتم اختراق الجمود في تشرين الاول/اكتوبر الماضي بعد انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة، لكن لكن الخبراء ما زالوا يشككون فيما اذا كان الحكومة ستتمكن من منع المزيد من الاضطرابات وتطبيق إصلاحات جدية، بينما ما يزال اقتصاد العراق في ازمة وبناه التحتية في حالة خراب، في حين أن علاقاته مع الدولة المجاورة متوترة.
وبعدما لفت التقرير الى ان البصرة وبرغم أنها ليست مركزا لمعظم أعمال العنف، لديها مشاكلها الخاصة، نقل عن أوسجود قوله إن المدينة تعاني من مشاكل امنية وان الحكومة عززت اجراءاتها الامنية للحد من التهديدات.
واستبعد الخبير الاستشاري ان تقع اضطرابات أمنية كبيرة خلال البطولة، مضيفا ان "هناك قضايا اجتماعية واقتصادية مهمة في البصرة تؤدي إلى الاضطرابات، إلا ان النوايا الحسنة إزاء البطولة، كبيرة، وما من أحد يريد تخريبها".
وتناول التقرير التفاؤل الموجود في البصرة من جانب أهلها، ونقل عن علي سلمان (46 عاما) قوله ان "البصرة كلها فرحة وهي تفتح أبوابها للخليج والمحافظات (العراقية) الأخرى"، مضيفا انه يريد ان يقول للزوار من الخليج والمحافظات العراقية، الا يستأجرون في الفنادق لان "ابواب منازلنا مفتوحة".