شفق نيوز/ سلط موقع "دوتشيه فيله" الالماني الضوء على الحسرة التي تسود في العراق جراء عدم قدرته خلال السنوات الماضية، على خوض مبارياته الكروية في ملاعب العراق، وهو استياء تفاقم الان بعد قرار "الفيفا" الاخير بنقل مبارة المنتخب الى السعودية في اطار تصفيات كاس العالم.
وتحت عنوان "كرة القدم العراقية ما تزال تكافح من اجل التخلص من من صورة انعدام الامن"، لفت تقرير للموقع الالماني، ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن كرة القدم هي الرياضة الاكثر شعبية في العراق وقد استطاعت أن توحد مختلف مناطق البلاد، حيث كان المشجعون تواقون لمشاهدة اول مباراة دولية على ارضهم منذ اكثر من عقد من الزمن، لكن آمالهم تلاشت.
واستعاد التقرير الالماني جانباً من تاريخ كرة القدم في العراق، مشيراً إلى أن البلد كان معتاداً على فكرة أنه لا يستطيع استضافة مباريات كرة القدم الدولية، حيث تسببت الحرب الايرانية العراقية خلال الثمانينيات، ثم حرب الخليج الاولى، والغزو بقيادة الولايات المتحدة في العام 2003، وما تلاه من الاضطرابات، في موقف من اتحاد "الفيفا" يقضي بان يلعب العراق مبارياته المقررة على ارضه، في بلدان ثالثة مثل الاردن او قطر.
إلا أنه في ظل تحسن الوضع الامني خلال السنوات الماضية، ذكر التقرير الالماني انه سادت الفرحة في شباط/فبراير الماضي عندما اعلن الاتحاد العراقي لكرة القدم ان "الفيفا" قد أجاز لبغداد ان تستضيف مباراتها ضمن تصفيات كاس العالم ضد منتخب الامارات في 24 مارس/اذار لتكون بذلك اول مباراة من نوعها تستضيفها بغداد منذ العام 2001.
وتابع التقرير بانه قبل خمسة ايام من موعد المباراة، اعلن "الفيفا" انه تم نقل المباراة الى الرياض، وذلك بعد ايام على الهجوم الصاروخي الايراني على مدينة اربيل في اقليم كوردستان.
اولويات مختلفة
ونقل التقرير عن الخبير في سياسات كرة القدم في الشرق الاوسط في كلية "اس. راجاراتنام" للدراسات الدولية في جامعة "نانيانغ" للتكنولوجيا في سنغافورة "جيمس دورسي" قوله، إن لدى العراق و"الفيفا" تباين في الاولويات.
وبحسب "دورسي"، فأن لدى العراق مصلحة في اللعب على ارضه لاسباب تتعلق بكرة القدم، وان الامر يتعلق ايضاً بتخطي الصورة السائدة عنه دولياً بانه ارض نزاع، وبالتالي فان استضافة تصفيات كاس العالم بمثابة مؤشر على ذلك.
واوضح ان "هذا هو ما يثير اهتمام العراق، لكن "الفيفا" ليس على نفس السياق، مضيفاً ان حالة من الصدمة والغضب ظهرت في العراق بعد قرار نقل المباراة، ونقل عن لاعب خط الوسط احمد ياسين قوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي ان "كرة القدم تمارس في جميع انحاء البلد من دون اي مشاكل على الاطلاق، وهذا الحظر لا معنى له. الى متى علينا الانتظار؟".
كما احتج المشجعون العراقيون خلال جلسات تدريب المنتخب الوطني ، واطلقوا حملة على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام هاشتاغ #FootballinBaghdad.
وبحسب مسؤول في الاتحاد العراقي لكرة القدم فأن الطرف العراقي حاول اقناع "الفيفا" بتغيير قراره ولكن دون جدوى.
وتابع التقرير، أن دورسي يستعرض الجانبين المختلفين من القضية، موضحاً أن "العراق بلد من غير المرجح ان يحدث فيه شيء ما، لكنه أيضاً بلد يتم اطلاق الصواريخ فيه. هذا لن يكون مصدر قلق اذا ذهبت الى باريس مثلا"، واضاف ان "الفيفا ربما يكون بالغ بموقفه، لكن من الصعب التعامل معه".
اسباب كرة القدم
وذكر التقرير انه بغض النظر عن المباراة التي اقيمت في مدينة اربيل ضد الاردن في العام 2011، والمبارة التي اقيمت في البصرة ضد هونغ كونغ العام 2019، فان "محاولات العراق للتأهل لكأس العالم لاول مرة منذ ظهوره الاول في العام 1986، تضررت بدرجة كبيرة بسبب عدم تمكنه من اللعب على ارضه".
وبعدما اشار التقرير إلى أن الاتحاد العراقي عين في تموز/يوليو العام 2021 ، المدرب ديك ادفوكات الذي يعتقد ان لعب المباريات في قطر، اعاق بشكل كبير المنتخب العراقي في مواجهاته الكروية. ونقل التقرير عنه قوله، إن "الجميع يعلمون انك بحاجة الى تقديم اداء جيد على ارضك لكي تتأهل الى كاس العالم، الا انه من الصعب على العراق تحقيق ذلك".
وأوضح ادفوكات أن منتخبات مثل كوريا الجنوبية وايران لديها حشود جماهيرية ضخمة تدعمها في سيول وطهران، وهذا يخلق فرقا كبيرا، وانه "اذا توفر للعراق الامر نفسه في بغداد، فسيكونون مجموعة قوية، لان لديهم بعض اللاعبين الموهوبين".
واشار التقرير الى ان من خلال التصفيات، فأن العراق جاء متأخراً كثيرا خلف ايران وكوريا الجنوبية، وجمع خمس نقاط فقط من ثماني مباريات، مضيفاً أنه لو كان الفريق العراقي بمقدوره اللعب امام 30 الف مشجع متحمس في بغداد، لكان من المحتمل ان يكون أحد او اثنين من هذه التعادلات الخمسة انتصارات، وهو ما كان سيمنحه فرصة اكبر لاحتلال المركز الثالث في المجموعة والدخول لاحقا في طريق "البلاي اوف" الذي قد يوصله الى نهائيات كاس العالم.
بداية جديدة للعراق
وقال التقرير الالماني إن المسؤولين والمشجعين واللاعبين في العراق يؤكدون ان الامور على ما يرام، ونقل عن احد اللاعبين قوله "نعلم جميعا الوضع في الماضي، لكن الفيفا ما يزال يتخذ القرارات بناء على الماضي وليس بناء على الحاضر".
وقارن اللاعب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، بين هجمات اربيل الاخيرة، التي افادت تقارير بانها اوقعت جريحا مدنيا واحدا ولم تسفر عن اي قتلى، مع الهجمات الصاروخية التي وقعت في كانون الثاني/ يناير على ابو ظبي والتي اسفرت عن مقتل ثلاثة اشخاص، مضيفا انه برغم ذلك فان "الامارات ما زالت تلعب على ارضها، ولا يوجد حتى نقاش حولها".
وختم التقرير بالقول ان كرة القدم العراقية تأمل بحدوث بداية عهد جديد لا تكون بعيدة، لكن المسألة ليست بين ايديهم، واشار دورسي الى انه "ستستغرق المسألة ما تتطلبه من وقت".